يسعى الاتحاد الأوروبى لتوسيع قاعدة نفوذه السياسى والجغرافى شرقا عبر إبرام اتفاقيات شراكة مع جورجيا ومولدوفا، غير أنه فشل فى إبرام اتفاق تاريخى مع أوكرانيا إحدى الدول الأساسية التى كان يستهدف التكتل الأوروبى التواصل معها. القمة التى تجمع قادة حكومات الاتحاد والمنعقدة اليوم الجمعة احتفلت رسميا بتوثيق العلاقات مع الدولتين، رغم أن رفض الرئيس الأوكرانى فيكتور يانوكوفيتش التوقيع ألقى بظلاله بقوة على وقائع الاجتماع. وقال الرئيس الفرنسى فرنسوا أولاند " كانت هناك ضغوط دون شك" مضيفا أن أوكرانيا تعرضت لضغوط بالغة "عبر (قضية) الغاز على وجه الخصوص". تعامل الكرملين بشكل هجومى للحيلولة دون إبرام اتفاق الاتحاد الأوروبى، من خلال عرض قروض وخصومات فى أسعار الغاز على كييف، وفرض عقوبات تجارية، وإجبار أوكرانيا على سداد متأخرات ديون الغاز الطبيعى. وعانت أوكرانيا عدة مواسم من الشتاء القارس عندما أوقفت روسيا إمدادات الغاز فى أوقات حرجة. وبثت الرئاسة الأوكرانية تسجيلا مصورا للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تبلغ فيه الرئيس الأوكرانى يانوكوفيتش فى وقت متأخر أمس الخميس "أننا نتوقع المزيد" فرد عليها الرئيس بقوله "الموقف الاقتصادى فى أوكرانيا بالغ الصعوبة" قبل أن يقول فى وقت لاحق "أنا فى مواجهة مع روسيا منذ ثلاثة أعوام ونصف العام فى ظل أوضاع غير متكافئة بالمرة". وبالرغم من أن المفاوضات اعتبرت معركة دبلوماسية بين بروكسلوموسكو للتقارب مع دولة أوروبية مهمة يقطنها ستة وأربعون مليون نسمة، فإن الممثل السامى للاتحاد الأوروبى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية كاثرين أشتون قالت إن التقارب سوف يكون مكسبا للجميع. وأضافت أشتون أن اتفاق الشراكة الذى يضبط القواعد والمبادئ التجارية مع معايير الاتحاد الأوروبى "مكمل للعلاقات التى تربطهم بجهات أخرى وأعتقد أن هذا أمر مهم بحق". وفشلت محادثات أجريت حتى وقت متأخر أمس الخميس فى إثناء الرئيس الأوكرانى يانوكوفيتش عن قراره بعد الضغوط المكثفة التى مارستها روسيا على الجمهورية السوفيتية السابقة، للحفاظ على التقارب الروسى الأوكرانى على حساب الاتحاد الأوروبى. فى الوقت نفسه شكت أوكرانيا من أن الاتحاد لم يقدم الدعم الكافى لتأمين إبرام الاتفاق. وقال أولاند إن " باب الشراكة لا يزال مفتوحا لكن الأمر يرجع لرغبة الأوكرانيين أنفسهم أولا فى تلك الشراكة" مستبعدا أن تتمكن أوكرانيا من الاعتماد على المزيد من تمويل الاتحاد الأوروبى لتعويض ما قد تخسره إذا ما أدارت موسكو ظهرها لكييف. "لا يمكننا- كما يرغب الرئيس الأوكرانى- الإصرار على معادلة كهذه، تحديدا الإصرار على دفع مقابل لأوكرانيا كى تدخل فى اتفاق شراكة". كان يانوكوفيتش أصاب الاتحاد بصدمة الأسبوع الماضى عندما قرر فجأة تجميد ملف اتفاق جرى التفاوض حوله لمدة طويلة، قبيل أيام فقط من توقيعه مصرا على التقارب مع روسيا عوضا عن الاتحاد. ويواجه يانوكوفيتش حالة من الاستياء العام بين مواطنيه مقترنة بضغوط من قبل الاتحاد الأوروبى. وطالب نحو عشرة آلاف متظاهر فى العاصمة الأوكرانية بتوقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبى، فى أحدث مسيرة احتجاج شهدتها العاصمة منذ أعلن يانوكوفيتش عدم التوقيع.