مجلس جامعة أسيوط يعقد اجتماعه الشهري برئاسة المنشاوي    سعر الذهب اليوم في مصر بنهاية تعاملات الأربعاء    أخبار مصر.. بكين ترحب بطلب مصر استضافة قمة عربية صينية    الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات في 3 بحار    الترسانة يتقدم على المقاولون العرب بهدف كيشو بالشوط الأول بكأس مصر    بسبب زجاجة مياه.. إحالة أوراق سائق متهم بقتل زميله في شبرا الخيمة للمفتي    أعمل بمكة المكرمة ونويت أداء العمرة والحج فمن أين أُحرم؟.. البحوث الإسلامية يوضح    البابا تواضروس يستقبل وفدا وزاريا فلسطينيا في المقر الباباوى    محافظ شمال سيناء يستقبل مدير بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية    السويد تتعهد بأكبر حزمة مساعدات عسكرية تقدمها لأوكرانيا    زعماء المعارضة الإسرائيلية يتفقون على خطوات لتبديل حكومة «نتنياهو»    رئيس جامعة المنيا يوجه بتوفير متطلبات معامل الكليات    انطلاق الدورة ال22 من معرض «صنع في دمياط».. غدًا    حبس المتهم بقتل ابن عمه بسبب خلافات بينهما ببولاق الدكرور    حبس البلوجر هدير عبد الرازق 15 يوما لنشرها فيديوهات مخلة    8 أفلام مصرية وعربية تشارك في اليوبيل الذهبي لمهرجان «جمعية الفيلم»    جامعة عين شمس تحصد 6 جوائز تقديرية وتشجيعية من الأعلى للثقافة    رئيس الوزراء: قيمة الدعم النقدي قد تكون أعلى من العيني    محافظ أسيوط يترأس اجتماع اتخاذ التدابير الوقائية لمنع انتشار الأمراض المعدية    الشرقية.. إطلاق قافلة طبية بالمجان لقرية المنشر ضمن مبادرة حياة كريمة    وزير الصحة يلتقي نظيره التركي لبحث تعزيز سبل التعاون في المجال الطبي    «الصحة» توضح 3 مضاعفات صحية ناتجة عن الولادة القيصرية    تأجيل إعادة محاكمة متهم بقضية اغتيال اللواء نبيل فراج لجلسة 29 يونيه    الصين تصدر تقريرا يدين تزايد انتهاكات حقوق الإنسان فى الولايات المتحدة    فيلم فاصل من اللحظات السعيدة يحقق إيرادات 57 مليون جنيه بدور العرض    ب«كتب مجانية وخصومات تصل ل50%».. انطلاق فعاليات معرض الشلاتين الأول للكتاب    التضامن تعلن انطلاق أولى رحلات حجاج الجمعيات الأهلية اليوم (فيديو)    تأجيل إعادة إجراءات محاكمة متهم في قضية رشوة آثار إمبابة ل22 سبتمبر المقبل    مساعد وزيرة الهجرة يستعرض جهود الوزارة في ملف دعم المصريين بالخارج    أماكن مراجعات حياة كريمة للثانوية العامة في قنا.. تشمل دعما نفسيا    رئيس قطاع الآثار الإسلامية يعلن اكتشافات أثرية بجامع المادراني    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الثالث ل«الروماتيزم والمناعة» بالمجمع الطبي بالإسكندرية    الصفقة الجديدة وموهبة «عمر» تبخر أحلام «الدبيس» فى الأهلي    مواعيد وأماكن لجان قبول اعتذارات الثانوية العامة 2024 في المنوفية    حمزة نمرة يدعم أهل فلسطين: «ارفع البلاء يارب»    الحكومة توافق على إقامة منطقة استثمارية باسم «الأهلي كابيتال» في الجيزة    "يرمي الكرة في ملعب ريال مدريد".. باريس يحتجز مستحقات مبابي    228 طالبا ب"صيدلة الإسماعيلية الأهلية" يؤدون اختبار "مدخل إلى علم الجودة" إلكترونيا (صور)    اتهام كوريا الشمالية بإرسال بالونات تحتوي على قاذورات وفضلات عبر حدودها مع كوريا الجنوبية    مهدد بالإيقاف 4 سنوات.. محامي رمضان صبحي يكشف مفاجأة    دياب: نحتاج 4 مواسم لضبط مواعيد الدوري المصري مع العالم    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس للعام الدراسى المقبل.. تعرف على الأوراق المطلوبة    ميناء دمياط يستقبل 42610 أطنان بضائع على متن 14 سفينة    خبيرة فلك تبشر مواليد برج الدلو في 2024    محافظ قنا يتففد سير العمل بمشروع تطوير كورنيش النيل بمدينة قنا    الخارجية: مصر تلعب دورًا فاعلًا في عمليات حفظ السلام    التذاكر ب 12 ألف جنيه، كل ما تريد معرفته عن حفلات شيرين عبد الوهاب المقبلة    مصطفى كامل يهنئ الدكتور رضا بدير لحصوله على جائزة الدولة التقديرية    ورش تدريب على ضوابط ترخيص البيوت الصغيرة لرعاية الأطفال في الدقهلية    ماجواير يستعد لمحادثات حاسمة مع مانشستر يونايتد    معلومات الوزراء: السيارات الكهربائية تحدث تحولا جذريا بقطاع النقل    موعد مباراة العين والوصل في الدوري الإماراتي والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في دعمنا العسكري لإسرائيل    المدير التنفيذي للأهلي: الخطيب لم ينفذ البرنامج الطبي الخاصة به بسبب نهائي إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظام التونسى على شفا الانهيار.. تعيين رئيس وزراء جديد يطرح العديد من التساؤلات حول سلامة الوضع.. هل تدخل تونس فى نفق جديد أم نخرج من أزمة قديمة؟.. وهل تستورد الثورة الشعبية الأخيرة بمصر؟
نشر في اليوم السابع يوم 15 - 12 - 2013

«الجروح تتقيح بمجرد فتحها، والأشياء إذا بدأت لا تنتهى بسهولة».. قالها أندرو باكيفتش، أستاذ التاريخ فى جامعة بوسطن، وهذا هو القول الذى ينطبق الآن حرفيا على الوضع التونسى، فبعد مرور تونس بالعديد من العثرات والأزمات متعددة الأوجه بسبب فشل جهود الأطراف المشاركة فى الحوار الوطنى على اسم جديد لتولى الحكومة الانتقالية، مما أدى لإمداد الحوار الوطنى مدة إضافية انتهت ظهر أمس السبت، لحين الاتفاق على اسم شخص رئيس الحكومة الانتقالية، وفقا لشروط الحوار الوطنى، والقائم على شرط تغيير رئيس الحكومة التونسية.
وبعد مفاوضات طويلة أعلن المجلس الرباعى، مساء أمس السبت، اسم رئيس الحكومة التونسية، بعدما وصلت المحادثات فى تونس بين حركة النهضة والمعارضة إلى طريق مسدود، لتعلن رباعية الحوار الوطنى بأغلبية تسعة أصوات من أصل "12" صوتا وامتناع جبهة الإنقاذ، اختيار وزير الصناعة، مهدى جمعة، لتولى منصب رئيس الحكومة، ليصبح الآن السؤال هل خرجت تونس من إشكالية عميقة أم دخلت فى إشكالية أكثر عمقا بتولى رئيس وزراء من نفس أيدلوجية الحكومة المرفوضة من الشارع التونسى.
فمن جانبها، قامت الأحزاب بترشيح ثلاثة أسماء من كل حزب لتولى رئاسة الحكومة، وبعدها تم اختيار ستة أسماء منها، ثم رفض "مصطفى الفيلالى" الذى اتفق المشاركون فى الحوار الوطنى بتونس على توليه رئاسة الحكومة المنصب، وقيل إن سنه "92 عاما"، لا يسمح له بتحمل هذه المسئولية، وتركز الخلاف على أسماء بعينها من مرشحين رئاسة الوزراء وهما "محمد الناصر 79 عاما، وأحمد المستيرى 88 عاما"، وهما سياسيان مخضرمان سبق لهما تولى مناصب وزراية فى عد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة، وكان حزب النهضة التونسى يؤيد ترشح المستيرى، بينما تساند المعارضة تولى الناصر منصب رئيس الوزراء، كما تم ترشيح الخبيرين الاقتصاديين كمال نبيل، وجلول عايد لقيادة الحكومة أيضا.
وبالعودة إلى الوضع التونسى نجد أن النظام على شفا الانهيار، حيث وقع النظام صاحب المرجعية الإسلامية فى العديد من السقطات، ابتداء من اتهامه بالضلوع فى تكميم أفواه المعارضة التونسية باغتيال رموزها " شكرى بالعيد، ومحمد البراهمى"، ليوجه للنظام التونسى أصابع الاتهام وتقصيرها فى حماية الأمن التونسى بل ومن ضمن الاتهامات نشر الإرهاب، أكثر من هذا وذاك هو ظهور أدلة واضحة وصريحة صادرة من تقارير دولية من الولايات المتحدة تشير بشكل واضح وصريح نحو اغتيال المعارضة.
وأصدرت فى البداية وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "CIA" وثيقة تؤكد إمكانية استهداف المعارض التونسى محمد البراهمى، صادرة بتاريخ 15 يوليو، أى قبل 10 أيام فقط من اغتيال الأخير رمياً بالرصاص أمام بيته، وبعدها اعترفت الداخلية التونسية بتلقيها تحذيرات دولة تفيد بتلقيها تحذير قبل اغتيال البراهمى، لينفى وقتها وزير الداخلية التونسى "لطفى بن جدو"، معرفته بوجود الوثيقة فى خطوة أرجعها بعض المعارضين بالمماطلة المعتاد عليها من قبل الحكومة التونسية.
وفى محاولة لحفظ ماء وجهها، اتخذت وزارة الداخلية التونسية إجراءات عقابية فى حق عدد من موظفيها بعدما سربوا وثائق أمنية سرية تثبت تقاعس الوزارة فى أداء مهامها، كما حاولت إلقاء بالونات إلهاء بتوجيه الاتهام عن تورط قائد المجلس العسكرى لمدينة طرابلس الليبية عبد الحكيم بلحاج فى التخطيط لعمليات إرهابية فى تونس، دون وجود دليل يثبت أو ينفى صحة تلك المعلومات غير الواضحة المصدر.
وهنا أستمر النظام التونسى فى عناده للمعارضة والشعب التونسى وتحالف مع فلول النظام القديم، وتحديدا حزب "نداء تونس" الذى يتزعمه رئيس الوزراء الانتقالى السابق "باجى قايد السبسى" أحد أهم رموز النظام السابق، معلنا أنه وحزب حركة النهضة يمثلان أكبر حزبين فى البلاد.
بل واعتبر راشد الغنوشى حزب "نداء تونس" من ضمن "الأحزاب الراغبة فى البناء وحماية المسار الانتقالى"، ليبدأ التحالف الاقتصادى بين النظام الإسلامى التونسى وبين فلول النظام، ليظهر «بقايا التجمع»، أى المنتمين إلى حزب التجمع الدستورى الديمقراطى الحاكم خلال عهد الرئيس التونسى السابق زين العابدين بن على.
وبعد اغتيال زعيمين يساريين هذا العام على أيدى من يشتبه أنهم سلفيون متشددون، فضلا عن الاستياء من الأجندة الإسلامية لحزب النهضة غرقت السياسة التونسية فى اضطرابات، مما دفع المجلس التأسيسى إلى تعليق أعماله، ليعود فلول النظام للظهور من جديد للساحة السياسية دون الاضطرار لقبول أى مساومات من النظام الحاكم، حيث بدأ المسئولون السابقون يعيدون تنظيم صفوفهم فى 6 أحزاب سياسية جديدة، ويتحدثون علانية ويشاركون فى تنظيم وحشد مسيرات ضخمة للمطالبة بتنحى حزب النهضة وإجراء انتخابات جديدة.
وكان من ضمن من العائدين كامل مرجان وزير الدفاع، ثم وزير الخارجية من عام 2005 حتى عام 2011، وحزبه، وأن كان أصغر من حزب السبسى إلا أنه الأكثر دفاعا عن المسئولين السابقين فى حزب بن على المحظور الآن وهو التجمع الدستورى الديمقراطى، الذى تم حلة عقب الإطاحة بابن على، أيضا حامد القروى الذى كان رئيسا للوزراء فى عهد بن على فى الفترة من عام 1989 إلى عام 1999، حيث استدعاه رئيس تونس الحالى المنصف المرزوقى ليستمع لوجهة نظره فى سبل الخروج من الأزمة الراهنة.
وأجرى "القروى" اتصالات مع أقرانه من "الدستوريين" أنصار الرئيس العلمانى الراحل الحبيب بورقيبة الذى قاد استقلال تونس عن فرنسا عام 1956 وحكمها حتى عام 1987.
والعديد من الخطوات المتخبطة والمتناقضة توضح علامة انفراط عقد الائتلاف الحاكم، حيث سبق ودعا راشد الغنوشى، رئيس حركة «النهضة» التونسية، الرئيس المؤقت منصف المرزوقى إلى الاستقالة، فى حال أراد الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، معتبرا أن ذلك يضمن حيادية مؤسسات الدولة من أجل توفير ما يمكن من شروط النزاهة للانتخابات المقبلة، لتستمر تساقط أوراق التوت وورقة ورقة عن عورة النظام التونسى، كما فجر الغنوشى مفاجأة جديدة محاولا الاستعانة بلعبة الكراسى الموسيقية والتى قد تجدى أحيانا، حيث أعلن موافقة حزب النهضة على مقترح حل الحكومة التونسية بقيادة على العريض، رئيس الحكومة، لكن بعد الاتفاق على الحكومة التى ستعوضها، والذى سيحدد داخل جلسات الحوار الوطنية، وتشكيل حكومة كفاءات غير متحزبة، كما جاء فى مبادرة منظمة اتحاد الشغل، وتشرف على الانتخابات القادمة، وتكون عناصر ملتزمة بعدم الترشيح للاستحقاقات القادمة.
إلا إن "الغنوشى" لم يتمتع بالذكاء الكافى لمخاطبة المعارضة بعدما أعلن عن مد يده لحركة نداء تونس التى يرأسها الباجى قائد السبسى، والذى يصفه عدد من قيادات النهضة بحزب فلول بقايا النظام السابق، لضمه شخصيات سياسية ورجال أعمال وإعلاميين كانوا محسوبين على نظام الرئيس التونسى السابق، زين العابدين بن على، ليحاول جمعة فى حديثه مع رغبة النهضة فى عدم إقصار التعاون على حزب أو حركة سياسية بعينها بل مع جميع الأحزاب الراغبة فى البناء والراغبة فى حماية المسار الانتقالى- على حد تعبيره.
واستمرت المفاجآت المتوقعة من الغنوشى بتأكيده أنّ حركة النهضة قررت عدم النظر فى قانون تحصين الثورة فى المرحلة الحالية، وسبق للغنوشى وحزبه أن شددا على أن ذلك القانون، الذى ترى المعارضة أنه يهدف إلى قطع الطريق أمام باجى قايد السبسى للعودة إلى مناصب الدولة، سيمر مهما كانت الظروف.
كما كان لافتا الهجوم الذى شنّه الغنوشى على التيار السلفى الجهادى، حيث وصف "عقيدته بالفاسدة ومضرة بالإسلام"، وسبق للغنوشى أن اعتبر "شباب هذا التيار" يذكره بشبابه الشخصى "عندما يتذكر حماستهم"، كما كان لافتا تذكير الغنوشى التونسيين بأنّ بلادهم تعد من أوائل الدول فى التاريخ التى أرست برلمانا منذ عهد قرطاج وحربها مع روما.
ويرى مراقبون فى مواقف الغنوشى "الجديدة" انقلابا جذريا فى المواقف تتطلب "أن نشاهدها على أرض الواقع" مثلما اعتبر القيادى فى حركة "نداء تونس" الأزهر العكرمى، الذى أضاف أنّ "الغنوشى الذى شاهدته هذه الليلة يبدو أنه غادر السودان وذهب إلى تركيا".
ويرى مراقبون أنّ مواقف الغنوشى الجديدة، هى نتيجة طبيعية للظرف الدولى، وكذلك بحكم الضربة التى تلقاها الائتلاف الحاكم بعد أن قرر رئيس المجلس التأسيسى مصطفى بن جعفر، زعيم حزب "التكتل من أجل العمل والحريات" بصفة منفردة تعليق أعماله، مما يدفع إلى توازنات وتحالفات جديدة فى البلاد.
ليدخل النظام التونسى المعارضة ومواطن الشارع فى نفق مظلم من المفاوضات- على حد وصف قوى المعارضة آن ذاك- التى وصفت الحكومة التونسية بال"مراوغة"، فبعدما كان متوقعا أن تشهد الجلسة الثانية للحوار الوطنى، فى المجلس الوطنى لتونسى، الإعلان عن الاستقالة المبدئية لحكومة على العريض، تبعا لمبادرة الرباعى الراعى للحوار على أن تواصل تصريف شئون البلاد حتى إتمام مهامها التأسيسية، أعلن مجلس شورى حركة النهضة الإسلامية، أعلى هيئة داخل الحزب، عن تمسكه باستمرار الحكومة المؤقتة الحالية فى مهامها، لحين انتهاء المجلس التأسيسى من مهامه، على نحو مخالف لخارطة الطريق التى تم تبنيها من قبل أغلب الأحزاب نهاية الأسبوع، وهو الأمر الذى توقعه معظم القيادات الحزبية اليسارية.
لتبدأ عمليات الشد والجذب ومعركة النفس الطويل بين الحكومة التونسية صاحبة الأيدولوجية الإسلامية وبين قوى المعارضة التونسية التى انسحبت اليوم من جلسة اختيار رئيس الوزراء التونسى، ففى البداية رفض رئيس الوزراء السابق على العريض تنحى الحكومة التونسية بناء على رغبة المعارضة التونسية، وأكد عليا رئيس حركة النهضة الغنوشى، وأيدها رئيس الجمهورية المنصف المرزوقى.
وقتها خرجت الآلاف من الشعب التونسى راعه شعار "ارحل"، فى جمعة أسمتها "بجمعة الرحيل"، خرجت بحزمة من المطالب الواضحة، والتى ركزت فى وثيقة "الحل السياسى"، ووقعت عليها العديد من الأحزاب السياسية بشأن مناقشة شكل الحكومة المقبلة ودورها وطبيعتها، وإقالة حكومة على العريض وحل المجلس التأسيسى.
إلا أن الحكومة التونسية لم تثبت حسن نواياها فى إجراء محادثات ديمقراطية متبادلة مع الجبهة المعارضة، ففى الوقت الذى كانت تجلس جبهتا الدولة فى تونس الحاكمة والمعارضة للمفاوضات، والتى أعقبها إعلان رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشى، بعد لقائه بالأمين العام للاتحاد العام التونسى للشغل، قبول حركته مبادرة الاتحاد منطلقاً لحل الأزمة فى البلاد، والقاضية بحل الحكومة الحالية وانطلاق الحوار الوطنى بين أحزاب السلطة والمعارضة مع الإبقاء على المجلس الوطنى التأسيسى، أعلن رئيس الحكومة المؤقتة على العريض، عن تطبيق القانون ضد كل التحركات والاحتجاجات التى قد توتر من الأمن العام، والتى تعطل سير حركة المرور ومصالح المواطنين.
ومن قبلها كان قد أعلن عدد من قيادات الحزب التونسى الحاكم أنه على الرغم من قبولهم الجلوس مع جبهه المعارضة، والذى دعت إليه أربع منظمات تونسية « الاتحاد العام التونسى للشغل، والاتحاد التونسى للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، وعمادة المحامين، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، إلا أنها أصرت على عدم استقالة الحكومة الحالية، ووفقا لبعض قيادات الحزب الحاكم فإن خيارا إما أن تقبل حركة النهضة بالمبادرة حزمة واحدة أو أن ترفضها حزمة واحدة، يعتبر مستحيلاً، خاصة أن أهم مطلب لإطلاق الحوار الوطنى هو استقالة حكومة على العريض.
وخطأ جديد وقع فيه رئيس دولة تونس المنصف المرزوقى، عندما سار على خطوات رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان، وقيامه بحركة تنقلات واسعة فى خط صفوف قيادات الجيش التونسى، شملت قيادة جيش الطيران والأمن العسكرى، فى خطوة وصفها البعض بمحاولة لامتصاص غضب الشارع التونسى الذى اشتعل من جديد، فى حين وصفها البعض الآخر أنها ليست إلا محاولة لاجتذاب أهل الثقة عن أهل الكفاءة فى الجيش، لضمان ولاء المؤسسات العسكرية لحكومة الترويكا حتى لا يتكرر السيناريو المصرى، ويتم الإطاحة بمكتسبات الجماعة الإسلامية فى تونس، والتى ظلوا يبنون فيها على مدار عقود.
وعلى الرغم من اختلاف طبيعة الجيش التونسى عن الجيش المصرى، فى القوة العددية، وإمكانية مواجهة الجماعات الإسلامية المتطرفة المسلحة، إلا أن خطوات المنصف المرزوقى فى تأمين "ضهر" الجماعة، كانت خطوة متوقعة خاصة فى ظل التحرك الشعبى فى الشارع التونسى، وظهور حركة تمرد التونسية، واشتعال التظاهرات فى الشارع التونسى من جديد عقب سلسلة اغتيالات رموز المعارضة التونسية.
ليصبح السؤال الأن بعد حالة الزخم السياسى الذى تعيش فيه تونس واتساع نطاق الحركات الاحتجاجية بشكل شبة يومى، دخلت فيه بعض الأساليب الابتكارية كرقصة " هارلم شيك"، التى ظهرت كوسيلة احتجاجية جديدة فى الشارع التونسى تعبر عن الغضب، مرورا بأسبوع الحيل والمسيرات الرافضة لمراوغة النظام ومؤخرا اعتداء الشارع التونسى على مقار حزب النهضة التونسى، حيث أضرم مئات المحتجين النار الأسبوع الماضى فى مكتب حزب النهضة الحاكم فى منطقة قفصة، لتأتى تلك المسيرات وسط تقارير عن عزم عديد القطاعات شن سلسلة إضرابات تنديدا بأداء الحكومة، والضغط عليها من أجل "الالتزام بتعهداتها المتعلقة بخارطة الطريق" التى تقتضى استقالتها، ليصبح السؤال هل تصدر ثورتها الشعبية الأخيرة لتونس، كما كانت لتونس مركز الصدارة لتصدير ثوراتها للعالم العربى؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.