حينما نتحدث عن النظام الأسبق نظام الرئيس مبارك، نجد أن هناك شخصيات كانت ولا تزال تعمل بجد من أجل هذا الوطن، وعلى الرغم من بعض الخلافات التى ربما نضعها حول الرئيس الأسبق وحول فترة حكمه ومدى الانتشار الجم للفساد الذى طوق أغلب مؤسسات الدولة، لكن كان هناك شخصيات فريدة الفكر والتعامل وثابتة القيم. أحمد أبو الغيط هذا السياسى الدبلوماسى المحنك والمخضرم، صاحب السيرة الذاتية الحافلة بالمناصب الهامة منذ عام 1968 وحتى عام 2011، وربما لا يتسع المقال لذكر تلك المناصب لكن أهمها: عين مستشاراً بمكتب رئيس الجمهورية للأمن القومى عام 1972 وسفيراً لمصر لدى إيطاليا عام 1992 ومندوب مصر الدائم لدى الأممالمتحدة عام 1999 ووزيراً للخارجية عام 2004 حتى 2011. أحمد أبو الغيط حينما ترك مهام منصبه فى مارس 2011 جلس ليكتب الكتابين المهمين واللذين سيعود إليهما المؤرخون كتابة عن هذه الحقبة من تاريخ الوطن وهما كتاب "شهادتى" و"شاهد على الحرب والسلام". وعندما أقرأ فى هذه الكتب أجد أنه دائماً يُلقى الألفاظ والعبارات المُغلفة، صحيح أنه يضع الكثير من الخبايا والأسرار لكنه يتعمد أن يقتطع جملاً وعبارات هامة معللاً أن ذكر أياً منها يمس بالأمن القومى المصرى، ويظل محتفظاً هو باللفظ المغلف والذى أعتقد أنه بعد مضى السنين قدماً سنكتشف أنه لم يكن مغلفاً ولكن نظراً لغياب بعض المعلومات عنا الآن سنفكر كثيراً فيها، ولا عجب فتلك هى الدبلوماسية وهؤلاء هم رجالها. أحمد أبو الغيط من الدبلوماسيين القلائل الذين يجمعون بين الدبلوماسية والمكاشفة، ولا يأتلى جهداً فى كشف الحقائق متى سمحت الفرصة لذالك وتحديداً أثناء لقاءاته التليفزيونية التى أنحى فيها الريموت جانباً لأسجل وأدقق فيما يزج هو به من كواليس آن الأوان للشعب أن يعلمها. أحمد أبو الغيط هو الدبلوماسى الهادئ والجاد فى نفس الوقت، وأتذكر من هدوءه وجديته حينما حذر حماس من الرد الإسرائيلى الجارف على غزة، والذى قابلته حماس بمحمل من اللامبالاة، وقام هو بسرعة بعقد لقاء مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية ليفنى ليحذرها من خطورة ما سيقومون به، متجاهلاً هو أيضاً حماس التى لم تركن لتحذيره وكانت هى الأولى فى دفع الثمن وربما قلدته جماعة الإخوان بعدها فى أسلوبه فى الدفاع والتحذير لقطاع غزة من البطش الإسرائيلى الذى يهدد دوماً بالترهيب وزعزعة الأمن. أحمد أبو الغيط لن أوفيه حقه فى مقال، لكن هو شخصية فريدة يجب أن نقف حولها بالمزيد من الدراسة، وأقول للشباب ليس كل نظام مبارك هو فاسد ولكن هناك أشخاص حملت على أكتافها مهام جسام فى سبيل إعلاء كلمة هذا الوطن خفاقةً عالية. وأدعو السيد أحمد أبو الغيط لكتابة المزيد من الكتب وعمل العديد من الحوارات التليفزيونية بصراحته المعهودة وأسلوبه الفذ والفريد حتى يتوج أرشيفه وروداً وتأريخاً ولكى يستفيد الجميع وخاصة الشباب.