من الآخر احنا عايشين فى تمثيلية كبيرة. كله بيمثل على كله. سنويًا تمر علينا أعياد ومناسبات نحرص دائمًا على الاحتفال بها، واحنا بصراحة مالناش أى علاقة بيها ولا تمت للواقع بصلة. خد عندك قايمة طويلة من الاحتفالات شىء يوم المرأة ويوم الفلاح ويوم المعلم وعيد الفن وعيد تحرير سينا وعيد العمال. تقدر حضرتك تقوللى إيه أهمية احتفالنا بيوم المرأة وعلى أساس إيه، وهى تعانى طول السنة من ظلم واضطهاد وتحرش ولسه فى ناس لا تعترف أنها أنجبت إلا لما تجيب الولد. ولا الاحتفال بيوم المعلم تقدر تقولى حضرتك إيه هى مكانة المعلم فى مجتمعنا. للأسف لا هو يحترم مهنته ولا الطالب يحترمه. لما يغيب ضمير المدرس فى الفصل وما يطلعش ضميره إلا فى الدرس الخصوصى، لما المدرس يضرب صحوبية مع التلميذ ويتجرأ علية تلميذة لدرجة أنه ممكن يضرب أستاذه ويقتله كمان. ولا الفلاح المطحون اللى لا عاد متهنى ولا مرتاح ودايخ السبع دوخات على الكيماوى والسماد ومطارد بديون وفوايد بنك الائتمان الزراعى، وفى الآخر ما يعرفش يبيع زرعة ولا يلاقى مظلة تحميه، وتوفر له حياة كريمة. ولا عيد الفن اللى فرحنا قوى لما احتفل به رئيس الجمهورية هذا العام، بعد غياب سنوات. يا سلام على الفن وسنينه مع إبداعات السبكى وتفانين أوكا وأورتيجا، وتألق سما المصرى وصافيناز، والله عيب علينا. ونيجى بقى ليوم من أعظم أيامنا حقًا، وهو تحرير سينا هذه الذكرى العظيمة لاستعادة آخر شبر من أرض سيناء الطاهرة، فبقدر فخرنا بهذا اليوم بقدر الألم والحسرة على حال سيناء، الذى لم يتقدم خطوة واحدة من بعد رجوعها لينا. بل سكنها الإرهاب وعشش بها تجار المخدرات والسلاح والخارجين على القانون ولم ينل أهلها سوى الجحود والنكران والمعاملة، وكأنهم مواطنون درجة ثانية. واكتفينا بالاحتفالات والأوبريتات والأغانى وسينا رجعت كاملة لينا ومصر اليوم فى عيد. أما عيد العمال اللى بنحتفل به هذه الأيام نفسى أعرف بأمارة إيه والعمال حالهم لا يسر عدو ولا حبيب من أيام المنحة يا ريس واللى كانت فى حقيقتها محنة ويصحبها ارتفاع جنونى فى الأسعار وحتى خصخصة شركات القطاع العام، وتسريح وتشريد الآلاف من العمال والمعاش المبكر الإجبارى وضياع حقوق الملايين، ولسه برضو بنحتفل ب"عيد" العمال. حقيقة أنا لست من دعاة التشاؤم ولا من اللى شايفين نص الكوباية الفاضى فقط. ولا غاوية نكد وباكره الاحتفالات -لا سمح الله - بس على الأقل الاحتفال يكون بعد أى إنجاز أى شىء على أرض الواقع مش من باب التفاريح والأونطة والتذكرة وخلاص. كفانا احتفالات مزيفة وكفانا تطبيل وتهليل على لا شىء وكفانا ضجيجا بلا طحين. مصر بعد ثورتين لا بد أن يحدث بها اختلاف حقيقى على كافة المستويات، يجب أن تحتفل بجد بانجازاتها فى كل المجالات والرئيس القادم عليه أن يعى هذا جيدًا وألا تبقى الثورة هى كمان " أونطة " من عينة الاحتفالات إياها.