ارتفاع أسعار الذهب عالميا وسط ترقب لخطاب رئيس الاحتياطي الفيدرالي في جاكسون هول    72 شهيدا بنيران جيش الاحتلال في غزة منذ فجر اليوم    الزمالك يوفر حافلات لنقل جماهيره إلى الإسماعيلية استعدادا لمواجهة مودرن    ذا أثليتك: الدوري الأمريكي يوافق على رفع علم فلسطين في مدرجات كولومبوس بسبب وسام    الأرصاد تحذر من الملاحة بالبحر الأحمر وارتفاع الأمواج على هذه الشواطئ غدا    فرقة كنعان الفلسطينية تشعل أجواء القلعة بالأغاني الحماسية ومشهد الاستشهاد (فيديو وصور)    شروط الالتحاق بأقسام آداب القاهرة للطلاب المستجدين 2025 (انتساب موجه)    إنريكي يضع شرطا لتعاقد باريس سان جيرمان مع صفقات جديدة    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    "بيقارنوا بلاعيبة الدوري المصري".. تعليق ناري من خالد الغندور على جائزة صلاح الجديدة    تنسيق الشهادات المعادلة 2025.. خطوات تسجيل الطالب بياناته ورغباته    قبل نهاية فترة الانتقالات.. مانشستر يونايتد يخطط لبيع خمسة لاعبين    عانى من كسرين في القدم.. تفاصيل جراحة مروان حمدي وموعد عودته للمباريات    نقيب الأشراف يلتقي رئيس مجلس القضاء الأعلى لتقديم التهنئة بتوليه منصبه    الداخلية تكشف ملابسات فيديو سيدة تلقي بنفسها أمام السيارات في الشرقية    غدر الذكاء الاصطناعى    المنشاوي يهنئ طلاب جامعة أسيوط بحصد 9 جوائز في مهرجان الطرب للموسيقى والغناء    تعرف على آخر مستجدات الحالة الصحية للفنانة أنغام    وفاة ابن شقيقة المطرب السعودي رابح صقر    تعرف على قصة مسلسل سنجل مازر فازر بطولة ريهام عبد الغفور وشريف سلامة    محافظ الغربية: ملف المخلفات على رأس أولويات تحسين جودة الحياة للمواطنين    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الاكتئاب والفتور في العبادة (فيديو)    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    جامعة قناة السويس تطلق قافلة شاملة لقرية التقدم بالقنطرة شرق    في يومه العالمي- متى تسبب لدغات البعوض الوفاة؟    النائب محمد أبو النصر: رفض إسرائيل مبادرة وقف إطلاق النار يكشف نواياها الخبيثة    إيران تدرس إرسال وفد إلى فيينا لاستئناف المحادثات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    وزير الصحة يتفقد مستشفى الشروق ويوجه بدعم الكوادر الطبية وتطوير الخدمات    الأوقاف تعقد 681 ندوة بعنوان "حفظ الجوارح عن المعاصى والمخالفات"    بيع مؤسسي يضغط سوق المال.. والصفقات تنقذ السيولة    وكيل تعليم الغربية: خطة لنشر الوعي بنظام البكالوريا المصرية ومقارنته بالثانوية العامة    مدرسة روزاليوسف المشتركة - لغات صحفية - مستوى رفيع    البيئة تناقش آليات تعزيز صمود المجتمعات الريفية أمام التغيرات المناخية بقنا    مدحت العدل ينعى يحيى عزمي: "واحد من حراس الفن الحقيقي"    البرديسي: السياسة الإسرائيلية تتعمد المماطلة في الرد على مقترح هدنة غزة    النائب علاء عابد: المقترح «المصري–القطري» يتضمن بنود إنسانية    طقس غد.. حار بأغلب الأنحاء ونشاط رياح واضطراب الملاحة والعظمى بالقاهرة 35    مدبولي لقادة الدول: حان الوقت لاتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لردع العدوان الإسرائيلي والاعتراف بالدولة الفلسطينية    حملة موسعة على منشآت الرعاية الأولية في المنوفية    إزالة 19 حالة تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في المنيا    تحرير 7 محاضر لمحلات جزارة ودواجن بمدينة مرسى مطروح    محافظ الإسماعيلية يتفقد عددا من القطاعات الخدمية ويستمع للمواطنين بمركز أمراض الكلى    تعرف على مواجهات الزمالك في دوري الكرة النسائية للموسم الجديد    بيع 11 محلًا تجاريًا ومخبز بلدي في مزاد علني بمدينة بدر    ضبط المتهمين بالتنقيب عن الآثار داخل عقار بالخليفة    عمر طاهر على شاشة التليفزيون المصري قريبا    الليلة.. إيهاب توفيق يلتقي جمهوره في حفل غنائي بمهرجان القلعة    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الأربعاء 20 اغسطس 2025 بمحافظة بورسعيد    توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين اقتصادية قناة السويس وحكومة طوكيو في مجال الهيدروجين الأخضر    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    نيوكاسل ردا على إيزاك: لم يتم إبلاغه أن بإمكانه الرحيل.. ونرحب بعودته    الاحتلال الإسرائيلي يقتل نجم كرة السلة الفلسطينى محمد شعلان أثناء محاولته الحصول على المساعدات    انطلاق القطار السادس للعودة الطوعية للسودانيين من محطة مصر (صور)    تحرك شاحنات القافلة ال19 من المساعدات الإنسانية من مصر إلى غزة    ترامب: رئيس البنك المركزي يضر بقطاع الإسكان وعليه خفض أسعار الفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دولة مدنية لا دينية ولا علمانية
نشر في اليوم السابع يوم 13 - 07 - 2009

بين الحين والآخر يثير العلمانيون موضوع الدولة الدينية والمدنية، ويحاولون دومًا أن يخلطوا الأمور ويلصقوا بالمشروع الإسلامى الإصلاحى المستنير نموذج الدولة الدينية الغربية التى كفر بها كل الإصلاحيين فى العالم؛ على مختلف أيديولوجياتهم ومذاهبهم السياسية؛ لكن الواقع والتاريخ يؤكد للبشرية أن الدولة الإسلامية قامت فى مجملها على أسس الدولة المدنية، واعتمدت فى مرجعيتها على الهوية الإسلامية والدليل على ذلك:
* إن الإسلام أقام دولته على المؤسسية التى هى أهم أسس الدولة المدنية؛ فقد نجح الرسول الكريم محمد- صلى الله علية وسلم- أن يرسخ دولة المؤسسات، وأن يهيكل حكومته على اختيار الأصلح، ورسخ مبدأ الشورى الملزمة التى لا تختلف مع معانى الديمقراطية الحالية، وخلص العرب من العشوائية السياسية والقبلية التى تتنازع على أتفه الأسباب، وكلنا يعلم كيف كانت أحوال العرب سياسيا واجتماعيا واقتصاديا قبل بعثة الرسول الكريم.
* إن التشريع الإسلامى وضع نظاما متكاملا لأسس الحياة، ووضع الخطوط العريضة للتعاملات، ورسخ المبادئ والأخلاقيات التى ترتفع وتسمو بالإنسانية، وأعطى الفرص للبشر أن ينظموا حياتهم بما يتناسب مع تطورات العصر، فالتشريعات الملزمة مثل الحدود والفرائض والحلال والحرام لا تزيد عن نسبة 40% من مجريات الحياة، بينما نجد أن هناك 60% من تنظيمات الحياة البشرية تقع تحت مظلة المصالح المرسلة التى ترك الله لعباده تنظيمها بالطبع بما لا يخالف مبادئ العدل والمساواة وتكافؤ الفرص، مع العلم أن الأصل فى كل أمور الحياة الإباحة إلا ما جاء فيه نص، فما حرم الله حرامًا إلا لحماية الإنسانية، والترفع بها عن الحيوانية، فما حرم الإسلام الزنا إلا لصيانة الأنساب والإنقاذ من الأمراض القاتلة مثل الإيدز وغيره، وما حُرِّم القتل إلا للمحافظة على الروح، وما حُرم الربا إلا لإنقاذ العالم من الأزمات المالية، وما حُرم الخمر إلا لحماية العقل، وما حرمت الغيبة والنميمة والسب والقذف إلا لحفظ السمعة والسلام الاجتماعى.
* أقر الإسلام الحرية الشخصية بمختلف درجاتها، لكنها مشروطة بالحفاظ على حرية الآخرين، ومبادئ المجتمع التى يتبناها، كما يقر المشروع المدنى الإسلامى حرية الاعتقاد ومبدأ المواطنة، فها هو النبى الكريم منذ الوهلة الأولى يحافظ على النسيج الوطنى لدولته بالمدينة ويوقع وثيقة مدنية من الطراز الأول أقرت حقوق المخالفين له فى الاعتقاد، ووقع معاهدات مع اليهود من أجل دمجهم فى المشروع المدنى الإسلامى الذى تمتعوا من خلاله بكل مبادئ المواطنة، وظل المسلمون محافظين على عهودهم حتى نقضوا اليهود عهودهم ونكسوا على أعقابهم وتآمروا على المسلمين، وهتكوا مبادئ المواطنة، ووالوا أعداء وطنهم والمحاربين لدولتهم.
* كما أقر المشروع المدنى الإسلامى الحرية العلمية، ولاقى العلماء فى ظل هذا المشروع كل المساعدة والتقدير، فما سمعنا عن عالم قُتل بسبب اختراع له كما فعل الغرب مع علمائه فى العصور المظلمة، لكن سمعنا عن الخلفاء الذين وصل تشجعيهم للعلماء أن تصل عطاياهم لهم أن توزن مؤلفاتهم بالذهب كما حدث فى العصر العباسى الثانى، بل أقر النبى الكريم هذه الحرية بموقفه من أمر النخيل فى المدينة؛ حيث استشاروه وأمرهم الرسول بمعالجة للنخيل تخالف معالجتهم المعتادة، وعندما لم تأت الثمار المطلوبة؛ علمهم النبى درسا مهمَّا أقر به الحرية العلمية؛ حيث أطلق الرسول كلمته المشهورة "أنتم أعلم بشئون دنياكم" أى فتح باب الاجتهاد العلمى على مصراعيه أمام المسلمين وطالبهم بتفعيل نعمة العقل.
*كما أقر المشروع المدنى الإسلامى مبدأ أصيلاً من مبادئ الدولة المدنية وهو مبدأ المحاسبة لكل من تولى منصبا عامًّا، فنجد الرسول الكريم يحاسب عماله على الأمصار ويرفض أن يقبلوا الهدايا، ويعزل من يتكسب من منصبه، ولعل موقفه مع أحد عماله عندما قبل الهدايا كان واضحًا وضوح الشمس عندما قال الرجل للرسول: هذا المال لكم، وهذا المال لى؛ فقد أُهدى إلى. فما كان من النبى إلا أن زجره، وقال: "فهلا جلست فى بيت أبيك وبيت أمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقاً، ثم قام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فخطب الناس وحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإنى أستعمل رجالاً منكم على أمور مما ولانى الله فيأتى أحدكم فيقول: هذا لكم وهذه هدية أهديت لى، فهلا جلس فى بيت أبيه وبيت أمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقاً، فو اللهِ لا يأخذ أحدكم منها شيئاً بغير حقه إلا جاء الله يحمله يوم القيامة: "فلا أعرفن أحداً منكم لقى الله يحمل بعيرًا له رغاء، أو بقرة لها خوار أو شاة تبعر- ثم رفع يديه حتى رؤى بياض إبطيه- ألا هل بلغت" رواه البخارى، وعلى هذا الدرب سار الخلفاء وعلى رأسهم عمر بن الخطاب؛ فكان سنويا يقوم بمحاسبة أمراء الولايات فى موسم الحج، ويقوم بالضرب بيد من حديد على المتجاوزين لمبادئ العدل والشفافية، ولعل خير دليل على ذلك حادثة اعتداء ابن عمرو بن العاص على بن القبطى المصرى المسيحى وتصميم الخليفة على القصاص له مرددًا كلمات شهد له التاريخ بها وهى "متى استعبدتم الناس وقد خلقهم الله أحرارا" مقرًّا حقوق المواطنة ومبدأ المحاسبة للجميع مهما كبر منصبه أو مكانته فى الدولة، بل وصل مناخ الحرية إلى أن يحاسب الرعية الحاكم لأن الحاكم يعلم جيدًا أنه أجير عند الأمة، فها هو رجل يقول لعمر والله لو رأينا فيك انعواجًا لقومناك بسيوفنا، وآخر يقول له على رؤوس الأشهاد أثناء خطبة الجمعة: يا عمر لا سمع لك علينا ولا طاعة حتى تُعلمُنا من أين أتيت بهذا الثياب، ولا يسكت الرجل حتى يعلم مصدر الثوب، مقرًّا مبدأ من أين لك هذا؟ وما سمعنا أن عمر أمر باعتقال الرجلين أو حولهما لمحاكمة عسكرية، أو تعرضا للتعذيب فى مسالخ الشرطة؛ ولكنه أجاب الرجلين، وأعلن عن ذمته المالية أمام جميع الرعايا، إنها الشفافية والعدالة التى تمتعت بها الدولة المدنية الإسلامية.
وفى النهاية أطالب رؤوس العلمانية فى العالم أن يعطونى نموذجًا لدولة مدنية كهذه الدولة المدنية الإسلامية التى ملأت الدنيا عدلاً، وساوت بين البشر، وارتفعت بالإنسانية عن الغرق فى أوحال الشهوانية والمادية المطلقة، ونسقت بين مطالب الإنسانية الروحية والجسدية، ورفضت العنصرية بكل ألوانها، فما سمعنا عن مسيحية أو يهودية قتلت بسبب أنها عارية الشعر فى عهد الدولة الإسلامية؛ لكن سمعنا عن مروة الشربينى التى قتلت بسبب حجابها فى معقل الحضارة والتحضر "أوربا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.