لفت جسدها العارى بملاءة السرير.. تمددت فى فراشها ومزيج من الاستسلام والغيظ يطبقا على صدرها. تلمح علبة سجائر زوجها.. تلتقط منها "سيجارة".. تغرزها بين شفتيها.. تشعلها بحنق ويدها تقاوم رعشة جسدها.. تنفث الدخان فى غضب.. تتراجع بها السنوات كثيراً لذلك المشهد المتكرر الذى لا تتذكر من طفولتها سواه.. عندما كان أبيها يأخذ أمها ويدخلها غرفة نومهما ويغلق الباب خلفهما.. وهى بالخارج تصرخ وتبكى وتطرق الباب فى خوف، حتى يخرج أبيها بعد وقت فى هيئة غير هيئته ويضربها بكفه السمين على وجهها الصغير ويقول: مش قولتلك كذا مرة متخبطيش علينا وإحنا جوة يابنت ال ... تعود وتطلق الدخان فى الهواء فى محاولة هزيلة لنفض الغضب الجاثم على صدرها.. دموعها تنساب فى حسرة شديدة.. تغمض عينيها لتكتم دمعها.. تعود لتتذكر نفسها وهى تراقب غرفة نوم أبيها وأمها من بعيد بتركيز شديد خوفاً من أبيها، منصتة لتنهيدات أمها التى تشبه أنين المريض المحموم.. منتظرة أن يفتح أبيها الباب لتجرى على حضن أمها، وتتأمل علامات الضيق والقهر مرسومة على ملامحها، ثم تلمح معالم النشوة على وجه أبيها وهو خارج من الحمام يقول لأمها: مش هتقومى تاخدى حمام يا ولية؟ فتصمت طويلاً ثم تنطق قائلة: هقوم. تفتح عينيها وهى تقاوم إحساسها المرير بالآلم.. تنتبه لصوت زوجها وهو خارج من الحمام يقول: مش هتقومى تاخدى دش يا حبيبتى؟ تطفئ السيجارة بعنف.. تطلق تنهيد عميقة.. تنطق بصوت مخنوق: هقوم.