هى نصف العالم، والمسؤولة عن النصف الآخر، سماها الإله «حواء»، وتقلدت الملك فى مصر القديمة، كما حدث مع «حتشبسوت»، رفعت اسم مصر عاليًا فى علوم ورياضات مختلفة، فكان اسمها «سميرة موسى» و«رانيا علوانى»، ووقفت بجوار زوجها فأعلت من شأنه فكانت «صفية زغلول»، ووقفت أخرى فأودت به إلى السجن فكانت «سوزان مبارك»، خرج إليها صنف من الرجال فكانت «كاميليا شحاتة»، وهربت منهم فكانت «ماريا القبطية»، كانت منصفة للشر وسميت «باكينام الشرقاوى»، ووقفت بجوار الحق رغم سنها فكانت «ميرفت التلاوى»، أقامت صالونًا ثقافيًا فكانت «مى زيادة»، وكتبت بجرأة فكانت «فاطمة ناعوت» و«عايدة سيف الدولة»، وأقامت مجلة عرفت باسمها وكانت «روز اليوسف» وعرفت بلقبها فكانت «بنت الشاطئ»، وهاجموها لنشاطها السياسى فكانت «منى سيف» و«هالة شكر الله». شاركت المرأة المصرية فى صناعة الثورة فى 25 يناير وفى 30 يونيو.. لا يغفل المصريون دور المرأة المصرية التى شاركت بقوة فى صنع حاضر وتاريخ الشعب المصرى، فى عام 1919 خرجت أولى المظاهرات النسائية إلى الشارع، وفى عام 1928 قامت الطالبات بتسجيل أسمائهن للمرة الأولى فى جامعة القاهرة، وتمثلت طلباتهن آنذاك فى حق المرأة فى التعليم، وتحسين أوضاعها الاجتماعية، ورفع سن الزواج إلى 16 عامًا على الأقل، وإلغاء تعدد الزوجات، وإعطائها حق الانتخاب. فى عام 1923 قامت هدى شعراوى بخلع حجابها احتجاجًا منها على الهياكل الاجتماعية التى تمنع المرأة من ممارسة الحياة العامة، وعندما قامت الشابات فى السبعينيات بارتداء الحجاب مجددًا كان ذلك أيضًا تعبيرًا عن الاحتجاج ضد مجتمع سمح بسيطرة الفكر الغربى عليه من الناحيتين الثقافية والسياسية. كانت المرأة المصرية دائمًا عاملًا أساسيًا فى الواقع المصرى، فالأسباب الاقتصادية كانت هى الدافع الرئيسى لخروجهن للعمل على نحو متزايد فى السنوات الأخيرة، ووفقًا للإحصاءات الرسمية تمثل النساء نحو %15 من إجمالى العاملين فى البلاد، ولا تتضمن هذه الإحصاءات عمل المرأة بدون أجر فى قطاع الزراعة، أو فى قطاع الخدمات غير الرسمية، وقد أصبح عمل المرأة حتى فى الطبقات الاجتماعية السفلى بالمدن مقبولًا، حيث ظل لفترة طويلة وصمة عار، وإهانة للرجل بصفته العائل الوحيد. أولت الدولة اهتمامًا خاصًا بالمرأة فى أعقاب ثورة 30 يونيو، وتم تعيين سكينة فؤاد مستشارًا رئيس الجمهورية لشؤون المرأة، بالإضافة إلى أن الدستور الجديد الذى تم الاستفتاء عليه يمنح المرأة مزايا عديدة، ويؤكد أنها شريك أساسى فى المجتمع والعملية الديمقراطية، ويحقق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، واتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسبًا فى المجالس النيابية، وحقها فى تولى وظائف الإدارة العليا فى الدولة، والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها، والتزام الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف. كما ظهرت وفود نسائية تمثل مصر من الجمعيات النسائية الأهلية، والمجلس القومى للمرأة، والاتحاد النوعى لنساء مصر، فى محافل دولية، خلال المرحلة الحالية، فى إطار مشاركة المرأة المصرية وتمكينها لإيصال صوتها للمجتمع الدولى، وللحديث عن الدستور الجديد الذى منح المرأة المصرية حقوقها كاملة. شاركت المرأة بقوة فى عملية الاستفتاء الأخيرة يومى 14/15 يناير 2014، وقامت بدور تفاعلى فى المجتمع حتى تمكنت من القيام بدورها بثقة، وشعور عميق بأهمية ما تقوم به لوطنها، ووقفت بقوة مع دستورها الجديد الذى تمت صياغته على هذا النحو المنصف لحق المرأة فى ممارسة دورها على قدم المساواة مع الرجل. وأذهلت المرأة المصرية العالم كله فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وأذهلته فى يومى 3 يوليو و26 يوليو كذلك، وفى استفتاء الدستور، وقد حرص الإعلام الوطنى على التركيز على التوعية بالدستور الجديد من خلال المناقشة والحوار المجتمعى فى وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، والتأكيد على أن صوت المواطن أمانة، وله دور فاعل فى رسم مستقبل مصر، وتعريف الجمهور المصرى بحقوقه وواجباته تجاه عملية الاستفتاء، والتأكيد على المشاركة الإيجابية. ولأول مرة فى تاريخ القوات المسلحة المصرية خرج المتحدث العسكرى، العقيد أركان حرب أحمد محمد على، فى بيان رسمى للجيش المصرى قال فيه إن مشاهد اليومين الخالدين تشير بوضوح إلى دلالات حاسمة؛ فمشهد المرأة المصرية جدة وأمًا وابنة سيظل فى التاريخ رمزًا على وعى المرأة المصرية، وتحديها الجسور لكل محاولات الظلاميين حرمانها من دورها عبر التاريخ فى العمل والنضال والمشاركة فى صنع المستقبل، وإن مشاهد الآباء والأجداد لهى رمز مؤثر مبين ومشع بالحكمة المستنيرة، وكأنه توصية للأجيال الجديدة، أن احذروا واعملوا وكونوا أفضل منا وعيًا واستنارة وجسارة، وإن مشاهد الشباب لهى رمز واضح على مصر الشابة القوية التى تصنع مستقبلها بسواعدهم الفتية. من جانبها قالت الدكتور كريمة الحفناوى، الأمين العام للحزب الاشتراكى، القيادية بجبهة الإنقاذ، إن اليوم العالمى يرجع بالأساس إلى نضال سيدات فى نيويورك لتحسين شروط العمل، وبعد نضال طويل اعترفت الأممالمتحدة به كيوم عالمى للاحتفال بها، تقديرًا لنضالها لنيل حقوقها المشروعة. وأضافت «الحفناوى» أن المرأة المصرية لم تكن أقل نضالًا، ولم تتخلَ يومًا عن النضال الوطنى، ولم تكن فى معزل عنه، منذ بدايات القرن الماضى، وتحديدًا فى أثناء تقدمها الصفوف فى ثورة 1919، بالإضافة إلى تأسيسها أول اتحاد نسائى بتاريخ 1924، وذلك اعتراضًا على إهدار حقوق المرأة فى دستور 1923 الذى لم يتضمن الحديث عن حقها فى التعليم والترشح للانتخابات. وأشارت «الحفناوى» إلى أنه فى ثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو كانت المرأة مشاركة بقوة، خاصة فى ثورة 30 يونيو التى كانت عاملًا رئيسيًا فى نجاحها، وانتهت بسقوط دولة الإخوان. وتابعت «الحفناوى»: إن المرأة لم يقتصر نضالها عند النجاح فى رحيل الإخوان، إنما جاهدت للحصول على مكتسبات كبيرة فى دستور 2013 مقارنة بدستور 2012 الذى أغفل ذكر أى حقوق لها، وهو ما يتحقق فى المادة 11 من الدستور الحالى التى ألزمت الدولة بحماية المرأة من العنف والتمييز، وبالمشاركة السياسية بقوة. وعن التحديات التى تنتظر المرأة قالت «الحفناوى»: رغم المكاسب التى تحققت، تظل مشكلة التمثيل النيابى القوى للمرأة تحديًا كبيرًا نعمل على تحقيقه بالمشاركة فى لجنة الحقوق السياسية التى تشرع القوانين الخاصة بالانتخابات، بالإضافة إلى مناهضة بعض المفاهيم المغلوطة التى تسللت إلى المجتمع المصرى خلال فترة حكم الإخوان بالتستر باسم الدين على غير الحقيقة، وهو ما يحتاج إلى ثورة ثقافية تتضافر فيها الجهود من أجل تحقيقها.