لبنى حسين، اسم شغل الصحافة الغربية والأجنبية فى الآونة الأخيرة، فهى صحفية سودانية تواجه محاكمة قد تنتهى بتعرضها للجلد وغرامة غير محددة فقط لأنها ارتدت البنطلون. وكانت مجلة الإيكونومست البريطانية من الصحف التى تناولت هذه القضية، وتحدثت عن مدى تأثيرها على محاولات التخفيف من العزلة الدبلوماسية المفروضة على النظام السودانى. وتقول الصحيفة إنه فى بعض الأماكن، قد يكون مجرد ارتداء سروال "بنطلون" جريمة تتعلق بالملابس، فى السودان يعد ارتداء البنطلون مخالفاً للقانون؛ حيث تواجه لبنى حسين عقوبة التعرض لأربعين جلدة وغرامة غير محددة إذا تمت إدانتها بارتداء ملابس غير لائقة علانية وذلك لارتدائها البنطلون، فقد تم القبض عليها قبل شهر تحت حكم المادة 152 من القانون الجنائى فى السودان والذى يحظر "ارتداء ملابس غير لائقة أمام العامة"، دون أن يحدد على وجه الدقة ما يعنيه. وبحسب ما قالته لبنى حسين، فإن عشرة من السيدات الاثنتى عشرة اللائى تم القبض عليهن معها قبلوا على الفور بأنهن كن يرتدين ملابس غير لائقة، وحصلت كل واحدة منهن على 10 جلدات ودفعت 100 دولار غرامة، فى حين أصرت حسين على أنها بريئة وتقول إنها لم ترتكب خطأً بحسب القرآن الكريم أو القانون السودانى. بالإضافة إلى ذلك، أحرجت لبنى حسين السلطات بذكائها بتحويل قضيتها إلى اهتمام وسائل الإعلام؛ فباعتبارها صحفية، قامت لبنى بطبع 500 دعوة لمحاكمتها وأرسلت رسائل إلكترونية للصحف العالمية ودعتهم إلى مشاهدة جلدها، وتدفق أنصار حقوق المرأة والدبلوماسيون الأجانب والصحفيون إلى قاعة المحكمة، ومن خلال عملها كمسئول صحفى فى الأممالمتحدة، فبإمكانها الاستفادة بشكل ما من أشكال الحصانة الدبلوماسية للإفلات من المحاكمة كلها، إلا أن لبنى الشجاعة انسحبت من عملها من أجل المحاربة فى قضيتها. وقد تجمع 100 محتج الأسبوع الماضى أغلبهم من النساء واصطفوا خارج قاعة المحكمة، وحمل بعضهم لافتات تقول إن السودان تعود إلى العصور المظلمة. وتمضى الصحيفة فى القول: تمت الاستعانة بالشريعة الإسلامية التى تعد مصدر القانون الجنائى فى السودان عام 1993 من قبل الرئيس السابق جعفر النميرى وقد أثارت صراعاً منذ هذا الوقت؛ حيث خاضت الأغلبية غير المسلمة فى جنوب السودان حرباً أهلية مع المسلمين فى الشمال لعقود، وكان فرض الشريعة واحداً من أكبر المظالم التى تعرض لها أبناء الجنوب. وفى ظل اتفاق السلام الذى تم التوصل إليه عام 2005، فإن الشريعة سيتم تطبيقها على المسلمين فقط، إلا أن حسين أصرت على أن هناك مسيحيات ضمن قضيتها وأنهن تعرضن للجلد، وانتقد جنوب السودان الذى يتمتع بحكم شبه ذاتى اعتقال لبنى حسين ورفيقاتها. ولا يشعر كل سودانى من الشمال بالسعادة أيضا، حيث إن الكثير من المسلمين احتجوا بشكل واضح على الجلد، وقد تم فرض قيود على الملابس لأول مرة فى عهد حكومة عمر البشير الإسلامية، والذى وصلت إلى الحكم فى أعقاب انقلاب عسكرى قبل 20 عاماً؛ لكن الكثير من الحماس المذهبى جاء من الثورة الإسلامية عندما تم طرد منظرها الرئيسى حسن الترابى من الحكومة عام 2000، ومنذ هذه الفترة، أصبح هناك تخفيف تدريجى لحظر التجول والقيود على الملابس وغيرها من القيود الاجتماعية. فهناك الآن مزيد من النساء يرتدين البنطلون وأشكال الملابس الغربية الأخرى أكثر مما كان عليه الوضع قبل سنوات قليلة.. وعلى الرغم من ارتداء الحجاب فى الخارج، إلا أن الشابات الصغيرات فى السودان يذهبن إلى الحفلات يرتدين تى شيرتات وبنطلونات، ويسمون هذا، الفجوة بين "الكنيسة والدولة". حتى العقوبات القاسية التى صدرت ضد النساء العشرة تتعارض مع التغير الاجتماعى فى السودان، ومن هنا تأتى ردود الفعل العنيفة على ما تعرضت له لبنى حسين، إلى جانب ذلك، فإن السودان لا تزال تضم واحدة من أقوى الحركات النسائية فى العالم العربى والتى ساعدت فى حشد الدعم للبنى حسين من نساء أخريات فى السودان وخارجها. وفيما يتعلق بتأثير قضية لبنى حسين على السودان خارجياً، تقول الإيكونومست: يبدو أن العمل العشوائى الذى قام به رجال الشرطة والزوبعة التى أعقبته يأتى فى لحظة سيئة لحكومة السودان، فبعد سنوات من العزلة الدبلوماسية بسبب أفعالها فى إقليم دارفور؛ فإن السودان ترى أول إشارات على بوادر تصالحية من إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما؛ فالمبعوث الأمريكى الجديد إلى السودان سكوت جراشن اقترح إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب التى تضعها وزارة الخارجية الأمريكية، وما دام هذا الأمر مطلباً سودانياً، ولذلك فإن حكومة الخرطوم ابتهجت. غير أن الجلد العلنى لصحفية أصبحت الآن مشهورة سيذل بعمق نظاما حاول الكشف عن وجه ألطف أمام العالم. القاضى قام بتأجيل محاماة حسين حتى سبتمبر المقبل لتقييم ما إذا كان بإمكانها أن تستفيد من الحصانة الدبلوماسية على الرغم من أنها تركت وظيفتها فى الأممالمتحدة.