نشرت دورية "فورين أفيرز" الأمريكية، مقالاً تحت عنوان "السيسى الذى لا يقهر"، قال كاتباه إريك تراجر وجيلاد وينج، إن الصعود السريع لوزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسى من البيروقراطية العسكرية الغامضة ليصبح محبوبًا على الصعيد الوطنى إنما يعكس المزاج الشعبى لمصر، والتى ترغب فى الاستقرار فى شكل رجل قوى بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات السياسية المستمرة. وتضيف الصحيفة، لكن ظهوره أيضًا، يعكس مدى تقلب مزاج المصريين، حيث يمثل السيسى اختلافًا 180 درجة عن الرئيس السابق محمد مرسى، لذا فإنه لن يكون مفاجئًا لو تراجع تأييد المصريين للسيسى سريعًا بعد أن يفوز بالرئاسة، وقد تشهد مصر احتجاجات حاشدة، لاسيما فى ظل عدم إعلان رؤيته فى المشكلات العصيبة التى تواجهها مصر. إلا أن المجلة ترى أن هذا لا يعنى أن السيسى سيواجه نفس مصير مرسى، فحتى لو واجه احتجاجات، فإن هناك أسبابًا جيدة تدعو للاعتقاد بأنه سيستمر لفترة أطول من مرسى، وأكثر دوامًا من المرشحين المحتملين الآخرين للرئاسة. وتمضى المجلة قائلة، على الرغم من أن تأييد السيسى وشعبيته تأتى من دوره فى عزل مرسى، إلا أن وضعه كرجل دولة هو ما يجعل كثيرًا من المصريين يرغبون فيه رئيسًا لبلادهم، فباستثناء مرسى، كان كل رؤساء مصر منذ ثورة يوليو 1952 من الجيش أو القضاء، ومن أيدوا عزل مرسى يعزون فشل الأخير كرئيس إلى حقيقة أنه كان رجل الجماعة، أى الإخوان، ومع زيادة وتيرة العنف الآن وزيادة حدة الهجمات الإرهابية من سيناء والحملة المدعومة من الإخوان لاغتيال مسئولى الشرطة، فإن الشعب يدعو لأن يقوم رجل دولة باستعادة النظام. لكن حتى مع تأييد المصريين لرجال الدولة، فإن دعمهم لقادة الجيش ليس مستمرًا. ففى مارس الماضى ومع تراجع شعبية مرسى بحدة، كان 3% فقط من المصريين يرغبون فى أن يكون وزير الدفاع أو أى عسكرى آخر رئيسهم وفقًا لاستطلاع بصيرة. وربما تكون صور السيسى منتشرة، لكن دعمه ليس قويًا، فقد أشار استطلاع رأى لمركز ابن خلدون، إلى أن دعم ترشحه للرئاسة جاء بنسبة 54.7%، وهى ليست نسبة شعبية مرتفعة فى ضوء عدم وجود منافسين آخرين فى هذا الوقت، ونظرًا للتحديات السياسية والاقتصادية والأمنية الهائلة التى ستواجه السيسى عندما يصبح رئيسًا، لو تحولت المظاهرات الصغيرة المعادية للجيش إلى احتجاجات حاشدة فيما بعد. ورغم إغراء فكرة أن تلك الاحتجاجات قد تهدد سلطة السيسى، مثلما حدث مع مبارك ومرسى، إلا أن المظاهرات الحاشدة لم تكن وحدها السبب فى خلع الرجلين، فربما استطاع كلاهما البقاء فى السلطة لو لم تكن للمؤسسات المهمة أسبابها السياسية التى تدفعها للوقوف بجانب المتظاهرين، فمع مبارك، كان هناك مخاوف من توريث الحكم لنجله جمال، ومع مرسى كانت المخاوف تتعلق بأخونة الدولة، وهو ما أثار احتمالات انهيار الدولة ودفع إلى تدخل الجيش بعد أربعة أيام فقط من المظاهرات الحاشدة. لكن لو اندلعت مظاهرات ضد السيسى، فإن مؤسسات الدولة لن تستجيب لها على الأرجح بعزل الأخير لسببين؛ الأول أن الشرطة والقضاء متفقان فى رؤيتهما أن رئاسة السيسى حصن ضد الإخوان وخط الدفاع الأول ضد أى مسعى بقيادة الإخوان للانتقام. والسبب الثانى هو أن قادة الجيش والمخابرات يعتبرون السيسى نظيرًا لهم، فهو من نفس جيل معظم أعضاء المجلس العسكرى وعلاقاته الشخصية مع العديد من شخصياته الأكثر تأثيرًا تعود لعقود، فقد عمل السيسى مثلاً مع رئيس الأركان الفريق صدقى صبحى منذ أن كان كلاهما معا فى الأكاديمية الحربية فى السبعينيات، كما أن الكثير من القيادات العسكرية فى مصر الآن من الجنرالات الذين تم تعيينهم بعدما أصبح السيسى وزيرًا للدفاع.