دعا المستشرق الإيطالى "جويبى سكاتولين" إلى ضرورة قيام ثورة عميقة تبدأ من داخل كل إنسان خاصة الذين يدعون التدين، كما حث على الحوار بين الأديان واكتشاف البعد الجوهرى فى الإنسان عن طريق التصوف. جاء ذلك خلال مناقشة كتاب "تأملات فى التصوف والحوار الدينى"، للأب الدكتور جوزيبى سكاتولين، فى إطار سلسلة "كاتب وكتاب" ضمن فعاليات الدورة الخامسة والأربعين لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، وناقش الكتاب كل من الدكتور محمود عزب مستشار شيخ الأزهر لشئون الحوار، وجمال سيدبى وكيل كلية التربية بالسويس، وأدار الجلسة الدكتور مصطفى مكى. وقال مصطفى مكى، نحن الآن فى حاجة ماسة إلى تمثل الحوار واستعادة تراث التصوف، والذى يعتُبر نوعاً من استبطان البعد وجوهر ما هو دين، موضحًا أن التصوف يبرز الناحية الدينية، وأهمية الحوار الدينى وقيم التصوف الروحية بمشكلاته العديدة، مشيرًا إلى أنه إذا كان الكاتب إيطالى الجنسية فإننا ننازعه هذه الجنسية، موضحاً بأن سكاتولين عضو مراسل فى مجمع اللغة العربية فى القاهرة، ويُعتبر حلقة متواصلة فى سلسلة من المستشرقين الإيطاليين. وتابع "مكى" يكفى أن المستشرق عشق ابن الفارض الشاعر المصرى الأصيل وسلطان العاشقين، وعمل كأستاذ للتصوف الإسلامى بالمعهد البابوى للدرسات العربية والإسلامية بروما ودار كمبونى بالقاهرة، كما ألقى عدة محاضرات فى بلدان أجنبية وعربية. ومن جانبه قدم "سكاتولين"، شرحاً لكتابه، حيث أشار إلى أنه يدور حول محوريين أساسيين، وهما الحوار الدينى والحياة الروحية أو البعد الروحى الصوفى المتضمن فى كل الأديان العالمية. وأوضح "سكاتولين" أن الكتاب بمثابة تأملات، وأنها نتيجة لسنوات من الدراسات والتفكيير والتدبر والتجارب فى مجال الحوار والتصوف والعلاقة بينهما، وليست مجرد دراسات مصنوعة بين الكتب، وأن لهذه التأملات مصادر عديدة. وأوضح "سكاتولين" بأن الغرض الأساسى فى كل هذا السعى هو محاولة اكتشاف البعد الأساسى والجوهرى فى الإنسان، بعد إيجاد تشابهات عديدة عند مختلف الأديان والنظريات الفكرية فى كل الحضارات والأديان البشرية عبر التاريخ. وأشار "سكاتولين" إلى ضرورة أن تقوم ثورة عميقة تبدأ من داخل كل إنسان، وخاصة كل من يدعى التدين، مضيفًا، وهذه الثورة سميتها فى كتابى هذا ب"ثورة روحية ومتجددة"، تعمل على تحرر إنسانيتنا المعاصرة من تلك التبعية التاريخية الثقيلة من الصدامات والحروب. وأضاف كما أرجوا أن يجد القراء من شتى الانتماءات الدينية فى عملى المتواضع غذاءً روحياً وافراً ومادة فكريه مفيدة للتعمق فى حقيقة دينهم الخاص مع الانفتاح الواسع الرحب على الأبعاد الروحية المتواجدة فى سائر الأديان الأخرى. ومن جانبه لقب الدكتور محمود عزب، المستشرق ب"الشيخ يوسف" حيث قال بأنه صديق للأزهر، وقال: وإن كانت لى علاقة بالتصوف فقد عرفتها من خلال الشعر الصوفى وسلطان العاشقين. وأضاف "عزب" بأن مصر هى همنا الأول وعندما ترقى تهدأ المنطقة وتستقر البوصلة، أذكر بهذه اللوحة لأمير الشعراء أحمد شوقى "مصر هبة النيل"، وأن من لا يدرك هذه الحقيقة فلا علاقة له بمصر. وأشار "عزب" إلى أنه عرف صاحب هذا الكتاب من خلال الأب جورج شحاتة قنواتى، وأن كتاب الأب سكاتولين يهدف لثورة روحية متجددة، تتمثل فى التوبة والرجوع، وتجديد الإيمان والفكر وطاقات النور. كما أشار "عزب" إلى أنه بعد عودته إلى مصر اكتشف أن هناك أزمة فى لغة الإعلام، والتى تجنت على مستوى الفصحى فى مصر، موضحاً بأنه لا يريد من الصحفى أن يكون على مستوى الجاحظ، ولكن أن تكون لديه لغة صحيحة فى نقل أقل قدر من الكلمات وبلغة صحيحة. وأوضح "عزب" بأن الحوار ضرورى وأساسى، لأنه الوجه الآخر للإرادة الإلهية وهى الاختلاف، وأنه يتطلب عدة أساسيات غير متوافرة لنا لأننا عشنا ثلاثين عاماً فى جو يخلو من الحرية، ولابد أن يكون الطرفان لديهم الرغبة فى الاعتراف المتبادل. وقال الدكتور جمال سيدبى، أن هذا الكتاب يعبر عن نزاهة علمية، فهو من المؤلفات المهمة خاصة أن يتطرق لقضية ضرورية فى عالمنا المعاصر وهى قضية الحوار، ونحن نعيش فى مجتمع يعانى من غياب الحوار، وأن كل جزء من هذا المؤلف يحتاج للقاء منفصل، فما أحوجنا فى هذا المشهد الملتبس لكتابات بهذا الشكل.