مشاركة مصرية فاعلة في «بوابات التعلم الرقمي» ب«ووهان بالصين»    د.محمد سامى عبدالصادق: حقوق السربون بجامعة القاهرة تقدم أجيالا من القانونيين المؤهلين لترسيخ قيم الإنصاف وسيادة القانون والدفاع عن الحق.    الرقابة المالية: التأمين البحري يؤدي دور محوري في تعزيز التجارة الدولية    البورصة تربح 4 مليارات جنيه في ختام تعاملات اليوم الأربعاء    مصر تتطلع للتوسع في توطين صناعات الأتوبيسات الكهربائية بالتعاون مع السويد    وزير الإنتاج الحربي: نسعى لتوطين التكنولوجيا الحديثة وزيادة المكون المحلي    الإمارات تستدعي سفير إسرائيل وتطالب بمعاقبة المسئولين عن اقتحام الأقصى    الإمارات تستدعي السفير الإسرائيلي وتدين الانتهاكات المشينة والمسيئة في الأقصى    منتخب الكاراتيه يصل المغرب استعدادًا للمشاركة بالدوري العالمي    السبب ميدو| حسين السيد يعتذر عن الإشراف على قطاع الناشئين بالزمالك    حفيد نوال الدجوي يستأنف على رفض دعوى الحجر ضد جدته    خاص| أيمن بهجت قمر: السقا بطل فيلمي القادم    السينما القصيرة تتألق في مهرجان روتردام للفيلم العربي بدورته ال 25    مي عمر: «التقدير اللي بيجي من الجمهور أغلى جائزة»    حرام شرعًا وغير أخلاقي.. «الإفتاء» توضح حكم التصوير مع المتوفى أو المحتضر    نائب رئيس جامعة القاهرة يتفقد لجان الامتحانات | صور    أكلات عيد الأضحى، طريقة عمل الرقاق الناشف في البيت    مصدر من اتحاد الكرة ل في الجول: الزمالك وبيراميدز لم يطلبا بشكل رسمي تحكيم أجنبي لنهائي الكأس    اسكواش - تتويج عسل ونوران جوهر بلقب بالم هيلز المفتوحة    خبر في الجول - الجفالي خارج حسابات الزمالك بنهائي كأس مصر    «قبل المونديال».. بايرن ميونيخ يتحرك لتعديل عقد نجم الفريق    الأهلي يرد على مزاعم بيع زيزو    انخفاض العجز الكلي للموازنة إلى 6.5% خلال 10 أشهر    سليمة القوى العقلية .. أسباب رفض دعوى حجر على الدكتورة نوال الدجوي    الإعدام لمتهم والسجن المشدد 15 عامًا لآخر ب«خلية داعش قنا»    توقيع بروتوكول تعاون بين التضامن والزراعة لدعم مبادرة "ازرع"    افتتاح الصالة المغطاة بالقرية الأولمبية بجامعة أسيوط (صور)    اليونيفيل: أي تدخّل في أنشطة جنودنا غير مقبول ويتعارض مع التزامات لبنان    نسرين أسامة أنور عكاشة ل«البوابة نيوز»: مفتقد نصيحة والدي وطريقته البسيطة.. وأعماله تقدم رسائل واضحة ومواكبة للعصر    الاتحاد الأوروبي يعتمد رسمياً إجراءات قانونية لرفع العقوبات عن سوريا    الحكومة تطرح 4 آلاف سيارة تاكسي وربع نقل للشباب بدون جمارك وضرائب    5 أهداف مهمة لمبادرة الرواد الرقميون.. تعرف عليها    حملة أمنية تضبط 400 قطعة سلاح وذخيرة خلال 24 ساعة    الاتحاد الأوروبي: يجب عدم تسييس أو عسكرة المساعدات الإنسانية إلى غزة    حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من ذى الحجة.. دار الإفتاء تجيب    «بيت الزكاة والصدقات» يصرف 500 جنيه إضافية لمستحقي الإعانة الشهرية غدًا الخميس    في أول أيام الشهر.. تعرف على أفضل الأعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة    كوريا الشمالية تهاجم قبة ترامب الذهبية وتتعهد ب"تناسق القوة"    مطلب برلماني بوضع حلول جذرية لتحديات تنسيق رياض الأطفال بالمدارس التجريبية    نائب وزير الصحة تشارك فى جلسة نقاشية حول "الاستثمار فى صحة المرأة"    متحدث «الصحة»: بعثة مع الحجاج المصريين لتقديم الرعاية الطبية    بالصور- إقبال على المراجعات النهائية لطلاب الثانوية العامة ببورسعيد    إندونيسيا مستعدة لإقامة علاقات مع إسرائيل حال اعترافها بفلسطين    روبوت ينظم المرور بشوارع العاصمة.. خبير مرورى يكشف تفاصيل التجربة الجديدة.. فيديو    وداعاً تيتة نوال.. انهيار وبكاء أثناء تشييع جنازة جدة وئام مجدى    القاهرة الإخبارية تكشف تفاصيل الغارة الجوية الإسرائيلية على صنعاء    ضمن مبادرة بداية.. نشاط مكثف لمديريات العمل ب 10 محافظات    محافظ بنى سويف يستمع لمشاكل واحتياجات أهالى قرية بنى هانئ    البليهي يرحب بالرحيل عن الهلال    وزير التعليم: 98 ألف فصل جديد وتوسّع في التكنولوجيا التطبيقية    نائب وزير الصحة: إنشاء معهد فنى صحى بنظام السنتين فى قنا    وزير الثقافة: ملتزمون بتوفير بنية تحتية ثقافية تليق بالمواطن المصري    وزير الخارجية يتوجه إلى المغرب لبحث تطوير العلاقات    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    وزير العمل يعلن استمرار التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل "الوزارة" و"مديرياتها"    موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 ببني سويف الترم الثاني.. رابط وخطوات الاستعلام    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    ألم في المعدة.. حظ برج الدلو اليوم 28 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد زكى.. النجم الذى قاد ثورة تمرد شخوصه على السيناريو لتصبح أيقونات حياة
نشر في اليوم السابع يوم 17 - 11 - 2013

لم أنس يوما عندما أمسك النجم الراحل أحمد زكى سيناريو فيلم "سوق المتعة" والذى كان مرشحا له، قبل أن تسند بطولته للنجم محمود عبدالعزيز، وقتها كنا نجلس فى أحد فنادق القاهرة، حيث يقوم الكاتب وحيد حامد مؤلف الفيلم بكتابة أعماله وقام أحمد زكى بتمثيل أحد مشاهد الفيلم، وتحديدا المشهد الذى يحاول فيه بطل الفيلم الجلوس على "التواليت" بعد خروجه من السجن فيفشل، لأنه لم يعتد على ذلك فى السجن الذى قضى به معظم سنوات شبابه، وقتها حول أحمد زكى المساحة الصغيرة التى نجلس إليها إلى موقع تصوير يصول ويجول فيه، ولم نملك سوى أن نصفق لتلك العبقرية والتى كانت قادرة على تحويل أى شخصية على الورق إلى شخصية حية من لحم ودم تنبض بالحياة، وأيضا روى المخرج محمد خان كيف كان يعمل أحمد زكى على شخصية الحريف _ والتى كان مرشحا لها أيضا قبل النجم عادل إمام ولكن خلافه مع خان جعله يبتعد عن الدور _ ويحكى خان كيف كان زكى مغرما بالشخصية ويعمل على وضع خطوطها العريضة وملامحها النفسية والشكلية وارتأى هو أن بطل الفيلم يجب أن يقوم بحلاقة شعره، فى حين أن خان كان يريد البطل طويل الشعر قليلا، خان كان يروى ذلك ليؤكد على الطريقة التى كان يعمل بها أحمد زكى وفى محاولة لتلمس سر عبقرية ذلك الفنان وكيف كان يعشق عمله إلى درجة لا ينافسه فيها الكثيرون، وكيف كان يتعامل مع الشخصية كعجينة يشكلها ويضيف إليها، وهو ما جعل كل الشخصيات التى لعبها ارتبطت به لدرجة أن المتلقى لا يستطيع أن يتخيل فنان آخر مكان عبقرى التمثيل وبلغة أهل السينما "كان يقفل الشخصية التى يقدمها حيث لا يستطيع أحد الاقتراب منها مرة ثانية".
تلك الموهبة جعلت من بعض الشخصيات التى جسدها الفنان الراحل أيقونات فى تاريخ السينما، والأخرى صارت موضة اجتاحت البلاد فى تسعينات القرن الماضى، وبات الشباب يقلدها على مستوى الشكل والأداء ومنها شخصية "حسن هدهد" والتى انعكس تأثيرها على شرائح كبيرة من المجتمع المصرى والتى جسدها الراحل فى فيلم كابوريا من إخراج خيرى بشارة، "ومستطاع" "فى البيضة والحجر" للمخرج على عبد الخالق و"عبدالسميع" فى "البيه البواب" للمخرج حسن إبراهيم، و"محمد" فى النمر الأسود للمخرج عاطف سالم و"صلاح" فى "مستر كاراتيه" للمخرج محمد خان.
كل واحدة من تلك الشخصيات تستحق أن يفرد لها مساحات عريضة من المقالات النقدية حول تأثيرها فى شخصية المجتمع المصرى عامة والشباب خاصة، فبعد تجسيد زكى لدور "مستطاع" طالب الفلسفة ودارس العلوم الإنسانية، والذى يعجز عن إيجاد فرصة عمل وتحوله الصدفة إلى شيخ يحضر الأرواح ويفك الأعمال، حاول البعض تقليد تلك الشخصية وتلبسته روح مستطاع والتى قدمها أحمد زكى بذكاء شديد، على مستوى الشكل والروح والتحولات، والتناقض بين مستواها العلمى وما ارتضته لنفسها بحكم الواقع الحياتى الصعب، أما "عبد السميع" فى البيه البواب فصار نموذجا للبواب الطموح والذى يحاول بكل الطرق أن يستفيد من الفرص المتاحة أمامه ويقتنصها لتصب فى مصلحته، ويتحول من مجرد بواب إلى صاحب أملاك وصارت أغنيته "أنا بيه أنا بيه" تغنى فى المقاهى والأفراح ويرددها الشباب فى كل مكان.
ولم يكن الأمر مجرد صدفة أو حظ فنى عابر، بل إنه نتيجة لموهبة واجتهاد من أحمد زكى، فشخصية محمد التى جسدها فى النمر الأسود صارت نموذجا للشباب الراغب فى الهجرة والتحقق، ورغم أن الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية لأحد الشباب المصريين إلا أن أحمد زكى وضع بصمته الخاصة على الشخصية لذلك صارت نموذجا.. وصارت جملة: "علمنى عربى موهمد وعلمك ألمانى"، يرددها الشباب فى سياقات مختلفة.
وفى عام 1989 بدأ المخرج خيرى بشارة مع زكى مرحلة فنية جديدة بفيلمهما (كابوريا)، حيث تمرد خيرى على الواقعية الجديدة التى قدمها فى السابق، وخرج معه أحمد زكى إلى منطقة جديدة من الأداء والشعبية وقدما كوميديا غنائية تسخر من تناقضات الواقع الاجتماعى، وهو الفيلم الذى استقبله بعض نقاد السينما فى مصر بهجوم، بينما أقبل عليه الجمهور المصرى بحماس شديد، فحقق إيرادات مرتفعة لم تسجلها سوى أفلام قليلة وقتئذ، وبإتقان شديد جسد أحمد شخصية "حسن هدهد" الشاب الفقير الملاكم والذى يحلم مع صديقيه محمود ومصطفى فى الوصول إلى الأوليمبياد، ويعجز عن تحقيق هذا الحلم ويكتفى بإقامة منافسات ملاكمة فى الحى الشعبى الذى يقطن به، كما يفشل فى إقناع والد الفتاة التى يحبها بالزواج منها، ويتصادف مرور حسن وأصدقائه أمام عوامة المليونير سليمان، فتدعوهم زوجته حورية للمشاركة فى مباريات للملاكمة فى قصرهما مقابل مكافآت مالية مغرية فى الوقت الذى تخضع فيه مباريات حسن هدهد مع منافسيه من الشبان الآخرين لمراهنات خيالية بين حورية وسليمان، يحقق حسن انتصارات مبهرة ليحصل على أموال طائلة وينتقل للإقامة بقصر سليمان، حيث تسعى حورية لإغرائه لكنه يرفضها فتلفظه وتقرر الثأر لكرامتها، ويكتشف حسن أنه صار دمية يعبث بها سليمان وزوجته، فيلقى بما كسبه من مال فى وجه حورية ويهجر الثراء والقصر ليعود إلى الحى الشعبى الذى يقيم فيه، يبدأ من جديد فى جولات جديدة من الملاكمة مكتفيا بنظرات محبوبته الوادعة.
وصار حسن فى قصة شعره والنظارة التى كان يرتديها، والقمصان التى ظهر بها موضة بين الشباب وصلت إلى حد الهوس، وأيضا أغنية "أزأز كابوريا "تحولت إلى أغنية الشارع ومازالت تغنى حتى الآن لدرجة أن مطربى المهرجانات أوكا وأورتيجا أعادا غنائها بطريقتيهما.
رحل أحمد زكى وترك أفلاما وشخصيات تصنع حياة كاملة وتعيش لأجيال قادمة، وذلك هو الفن والفنان الحقيقى الذى لا يفكر سوى فى العطاء ويعطى من روحه، وهو الفن الذى لم يؤثر فقط فى جيله الذى عاصره، بل إلى الجيل الحالى الذى يستشهد بجملته الحوارية فى فيلمه "حب فوق هضبة الهرم" تأليف نجيب محفوظ والتى يقول فيها "كلهم كدابين وكلهم عارفين إنهم كدابين وكلهم عارفين إننا عارفين إنهم كدابين.. وبرضوا مستمرين فى الكدب"، ليضع الشباب تلك المقولة على صورة زكى إسقاطا على الوضع السياسى الحالى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.