الوقت فقط هو ما يحول بيننا وبين معرفة مرشح جبهة الإنقاذ فى الانتخابات الرئاسية القادمة، لكن كل الطرق تؤدى إلى إعلان حمدين صباحى مرشحًا باسمها، بعد أن أصبح الحديث فى الأمر بين رؤساء الأحزاب والقوى السياسية صريحًا، ونظرًا لرؤية أغلبهم بأن صباحى تتوافر فيه شروط تجعله يتفوق على غيره من المرشحين. لماذا حمدين صباحى مرشحًا رئاسيًا لجبهة الإنقاذ والقوى المدنية؟.. ما هو متوفر من معلومات وشواهد ترجح كفة صباحى، منها درجة كبيرة من القبول فى الشارع، حتى وإن لم يكن إجماعًا، ومع وجود انتقادات لبعض المواقف السياسية التى يتبناها من خلال التيار الشعبى الذى أسسه، لا يمكن تجاهل دور حمدين الفعال فى جبهة الإنقاذ التى ساهمت فى مواجهة الإخوان ومهدت ل30 يونيو. وبالعودة إلى الانتخابات الرئاسية 2012، والأسماء التى كانت تنافس على دخول القصر فقد احتل صباحى المركز الثالث حسب أعداد أصوات الناخبين، ثم إن منافسه التالى الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح كان يمثل فى رأى البعض الوسطية، إلا أن اختفاءه عن الشارع، وتناقض، وتردد مواقفه من الإخوان حتى وإن كان منشقًا، والمزاج العام بين المصريين يجعل فرصته أضعف مما كانت فى الانتخابات السابقة. ونفس الأمر بالنسبة لباقى المنافسين، ومنهم الدكتور محمد مرسى الذى قدم تجربة أفقدته والجماعة الكثير من الشعبية، والفريق أحمد شفيق الذى فقد ميزته التنافسية بعد ثورة 30 يونيو، وبقائه خارج البلاد، فضلًا عن أنه حقق فى الجولتين الأولى والثانية تصويتًا كان فى جزء منه انعكاسًا لحيرة الشارع وخوفًا من الإخوان. ولا يمكن إغفال اسم بحجم عمرو موسى السياسى المخضرم الذى يترأس لجنة ال50 المكلفة بتعديل مواد دستور 2012، لكنه لم يحسم موقفه، وأعلن مرات أنه لا ينوى الترشح خاصة فى ظل نصائح البعض له بأن يكتفى بما سطره من تاريخ طويل «مشرف»، ويختتمه بصياغة دستور يحقق أهداف الثورة وطموحات أبنائها، وحسبما جاءت النتائج فى الانتخابات الماضية، فإن قبول الشارع له ليس مشجعًا على تكرار التجربة مرة أخرى. لذا يمكن توقع أن مرشح جبهة الإنقاذ الذى سيجد الدعم المادى والسياسى فى حالة إحداث التوافق المفقود حاليًا بين رؤساء الأحزاب سيكون الرئيس السادس لمصر، خاصة أنه الوحيد القادر على تغيير قواعد اللعبة، هو الفريق أول عبدالفتاح السيسى الذى صار بطلا شعبيا ويحظى بقبول وتأييد أغلب المصريين، إلا أنه أكد مرارًا وتكرارًا على عدم رغبته فى الحكم، وحرص القوات المسلحة على عدم التدخل فى الحياة السياسية، وكلها عناصر تجعل موقف السيسى فى حالة انتظار. وبحثا عن حقيقة المشهد داخل جبهة الإنقاذ، نجد أن الأيام القليلة الماضية اتضح فيها أن هناك من تخلى عن حياديته ودبلوماسيته فى الحديث عن المرشح الرئاسى، فى ظل رفض الشارع لحالة الصمت وظهور العديد من الحملات والجبهات التى تنادى بترشح ذلك أو ذاك، وجاء أول الغيث تصريحات بعض قادة جبهة الإنقاذ، حيث جاء على لسان الدكتور وحيد عبدالمجيد الأمين العام المساعد: «أن الحديث بين رؤساء الأحزاب موجود بالفعل وهناك اتجاه قوى على الموافقة على الدفع بحمدين صباحى مرشحًا باسم الجبهة، وممثلًا للقوى المدنية فى الانتخابات المقبلة»، لافتًا إلى أن الأمر لم يناقش رسميا إلا أنه يتوقع أن يتم فتح الملف قبل انتهاء عمل لجنة ال50 بعكس ما يؤكده الكثيرون بأن الأولوية حاليًا لمتابعة صياغة الدستور. وهنا يجب أن نذكر ما أكدته بعض المصادر بأن ارتفاع أسهم الفريق أول عبدالفتاح السيسى فى الشارع وتزايد شعبيته، كان فى مقدمة الأسباب التى دفعت قادة جبهة الإنقاذ بالتطرق لملف الانتخابات الرئاسية، والحديث عن مرشح لها حتى لا يبدو أنها تدفع نحو مرشح معين. خاصة مع انتقادات ممثلى الأحزاب المدنية، للفريق سامى عنان عندما تواترت الأنباء عن رغبته فى إعلان الترشيح للرئاسة، وبدا تولى عمرو موسى رئاسة لجنة ال50، وكأنه اتفاق غير معلن منذ 30 يونيو بين قادة الجبهة، بأن يبتعد صباحى عن تولى أى مناصب ليكون مرشحًا للإنقاذ فى الانتخابات الرئاسية، خاصة بعد اختفاء الدكتور محمد البرادعى من المشهد السياسى، والدكتور حازم الببلاوى، وبعض قادة الجبهة، مثل منير فخرى عبدالنور، وأحمد حسن البرعى فى الحكومة وعمرو موسى، والسيد البدوى، وسامح عاشور، وغيرهم فى لجنة ال50. وبما أن الحديث مازال فى بداياته فإن الآراء تختلف ولم يصل رؤساء الأحزاب للتوافق حول حمدين صباحى، حيث يرى الدكتور أسامة الغزالى حرب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية، أن الظروف العصيبة التى تمر بها البلاد حاليا تجعل الحاجة لرجل عسكرى ملحة حتى يحارب الإرهاب، ويعيد الأمن للشارع، وتستقر الأمور سريعًا، ويؤكد أنه من الخطأ أن يُرشح صباحى فى الانتخابات القادمة باسم الإنقاذ، نظرًا لما يراه بأنه يمثل تيارًا بعينه وهو الناصرى، وليس كل التيارات التى تضمها الجبهة سواء ليبرالية أو يسارية. وتبدو المسألة موضوع وقت ليس أكثر، حتى يحدث التوافق بين قادة الإنقاذ على اسم المرشح الرئاسى لها، والأقرب لهذا هو حمدين صباحى، خاصة أن التيار القومى يدعم هذا الاختيار واليسار لا يمانع، فالليبراليون لا يجدون بديلا له من بين الأسماء المطروحة حاليا على الساحة، لذا فإن الأمر مسألة وقت فقط، ليجتمع قادة الجبهة ويتناقشون ويتوافقون ليخرجوا بعدها ليعلنوا أن صباحى مرشح الجبهة فى الانتخابات الرئاسية القادمة.