"لله يا محسنين" جملة صغيرة عفا عليها الزمان، كانت تستخدم على ألسنة الشحاذين والمتسولين، لكنها تطورت الآن بحكم التكنولوجيا والابتكارات العلمية الحديثة ليصبح التسول مهنة ولها طرق متعددة بل وفنون متنوعة يتم تطويرها هى الأخرى، كلما اكتشف عدم جدواها فى التعامل مع الناس، أما الآن فإننى أرى أن تلك الجملة لابد من استخدامها ولكن مع تغيير طفيف عليها، فبدلاً من أن نقول "لله يا محسنين" يجب أن نقول "لله يا مجرمين". نعم، فالآن من يملك الأموال هم المجرمون، ومن يملك السلطة هم المجرمون، ومن تقف له الدنيا بكلمة هم المجرمون، ومن جعلوا المصريين يكرهون مصر هم المجرمون، ومن يخرب وطننا وينهب ثرواته وأمواله هم المجرمون، كم يحزننى بل ويبكينى كلما تحدثت مع شاب عن مصر، ووجدت كلامه ما هو إلا نبرة من الكره والتشنج من مصر، يعيش فيها كالأسير داخل سجن كبير لا يساوره قضبان حديدية ولكن يحاصره الفساد والبطالة والمحسوبية والواسطة والجهل والتخلف، لكنى على يقين أن ما بداخل كل فرد على أرض هذه المغلوبة على أمرها مصر يعرف يقيناً أن العيب ليس فيها، لكنه فى الذين ينعمون فى قصورهم على حساب صحتنا وتعليمنا وأرزاقنا، يصطافون فى أفخم المصايف فى العالم بأموال أصلها لنا، ويفوح من رائحتها عرقنا وتعبنا. لله يا مجرمين اتركونا وشئننا، كفاكم ما سرقتكم ونهبتم وقتلتم وظلمتم وشردتم وأهنتم، وكفانا ما حدث لنا اذهبوا وإن فعلتموها فإن السماح سيسبقكم، فيكفينا حساب الله فى يوم لا ريب فيه، لله يا مجرمين لا نريد أن نجد كل المصريين حلمهم الوحيد هو الفرار من مصر وهجرها، فمصر لنا لا إليكم، لله يا مجرمين نريد أن نرى مصر الحقيقية قبل أن نرى بطن ترابها ونحن فى قبورنا ولحودنا، فكم اشتقنا للتنعم بخيرها ورؤية صفاء سمائها ونقاء مائها، كم اشتقنا أن نراها خالية من السرطان، كم اشتقنا أن نرى تعليماً يخرج لنا علماء وأدباء وأفاضل، كم اشتقنا أن نرى مصر حضناً للعرب بحق، كم اشتقنا لكثير وكثير وأكثر شىء نشتاق إليه هو رحيلكم عنا أيها المجرمون، فهلا سمعتم وتجاوبتم ونفذتم.. لله يا مجرمين كفاكم إجرام.