مقدمة: حاولت أن ألتقط أنفاسى بعيدًا عن صناديق الاستفتاء بعد أن بح صوتى من تكرار أن المهم هو أن تكون لنا دولة، وأن نكون بأكبر قدر من الوعى، وأكبر قدرة على الاختلاف للتنوع فالتكافل، وأكبر مسئولية عن الإنتاج والإبداع، هربت خوفًا من التكرار والإلحاح، وإذا بى أكتشف أننى أعيش مآساتنا المعاصرة من قديم فى أول ما كتبت شعرًا بالفصحى أشرح من خلاله مسيرة الإنسان وهو يجمع واحديته، ويتفرق من فرط وحدته، ويقاوم جنونه -ما يحمل داخله من جنّة- فوجدت كما يقولون فى بلدنا "الحال من بعضه"، فقلت أنشره اليوم وغدًا حتى ينتهى الاستفتاء ثم نعود: قلت "سنة 1971" هل يعرف أحدكم ما يحمل داخله من جِنَّهْ؟ هل يقدرُ أىٌّ منكم أن يمضىَ وحدهْ؟ لا يذهبُ عقلُهْ؟ هل يعرف كيف يصارع قهرَ الناس؟ والحبُّ الصادق يملأ قلبهْ، كيف يروِّض ذاك الوحش الرابض فى أحشائهْ، دون تشوُّه؟ كيف يوائم بين الطفل وبين الكهل وبين اليافعْ، داخل ذاتهْ؟، كيف يحاول أن يصنع من أمس قاهرْ، قوة حاضرهِ المتوثب، نحو الإنسان الكامل؟. -2- هل يعرف أحدكم كيف يضل الإنسانْ؟ كيف يدافع عن نفسه، إذ يغلق عينيه وقلبه؟ إذ يقتل إحساسه؟ كيف يحاول بالحيلة تلو الأخرى أن يهرب من ذاته، ومن المعرفة الأخرى كيف يشوه وجه الفطرة، إذ يقتله الخوف؟ كيف يخادع أو يتراجح؟ وأخيرًا يفشل أن يطمس وجه الحق، إذ يظهرُ حتمًا خلف حطام الزيف؟. -3- ترتطم الأفلاكُ السبعة يأتى الصوتُ الآخرُ همسًا من بين قبور عفنهْ.. يتصاعد.. يعلو.. يعلو.. كنفير النجدة، وأمام بقايا الإنسان، أشلاء النفس ورائحة صديد الكذب وآثار العدوان، تغمرنى الأسئلة الحيرى: لم ينشقُّ الإنسان على نفسهْ؟ لم يُحرم حق الخطأ وحق الضعف وحق الرحمة؟ لم يربط عقله... بخيوط القهر السحرية؟ يمضى يقفز يرقد يصحو. بأصابعهمْ خلفَ المسرحْ ويعيدُ الفصل الأول دون سواه حسْب الدور المنقوشْ فى لوحٍ حجرٍ أملسْ رسمتهُ هوامٌّ منقرضهْ فيضيع الجوهرْ ويلفُّ الثور بلا غاية وصفيحُ الساقيةِ الصدِئَهْ يتردد فيه فراغُ العقلِ، وذلُّ القلبِ وعدمُ الشيء، ونضيعْ. - 4 - لكن هواءً مثلوجًا يصفعُ وجهِى. يوقظُ عقلى الآخرْ ويشلّ العقلَ المتحذلقْ يلقِى فى قلبى الوعىْ بحقيقةِ أصل الأشياء يا ويحى من هوْل الرؤية!! وغدًا نرى بعض هول الرؤية