جاء قرار تخفيض التمثيل الدبلوماسى التركى فى مصر، واعتبار السفير التركى شخص غير مرغوب فيه، وقيام تركيا بالإجراء ذاته ليزيد التوتر بين القاهرةوأنقرة القائم بالفعل فى أعقاب ثورة 30 يونيو 2013 وعزل الدكتور محمد مرسى عن الحكم . فتركيا أردوغان كانت من أشد المنتقدين لثورة 30 يونيو واعتبرتها انقلابًا عسكريًا على ما أسمته "الشرعية وارادة الشعب المصرى"، ودعت فورًا إلى عودة الرئيس المعزول محمد مرسى إلى الحكم، بل قامت باتخاذ عدة إجراءات وخطوات تصعيدية واستفزازية باستعداء العالم ضد مصر، وحشد الدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية لفرض عقوبات عليها، وقامت بانتقاد محاكمة محمد مرسى، واستضافت اجتماعات التنظيم الدولى للإخوان، الذى يعد مجلس الإدارة الأعلى للإخوان، أكثر من مرة وكان آخرها يوم الخميس 21 نوفمبر للتحريض ضد النظام الحالى والجيش وعدد من الإعلاميين المصريين، وبحث تدويل قضية محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسى . رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان كان من أشد المؤيدين والمتحالفين مع نظام الإخوان فى مصر، وبالإضافة إلى تطور العلاقات السياسية والاقتصادية بين مصر وتركيا، دخلت العلاقات العسكرية إلى الواجهة بالاتفاق على إجراء تدريبات مشتركة، وحضور الرئيس المعزول محمد مرسي مؤتمراً لحزب العدالة والتنمية التركى ممثلاً عن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان. تأزم العلاقات المصرية التركية ليس جديدًا، ففى منتصف عام 1954 قام مجلس قيادة الثورة بطرد السفير التركى آنذاك فؤاد طوغاى واعتباره شخصًا عاديًا بعد حملاته المستمرة ضد الثورة وتوجيه ألفاظًا نابية للزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وبرز التوتر مرة أخرى بين مصر وتركيا عام 1961، عندما رفضت أنقرة الوحدة المصرية السورية وأقرت الانفصال. ومع قيام ثورة 30 يونيو، وسقوط حكم الإخوان وعزل مرسي في الثالث من يوليو الماضي.. دخلت العلاقات المصرية – التركية على خط التدهور السريع، وبدا منذ اللحظة الأولى أن تركيا تقف بكل ما أوتيت من قوة بجانب تنظيم الإخوان، واختارت أن تواجه الشعب المصري و ثورته العظيمة وأن تقف ضد إرادته وتطلعاته وآماله ، وأشار اردوغان الى أن "ما حدث في مصر انقلاب عسكري استهدف إرادة الشعب المصري وحقه الديمقراطي"، بل وتطاول على القوات المسلحة المصرية، وعلى شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب. طرد السفير التركى يعتبر صفعة على وجه تركيا وحكومة حزب العدالة والتنمية الذى يتزعمه طيب أردوغان ، وهو قرار يرد الاعتبار والكرامة الوطنية لمصر، بعد صمت وصبر طويل أمام المواقف التركية المعادية والمسيئة لشعب مصر وجيشها وثورتها العظيمة، وتدخلها فى شئون مصر الداخلية وانتهاكها لسيادتها، وأيضًا هو ردع لأى قوى خارجية تسول لها نفسها العبث بأمن مصر القومى. وحتى إذا كان من شأن هذا القرار التأثير سلبًا على الاقتصاد المصرى الذى يرتبط بعلاقة تعاون قوية مع الاقتصاد التركى، ولكن الكرامة والعزة أهم من أى شىء، ولن تحترمنا أى دولة فى العالم طالما أن كرامتنا تهدر، والمصريون لم يثوروا فى 25 يناير و30 يونيو الا من أجل العزة والكرامة الإنسانية. يجب أن تعلم تركيا جيداَ أن مصر لم تعد ولاية عثمانية كما كان فى السابق، وأن السيد طيب اردوغان ليس هو الخليفة العثمانى الذى يفرض على مصر ولايته وقراراته، وإذا كان حكم الإخوان البغيض قد شجع تركيا فى وقت من الأوقات على استعادة الماضى من جديد وتصورت أن مصر يمكن أن تقع تحت حمايتها أو اعتبارها ولاية عثمانية، فهى واهمة وتعيش فى الأحلام، فمصر الجديدة التى استعادت حريتها ممن سلبوها منها ملك لشعبها فقط ولا يمكن لأى دولة مهما كانت سطوتها أو قوتها أن تذل مصر أو تخضعها، فزمن الخنوع قد ولى وفات بغير رجعة. ونحمد الله تعالى على قيام ثورة 30 يونيو التى كشفت للمصريين عن أعدائهم وأصدقائهم، وأزاحت الستار عن من يريد الخير لهذا الوطن ومن يتربص به، ويحاول الوقيعة بين أهله ويشعل الحرب الأهلية متمنيًا خرابه.