سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأحمر..مصر العاشقة والمثيرة.. والشهيدة والمغدورة والمغتصبة.. والمزنوقة فى الإشارة.. والمصابة فى الاشتباكات وحوادث الطرق لكنها لا تعرف «الخطوط الحمراء»
فى «بالتة» ألوان حياتنا، يحتل الأحمر مساحة كبيرة بعد انتشار حوادث العنف والدم التى تفجعنا كل يوم بنقطة حمراء جديدة تسيل من جسد الوطن الذى ينزف بلا توقف منذ سنوات، وبرغم المدلولات العديدة التى يرمز إليها باللون الأحمر فى حياة المصريين كالنادى الأهلى وعلم مصر والفالنتين بدباديبه ووروده الحمراء فإن أحمر الدم طغى فى الآونة الأخيرة على كل هذه المدلولات بعد دوران عداد القتلى والشهداء بسرعة فائقة دون أن يرتدى أحد من القتلة «بذلة الإعدام الحمراء» للقصاص لشهداء الوطن منهم. من بين كل الألوان له قدرة كبيرة على استيعاب حالاتنا المزاجية المتغيرة، فيمكنه أن يعبر عن الحب بوردة متفتحة أو يعبر عن التوعد والغضب فى جملة مفيدة «هوريك العين الحمراء» أو التهديد ب«كارت أحمر»، ويمكن له أن يستخدم كسلاح نشهره للسخرية والاستهزاء بكلمة واحدة تحمل كثيرا من المعانى «حمراااااا»، ويمكنه أيضا أن يمثل جرس إنذار بعدم الاقتراب حين يتحول إلى «خط أحمر» وما أكثر الخطوط الحمراء فى حياتنا. من أحمر الحب إلى أحمر الدم.. يا قلبى «احزن» كثيرًا ما يحدث فى «أم الدنيا» أن يتحول فرح إلى مأتم، وتغدو احتفالية مأساة، ولذلك لا عجب أن يتغير مدلول الأحمر فى أذهاننا من لون العشق إلى لون الموت والدماء التى أغرقت شوارع المحروسة. نذكر من هذه الكوارث التى أنكرت علينا الفرحة تحول احتفالات رأس السنة الميلادية فى كنيسة القديسين عام 2011 إلى تفجير راح ضحيته ما لا يقل عن 23 مواطنا مسيحيا، لتكرر مأساة رفاق الوطن فى العام الماضى خلال احتفالهم بزفاف عروسين داخل كنيسة العذراء بمنطقة الوراق يوم 20 أكتوبر 2013 بعد ظهور مسلحين يركبان دراجة بخارية ويحملان أسلحة آلية، أطلقا الرصاص بطريقة عشوائية على الموجودين، وهو ما أدى لتحول كثير من «المعازيم» إلى «أموات» من بينهم الطفلتان مريم نبيل ومريم أشرف. مشجعو الكرة لم يسلموا من مصير مشابه، ففى فبراير 2012 ذهبوا يشجعون فريق «الفانلة الحمراء» فى ستاد بورسعيد، قطعوا الطريق الطويل مدفوعين بحبهم لناديهم وعادوا محمولين على الأكتاف بعد أن تلوثت تيشيرتاتهم الحمراء بلون حبهم للأهلى بأحمر الدماء والغدر وسقط منهم 72 شهيدًا. فى عيد الحب العام الماضى تحديدا فى 14 فبراير 2013 لم يهنأ العشاق بعيد الحب وتحول «الفالنتين» إلى يوم آخر من المظاهرات والاشتباكات والقتلى تتلون فيه الشوارع بالأحمر كعادة الفالنتين ولكن ليس بالهدايا والدباديب والورود الحمراء هذه المرة! ليست هذه الحوادث مجرد استثناءات، فيوما بعد يوم تتحول أفراحنا إلى أطراح ويغيب أحمر الحب عن أذهاننا ليحل محله أحمر الدم الذى نراه كل يوم على الشاشات، ونتعثر به فى الشوارع والميادين وأيام الجمعة من كل أسبوع التى تحولت من أيام عطلة للتتنزه والاستمتاع وبداية الأسبوع الجديد بروح متفائلة ونشيطة إلى يوم للخمول فى المنزل خوفا من التظاهرات أو يوم مناسب للموت. حمرا.. مفيش حاجة اسمها ممنوعات ولا تابوهات ولا متعديش الخط.. إحنا اللى قلنا «لأ» لما أجبرونا نقول: «آه» «الدين.. السياسة.. الجنس»، أشهر 3 تابوهات أو خطوط حمراء معروفة، ولكن هذه التابوهات تغيرت فى حياة المصريين، فأصبحت السياسة مجالاً لحديث كل الناس وليست مقتصرة على رجال السياسة فقط، وهذا ما كفلته لنا أحداث ثورة 25 يناير، فأصبح العامة الآن يتحدثون فى السياسة. السخرية من الرموز السياسية وخاصة شخصية رئيس الجمهورية كانت تمثل «تابوهاً» فى حياة المصريين، إلا أن الثورة حولته إلى شىء يمكن الحديث فيه، فأصبح الشعب بقدرته أن يغير رئيس الجمهورية بنفسه. ولا يزال «الدين» أحد الخطوط الحمراء التى لا يستطيع المصريون التعدى عليها، خاصة أننا شعب معروف بتدينه، وهو ما جعل أى شخص لا يستطيع أن يتحدث أو يجادل فى أمور الدين.. «الجنس» أيضًا من الخطوط الحمراء فى حياتنا، فلا يزال من التابوهات فى حياتنا. «الخط الأحمر» أصبح ثقافة جديدة فى حياتنا، فكل شىء يمكن السكوت عنه وعدم الخوض فيه أو الاقتراب منه، وهو ما جعل هذا المصطلح سمعته سيئة عند كثير من المصريين لأنه سلبهم حقوقهم الأساسية. بدل الدموع دم.. جيل بدل ما يرقص فى أفراح أصحابه عيط فى جنازاتهم فى السنوات الأخيرة لم نعد نشترى الورود فى المناسبات السعيدة بقدر ما نذهب بها إلى المقابر لنزور أصدقاءنا وأحبابنا الذين فارقونا وهم فى عمر الزهور، حتى أصبح الشباب يتندر فى سخرية مؤلمة بأنه جيل حضر جنازات أصدقائه أكثر ما حضر أفراحهم. فأيا كان انتماؤك السياسى فستجد فى قائمة أصدقائك واحدا أو أكثر أخذه الموت الأحمر عن عالمنا وهو لا يزال فى عز شبابه، ليس هناك بداية لقائمة الشهداء فلم يكن أولهم خالد سعيد كما ليس لهم آخر، فعداد الشهداء يدور بسرعة مفزعة نجد معها صعوبة فى عمل لوحة شرف تسعهم جميعا وليس فى وسعنا سوى أن نهدى لهم زهورا حمراء بلون دمائهم التى سالت وبلون حبنا لمن ضحوا من أجل أن نعيش وماتو من أجل مبدأ اتفقنا أو اختلفنا معه، رحم الله «سالى زهران وكريم بنونة ومينا دانيال ورامى الشرقاوى ومحمد الجندى وجيكا وكريستى ومحمد الشافعى والحسينى أبو ضيف وأسماء البلتاجى وسيد وزة». كارت أحمر.. من التعبير عن العشق والحب إلى التوعد والتهديد والطرد كثيرا ما يستخدم المصريون «الأحمر» لتكوين جملة مفيدة بمدلولات مختلفة حسب رمزيته فى كل مرة، فحين يسبق اللون الأحمر كلمة «خط» فى تعبيراتهم يقصدون بذلك أنك تجاوزت الحدود، وتكون «خط أحمر» جملة تحذيرية لتتوقف مكانك مثلما يجب أن تفعل حين ترى إشارة المرور تحولت إلى الأحمر، فاستكمال السير هنا «خطر» وما أكثر الخطوط الحمراء فى حياة المصريين، ويترجم هذا الخطر حين تعطى لشخص ما «كارت أحمر» فى إشارة لخروجه من اللعبة أيا كانت. أما «العين الحمراء» فتستخدم للدلالة على الغضب، وأن تتوعد شخصا قائلا «هوريك العين الحمرا» أو قد يرمز للتعبير عن عدم الخوف بأن «تقول للغولة عينك حمرا» دون أن تخشى عواقب فعلتك، وكثيرا ما يستخدم المصريون الكلمة الأخيرة من الجملة بمفردها «حمرااا» وهى تحمل الكثير من المعانى الاعتراضية والاستهزائية الساخرة. ويمكن أن يستخدم الأحمر لدواعى الدعابة الثقيلة فى جملة كثيرا ما يتراشق بها الأصدقاء أو تؤنب بها أم وليدها قائلة «أحمر منك مفيش» وتقصد هنا نعته بالغباء، فيما «ترمز اللمبة الحمراء أو الليلة الحمراء» إلى مدلولات يعرفها جيدا المتزوجون. كما تستخدم مصطلحات الأحمر كثيرا فى عالم الماكياج لداوعى الزينة فى «أحمر الشفاه» و«أحمر الخدود». الحوادث فى حياة المصريين.. من قطارات الموت لموقعة الجمل وجرائم القتل المفزعة.. «الدم كله حرام» دماء على كراسى استاد بورسعيد فى حدث لم يشهده المصريون من قبل، ودماء المصريين التى سالت ومازالت تسيل فى قطارات الموت.. الدماء ولونها الأحمر أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة المصريين فى وقتنا الحالى الذى أصبح رمزًا للدم والموت بدلاً من رمز الحب. «دم المصرى أصبح رخيصا وبلا ثمن»، جملة شائعة أصبحنا نقولها دائماً، من تكرار حوادث الدم وإهدار دماء المصريين فى أشياء كثيرة لا ذنب لهم فيها من حوادث، بسبب إهمال الحكومة أو عدم تقدير بلدنا لنا فى الخارج. حوادث كثيرة شهدها المصريون فى الفترة الأخيرة منها: موقعة الجمل التى وقعت أثناء ثورة 25 يناير، عبارة السلام 98 التى غرق فيها 1000 مصرى، وكذلك حوادث القطارات المتكررة وآخرها حادث قطار دهشور فى شهر نوفمبر 2013 والتى راح ضحيتها 27 شخصا بعد اصطدام قطار بسيارتين. خبراء الألوان: ياللى بتحبوا الأحمر انتو حيويين ومتدفقين وشجعان و«سو سكسى» اللون الأحمر له رمزية معينة فى حياة المصريين، فهو يرمز إلى الحب والعاطفة والقوة، وتقول سحر الهاشمى، خبيرة علم الطاقة والألوان، إن الأحمر يرمز لدى المصريين إلى الحب والانتماء والقوة والعاطفة والإثارة والدم والحرب. وتشير إلى أن اللون الأحمر لم يتحول من كونه رمزاً للحب إلى رمز للدم فى حياة المصريين، فقد كان رمزاً للدم والحب منذ بداية الحياة والبشرية، فقد كان رمز الدم منذ قتل قابيل لأخيه هابيل، وكان أيضًا رمزًا للحب حتى الآن. وتشير إلى أن الذين يحبون اللون الأحمر هم الناس الذين يتصفون بالحزم والحيوية الدافقة والقوة والشجاعة وحب المغامرة وحب الآخرين وعشق الإثارة، يهتم بالجانب الحسى أكثر من المعنوى، تتميز هذه الشخصية بحب الحياة وخوض المغامرات وتتمتع بالطاقة والنشاط الدائم. وتوضح أن اللون الأحمر ينشط الذاكرة. ليه علم مصر فيه أحمر؟.. تقديساً لدماء الشهداء والفالنتاين وإشارة المرور المقفولة اللون الأحمر نبض حياة المصريين من فانلة النادى الأهلى وعلم مصر ومؤشر البورصة، «فانلة النادى الأهلى.. الفالنتاين.. علم مصر.. انخفاض مؤشر البورصة.. إشارة المرور الحمراء.. بدلة الإعدام».. نماذج لأشياء كثيرة باللون الأحمر تحمل بين يديها رمز الحياة للمصريين. ارتبط اللون الأحمر فى أذهاننا بلون فانلة النادى الأهلى، واستمد هذا اللون منذ تأسيسه فى عام 1907، من علم مصر فى عهد الاحتلال العثمانى والذى كان لونه أحمر ويتوسطه هلال ونجمة، وهناك رواية أخرى أن اختياره فى إشارة إلى لون الطربوش الذى كان يرتديه الباشاوات والبكوات والأفندية، ولأنه كان يوضع على الرؤوس فاختير كرمز للسمو والعلو. ويرتبط المصريون أيضا بلون السهم الأحمر الذى يدل على انخفاض مؤشرات البورصة، ففيه ترتبط حياتهم وأعمالهم، ويخاف المصريون من أن يتحول سهم البورصة للأحمر حتى لا تتراجع أسهمهم. علم مصر يرتبط أيضًا باللون الأحمر، فهو يتكون من 3 ألوان هى الأحمر، الأبيض، الأسود، ويرمز الأحمر فيه إلى دماء الشهداء، بينما يرمز الأبيض إلى السلام والازدهار، والأسود يرمز إلى عصور الاستعمار لمصر، والنسر رمز لقوة مصر وحضارتها. «الفالنتاين» أيضًا يرتبط فى أذهان المصريين باللون الأحمر، الذى يرمز للحب. كما يرتبط الأحمر بلون إشارة المرور ويرمز إلى توقف السيارة، بينما يرمز الكارت الأحمر فى المباريات إلى طرد اللاعب. عمر سليمان كاتم الأسرار يتحدث.. فى 18 نوفمبر 2013 وفى انفراد جديد على صفحات «اليوم السابع»، نشرت الزميلة إحسان السيد تفاصيل أخطر وأول تسجيل صوتى، لمدير جهاز المخابرات الأسبق، ونائب الرئيس الأول والأخير، لحسنى مبارك، اللواء الراحل، عمر سليمان، ويكشف التسجيل كواليس الأيام الأخيرة فى عمر نظام المخلوع، وكيف حاول الراحل، عمر سليمان نائب مبارك آنذاك إدارة الأزمة التى دكت أركان النظام، وتتضمن التسجيل، 120 دقيقة، من الأسرار التى يتم كشفها للمرة الأولى، والتى جرت فى اجتماع بقصر الرئاسة، بعد أيام من «موقعة الجمل»، وكيف حاول عمر سليمان، إدارة الأزمة التى دكت أركان نظام مبارك، ومخاوفه من الانفلات الأمنى، وتحذيراته من إجراء أى انتخابات قبل إعادة بناء جهاز الشرطة، فضلاً عن تأكيده قبول مبارك لكل مطالب ميدان التحرير، لكن المشكلة فى «ضيق الوقت»، بحسب ما قال خلال الاجتماع، السالف ذكره.