ظاهرة جديدة أصبحت تهدد - إذا استمرت - بخسائر كبيرة للبنوك والاقتصاد المصرى. الظاهرة تعد من توابع الأزمة المالية العالمية وتتمثل فى ظهور شركات ومؤسسات تمارس الإقراض متناهى الصغر (من 1000 إلى 10آلاف جنيه) للفقراء وبفائدة خرافية تتعدى فى بعض الأحيان 50%.. فما هى الأسباب التى جعلت البسطاء يلجأون إلى هذه الشركات؟ وكيف ستؤثر على أعمال البنوك؟ وهل وجودها شرعى أم مخالف للقانون؟ وهل هى فعلا صورة من صور توظيف الأموال؟ الخبير المصرفى أحمد آدم أكد أن تلك الشركات والتى انتشرت فى بعض المحافظات هى شركات تعمل بنظام الربا، ولابد أن تقوم الحكومة بمواجهتها، لأنها تعد عودة للنظام المرابى القديم، وهذه الشركات لا تعمل على تدعيم الصناعة أو مستوى المعيشة بل تسعى فقط للحصول على أعلى قدر من الربحية. وقال إن تلك المؤسسات التى تقدم القروض للمشروعات متناهية الصغر، تقدمها للعملاء الذين لا يمتلكون أوراقا رسمية تمكنهم للتعامل مع البنوك وغالبا ما تكون من مصانع بئر سلم أو قروض شخصية. وطالب آدم بسن قانون بقصر منح القروض متناهية الصغر على جمعيات رجال الأعمال والمؤسسات التى تتبع الشئون الاجتماعية فقط. وأشار إلى أن البنك الوطنى للتنمية كان قد قام بالتعاون مع هيئة المعونة الأمريكية لإقامة مشروع من خلال فروع البنك فى عدد من المحافظات فى الشرقية خاصة كفر صقر وبلبيس ودمياط بتقديم قروض بدون ضمانات للمشرعات متناهية الصغر، مؤكدا نجاح تلك التجربة حيث تجاوزت نسبة السداد 95%، الأمر الذى دفع جمعية رجال الأعمال بالإسكندرية إلى انتهاج نفس المنوال، فى حين رفضت البنوك تلك الفكرة خاصة لعدم حيازة عملاء تلك الشريحة من الأوراق الرسمية التى تضمن حقوق البنوك. وأوضح إن التعامل مع هذه الفئة من مستثمرى المشروعات متناهية الصغر يتطلب استعلام عن العميل بصورة مستمرة، بالإضافة إلى أن المؤسسات هى من تبحث عن العميل وليس العميل هو من يبحث عنها أى تختار العميل التى تريد التعامل معه، كما أن الفائدة يتم تحصيلها أسبوعيا، كما أن ارتفاع سعر الفائدة التى تقرها تلك المؤسسات ترجع إلى مصاريف انتقال بالإضافة إلى إنشاء صندوق للزمالة يتم سداد مديونية العميل المتعثر. وأكد أن تلك المؤسسات حمت صناعات كثيرة من الاندثار مثل صناعة الكليم والسجاد اليدوى، وصناعة الحصر، ومشيرا إلى أن عددا من البنوك حاول تقليد تلك الفكرة بعد نجاح جمعيات رجال الأعمال وأهمها بنك القاهرة أيام رئاسة احمد البردعى له إلا أنها لم تلاق نفس النجاح. أما د.خليل أبو الروس أستاذ بالأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية، فأكد مخالفة تلك الشركات للقانون لأن القانون يمنع أية شركات من جمع الأموال أو أن تمنحها فى هيئة قروض إلا من خلال البنوك أو الشركات المساهمة التى تعمل تحت مظلة سوق المال، أو الشئون الاجتماعية. وقال إنها تعتبر من توابع الأزمة المالية بعدما تشددت البنوك أكثر فى منح القروض، وهو أدى لظهور هذه الشركات التى تستغل حاجة الفقراء من طالبة القروض البسيطة وتحصل منهم على فائدة كبيرة تصل فى بعض الأحيان إلى نصف القرض وربما تزيد. وشبه أبو الروس رؤساء تلك الشركات بتجار المخدرات الذين يبحثون عن المكسب المريح والسريع فقط، مشددا فى الوقت نفسه على ضرورة أن تتصدى لهم الجهات الرقابية، حيث يمكن أن تتجه هذه الشركات إلى تلقى أموال من المواطنين بدل الإقراض بفائدة أقل وتحصل على الفرق بينهما مما يهدد عمل البنوك. فى حين أكد الخبير الاقتصادى شريف دلاور أن البنوك المصرية ليست فقط هى من ترفض تمويل المشروعات متناهية الصغر بل كافة البنوك العالم، حيث إن عملاء تلك الفئة لا يمتلكون أية أوراق تتضمن مستحقات البنوك حيث لا تمتلك سجلا تجاريا وتتبع القطاع غير الرسمى، مؤكدا أنه لا يوجد سوى بنك واحد على مستوى العالم وهو بنك "جرامين" ببنجلاديش هو الوحيد الذى قدم تمويلا ل 4 ملايين من صغار العملاء. وأكد دلاور على الإنجاز الذى حققته جمعية رجال الأعمال بالإسكندرية عام 1991 والتى أقرضت نحو 2 مليار جنيه بنسبة استرداد تصل إلى 93% بضمانة 8 ملايين دولار وضعت فى البنوك منحة من وكالات أمريكية وبموافقة مجلس الشعب، وبدأت بعدها جمعية رجال الأعمال بأسيوط والمنصورة فى انتهاج نفس الأسلوب. وقال دلاور إن تلك القروض تقدم دون ضمانات حيث إن الشرط الأساسى هو أن يكون المقترض حسن السير والسلوك، مؤكدا أنه قرض اجتماى، وأرجع دلاور ارتفاع فائدة تلك القروض إلى تقديم تلك الجمعيات لخدمات فى التدريب وتحويلها من القطاع غير الرسمى إلى القطاع الرسمى، بالإضافة إلى جلب خبراء من الخارج. محمد السعدنى – تاجر خضار- أكد أنه يلجأ فى أيام كثيرة لاقتراض مبالغ من 5 إلى 10 آلاف جنيه لتسيير أعماله من شركات وجمعيات تقدم هذه القروض ورغم أنها تكون بفائدة كبيرة جدا، إلا أنها لا تطلب أى ضمانات سوى البيانات الشخصية وبعض البيانات البسيطة، ولذلك أفضل التعامل معها بديلا عن البنوك التى "تعقد الأمور وتأخذ نصف المبلغ فى صورة مصاريف إدارية" وهذا إذا وافقت أصلا على إقراضى. سامى إبراهيم – عامل – قال إن هذه القروض تعتبر مثل "الجمعية" ولكنها بفائدة إلا أن الميزة الوحيدة بها أنها يمكن الحصول عليها بسرعة وبدون تعقيدات عندما تحتاج إليها رغم علمى أنها تعتبر "ربا" إلا أننى دائما لا أسعى إليها إلا إذا كنت مضطرا لذلك، كما أن هذه الشركات تقدم القرض الذى تريده ولا تحدد مبلغا معينا كحد أدنى مثل البنوك وهذا هو السبب الرئيسى لرواج هذه القروض فى المناطق الشعبية البسيطة التى يحتاج الناس بها إلى مبالغ بسيطة.