استطاع شباب المسرحيين فرض وجودهم بالقوة على ساحة مسارح الدولة خلال هذا العام، وذلك من خلال تقديم عروض مسرحية تتميز بجودة محتواها الفنى، وجرأة موضوعاتها التى تنتمى غالبا للمناقشة السياسية، التى طغت بشكل كبير على الساحة الفنية، خاصة بعد قيام ثورتى ال25 من يناير وال30 من يونيو، وما لهما من أثر ملحوظ على إبداع مؤلفى ومخرجى المسرح. يتجلى الأثر السياسى بشكل واضح خلال العروض التى قدمتها مسارح الدولة هذا العام، فبالنظر لعرض "الأبرياء" الذى أخرجه أحمد إبراهيم، وعرض على مسرح الطليعة، نجده يتناول حياة شاب ألقى القبض عليه قبل قيام الثورة بتهمة التحريض ضد النظام عبر مواقع الواصل الاجتماعى، ولكنه يموت داخل محبسه قبل الإفصاح عن المجموعة التى يعمل معها، ليترك موته علامة استفهام كبرى حول حقيقة موقفه من النظام، ليأتى بعده المخرج إميل شوقى بمسرحيته "سلقط فى ملقط" لينتقد بشكل مباشر ظاهرة دستور الإخوان "المسلوق"، مع ظاهرة إرهاب رجال الدين، وهو ما أدى لإيقاف العرض أثناء حكم المعزول من جهات سيادية. بينما حاول المخرج شادى الدالى أن يعرض أحلام وطموحات جيل الشباب، التى تنكسر أمام الواقع المؤلم الذى تمر به مصر الآن، من خلال مسرحيته "حلم بلاستيك"، والتى تناقش بشكل مختلف الأمل المعلق على حائط الثورة والتغيير. أيضا تناول المخرج مازن الغرباوى الوضع السياسى فى مسرحه ولكن بشكل مختلف عما هو سائر، حيث قدم هذا العام عرض "هنكتب دستور جديد"، الذى نال عنه جائزة الدولة التشجيعية، والذى تدور أحداثه حول رغبة الشعب المصرى فى وجود دستور حقيقى يعبر عنهم، وعرض "طقوس الموت والحياة" الذى يدور حول فكرة الحياة الجديدة التى تنبعث من الموت، من خلال قصة حب تنشأ أثناء بعض المطاردات العسكرية لأحد المتهمين، حيث يقع أحد الضباط فى حب سيدة أقسمت على الوفاء لزوجها المتوفى بالعيش بجوار قبره. وعلى خطى الموضوعات السياسية، نجد تجربة الكباريه السياسى التى قدمها عرض "عاشقين ترابك" للمخرج محمد الشرقاوى، تثير مشكلات كبرى مع الرقابة حينها، والتى اشترطت حذف كل ما يثير سخرية الجمهور من الشخصيات المعروفة الداعمة لحكومة الإخوان وقتها، وهو ما أدى لرفض مخرج العمل طلب الرقابة، وحاول بشتى الطرق التصدى والدفاع عن عرضه. وأخيرا يأتى مسرح الغد بمسرحية زنزانة لكل مواطن، التى تدور أحداثها حول رجل وضع ظلما بأحد السجون لمدة 7 سنوات، ليخرج بعدها ليجد انقسام ولديه بين مؤيد ومعارض للثورة، فأحدهم يتواجد بشكل مستمر داخل الميدان، والآخر تعاون مع فلول النظام لقمع المتظاهرين بالعنف. يذكر أن إنتاج مسرح الدولة هذا العام قارب من ال30 مسرحية، تراوح محتواها بين الموضوعات السياسية، والكوميدية، ومسرحيات الطفل والعرائس، وعروض المونودراما والديودراما، أشهرها: الحبل، معسكر مصر الجديدة، عروسة خشب، ليل الجنوب، المحروس والمحروسة، البيت، نور القمر فرحان، خط أحمر، على فين رايحين، شق القمر، زنقة الرجالة، فى بيتنا شبح، عجايب الزمان، وغيرها. كما شهد هذا العام طفرة واضحة فى عروض الفرق المستقلة، ومسرح الهواة، الذين استطاعوا لفت الإنتباه إليهم، بعروض أشاد الجميع بجودتها.