سعر الدولار اليوم 19-6-2024.. اعرف آخر تحديث من البنوك في إجازة العيد    حدث ليلا.. إنفجار مستودع ذخيرة بتشاد وبوتين يعيد إشعال الحرب الباردة وإعصار يهدد أمريكا    الجيش الإسرائيلي يقصف خيام النازحين في منطقة المواصي    فيضانات تُغرق الصين وأمريكا.. خسائر فادحة بسبب الطقس المتطرف    الاتحاد السعودي يرصد التعاقد مع نجم برشلونة    عاجل.. مفاجأة صادمة في تقرير حكم مباراة الزمالك والمصري.. «جوميز في ورطة»    الأرصاد: غدا الخميس البداية الفلكية لفصل الصيف    ولاد رزق 3 يقترب من ال100 مليون جنيه في أسبوعه الأول بدور العرض    سعر الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 19 يونيو 2024 للتجار ولجميع الموزعين والشركات    أسعار السمك والجمبري اليوم الأربعاء 19 يونيو 2024    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 19- 6- 2024 في أمم أوروبا يورو 2024 والقنوات الناقلة    استشهاد 7 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى على شمال غربى مخيم النصيرات وغزة    الجيش الأمريكى يعلن تدمير 9 ‬طائرات مُسيرة للحوثيين فى آخر 24 ساعة    رابطة الأندية المصرية تنعى مشجعتي الأهلي نورهان ناصر ونرجس صالح    اليوم.. مصر للطيران تبدأ جسرها الجوي لعودة الحجاج إلى أرض الوطن    إيطاليا تتعرض لموجة طقس حار اعتبارا من اليوم    محافظ الغربية يتابع إزالة 13 حالة تعدي على الأراضي الزراعية ومخالفات بناء    أثار الذعر في الساحل الشمالي.. ماذا تعرف عن حوت كوفييه ذو المنقار؟    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. رابع أيام عيد الأضحى 2024    المحافظ والقيادات التنفيذية يؤدون العزاء فى سكرتير عام كفر الشيخ    حسن الخاتمة.. وفاة الحاجّ ال 12من الفيوم خلال أداء مناسك الحج    الأعلى للآثار يكشف عدد زائري المواقع الأثرية والمتاحف خلال العيد    ترامب: بايدن جعل أمريكا أضحوكة العالم    أسعار النفط تصل إلى أعلى مستوياتها في أكثر من شهر    انطلاق احتفالات دير المحرق.. بحضور 10 آلاف زائر يوميا    محمد رمضان يعلن غيابه عن دراما رمضان 2025    هل الأموات يسمعون كلام الأحياء؟ دار الإفتاء المصرية تكشف مفاجأة    سورتان للمساعدة على التركيز والمذاكرة لطلاب الثانوية العامة    أجزاء في الخروف تسبب أضرارا صحية خطيرة للإنسان.. احذر الإفراط في تناولها    بعد 17 عامًا من طرحه.. عمرو عبدالعزيز يكشف عن مفاجأت من كواليس «مرجان أحمد مرجان»    «المركزى» يعلن ارتفاع الودائع ل10.6 تريليون جنيه    «ثورة أخيرة».. مدينة السلام (20)    القبض على السائق المتسبب في مصرع مشجعتي الأهلي أمام استاد برج العرب    مؤسسة علمية!    مستشار الشيبي القانوني: قرار كاس هو إيقاف لتنفيذ العقوبة الصادرة بحقه    ملف يلا كورة.. انتصار الأهلي.. جدول مباريات الليجا وبريميرليج.. وفوز تركيا والبرتغال في يورو 2024    الحكومة الجديدة والتزاماتها الدستورية    مصرع مسن واصابة اثنين في انقلاب سيارتين بالغربية    إجراء عاجل من السفارة المصرية بالسعودية للبحث عن الحجاج «المفقودين» وتأمين رحلات العودة (فيديو)    في ثالث ايام عيد الاضحى.. مصرع أب غرقًا في نهر النيل لينقذ ابنته    احتفالية العيد ال 11 لتأسيس ايبارشية هولندا    لبيك يا رب الحجيج .. شعر: أحمد بيضون    عودة محمد الشيبي.. بيراميدز يحشد القوة الضاربة لمواجهة بلدية المحلة    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    مكتب الصحة بسويسرا: نهاية إتاحة لقاح كورونا مجانا بدءا من يوليو    كريمة الحفناوى ل"الشاهد": لحظة تشييع جثمان الحسينى أبو ضيف كانت موجعة    أشرف غريب: عادل إمام طول الوقت وسط الناس    المراجعة النهائية لمادة اللغة العربية لطلاب الصف الثالث الثانوي.. نحو pdf    حظك اليوم.. توقعات برج العذراء 19 يونيو 2024    علامتان محتملتان للإصابة بالسرطان في يديك لا تتجاهلهما أبدًا (صور)    تصدُر إسبانيا وألمانيا.. ترتيب مجموعات يورو 2024 بعد انتهاء الجولة الأولى    أسقف نجع حمادي يقدم التهنئة للقيادات التنفيذية بمناسبة عيد الأضحى    بطريرك السريان الكاثوليك يزور بازيليك Notre-Dame de la Garde بمرسيليا    بعد وفاة العشرات خلال الحج بسببها.. كيف يمكن أن تكون ضربة الشمس قاتلة؟    بدائل الثانوية الأزهرية| معهد تمريض مستشفى باب الشعرية - الشروط وتفاصيل التقديم    الصحة: ترشيح 8 آلاف و481 عضو مهن طبية للدراسات العليا بالجامعات    هل يؤاخذ الإنسان على الأفكار والهواجس السلبية التي تخطر بباله؟    دار الإفتاء: ترك مخلفات الذبح في الشوارع حرام شرعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ننفرد بنشر نص مذكرة سامح عاشور لقانونية استمارات "تمرد" لسحب الثقة من الرئيس.. استندت لموقف سعد زغلول مع المندوب السامى البريطانى 1919.. وسحب الثقة من الحاكم طبق فى عديد من دول أوروبا
نشر في اليوم السابع يوم 25 - 06 - 2013

أعد سامح عاشور، نقيب المحامين، والقيادى بجبهة الإنقاذ الوطنى، مذكرة شارحة بالأسباب والأسانيد الدستورية والقانونية المؤيدة لحجية وقانونية استمارات حملة "تمرد"، لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسى، وجماعة الإخوان المسلمين.
وهذا نص المذكرة:
مذكرة شارحة بالأسباب والأسانيد الدستورية والقانونية المؤيدة لحجية وقانونية استمارات حملة "تمرد"
مقدمة من سامح عاشور
المحامى بالنقض
نقيب المحامين
إلى جموع الشعب المصرى ولكل من يهمه الأمر:
يعتقد البعض واهماً فى ظنه أن فكرة جمع التوقيعات على أمر معين أو فكرة سحب الثقة هى من نسج الخيال وليس لها أصل تاريخى أو قانونى.
فعلى الصعيد المحلى لا ننسى انطلاق حملات مشابهة عبر عقود طويلة ولعلنا نتذكر وقتما رغب الزعماء الثلاثة (سعد زغلول – عبد العزيز فهمى – على شعراوي) عام 1919 الذهاب لمؤتمر الصلح فى باريس بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى للمطالبة باستقلال مصر فما كان من المندوب السامى البريطانى وقتها "ونجت" إلا أن واجههم رافضاً ومتهكماً: "من أنتم حتى تمثلوا الشعب المصرى"، فما كان منهم – دون يأس – إلا أن قاموا بعمل صيغة جمعوا عليها توقيعات قطاع عريض من الشعب المصرى لتفويضهم وتوكيلهم عنهم.
وانتشرت أوراق جمع التوقيعات رغم حصارها ومحاربتها إلا أنها أصبحت رمزاً وفكرة وحلم لجموع المصريين ضد الاحتلال الغاشم وانتصرت إرادة الأمة فى الحرية والاستقلال على إرادة الاحتلال.
وعلى الصعيد العالمى أيضاً لم تكن فكرة سحب الثقة بعيدة عن التطبيق الواقعى فهى طبقت فى عديد من دول أوروبا لكن أشهرها فى التاريخ الحديث كانت عام 2003 فى ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية فقد قام أحد أعضاء الحزب الجمهورى بعمل حملة لسحب الثقة من حاكم ولاية كاليفورنيا "جراى ديفيس" بعد عام من انتخابه، وذلك بسبب إحفاقاته السياسية وإلقائه اللوم دائماً على الحاكم الذى سبقه واعتبر "ديفيس" وقتها أن إجراءات سحب الثقة منه هى إهانة لإرادة ما يزيد عن 8 ملايين ناخب قاموا بانتخابه منذ عام واحد فقط وحاول حزبه "المحافظين" إنقاذه بأن قاموا بعمل حملة مضادة لتأكيد الثقة فيه مرة أخرى بجمع توقيعات للمؤيدين وبعد مرور أقل من شهرين على الحملة أظهرت الاستطلاعات أن 50% من عدد السكان يؤيدون سحب الثقة مما اضطره للتنازل.
وكل هذه الحملات العالمية والمحلية كان مردها الدستورى هو إعمالاً لصحيح نظرية سيادة الشعب فى ممارسة السلطة استخداماً وممارسة للديمقراطية المكفولة له بنص الدستور والقانون.
ولأن الدستور فى تعريفه: "هو القانون الأعلى الذى يرسى القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ويقرر الحريات والحقوق العامة ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها ويحدد لكل من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية وظائفها وصلاحيتها ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها مما يحول دون تدخل أى منها فى أعمال السلطة الأخرى أو مزاحمتها فى ممارسة اختصاصاتها"، فهو بذلك – أى الدستور – عند قراءته لابد من التدقيق فى كل ما يحويه من نصوص وعبارات وقواعد حتى نقف على المعنى الحقيقى المقصود.
وبمطالعة الدستور المصرى الذى نتحفظ عليه وعلى مضمونه ولا نتمسك فيه إلا بما استقرت عليه الشرعية الدستورية فى جميع أنحاء العالم والمبادئ الدولية المستقرة والمتفق عليها ونؤكد أننا نحاج القائمين على السلطة لما سطروه فى دستورهم وخدعوا به الأمة من أول ديباجته نجد أنه يؤكد على:
"أن هذا الدستور وثيقة ثورة الخامس والعشرين من يناير التى فجرها شبابنا والتف حولها شعبنا وانحازت إليها قواتنا المسلحة بعد أن رفعنا فى ميدان التحرير وفى طول البلاد وعرضها كل صور الظلم والقهر والطغيان والاستبداد والإقصاء والنهب والفساد والاحتكار"،
وأكدت ديباجة الدستور أيضاً على:
"أولاً: الشعب مصدر السلطات يؤسسها ويستمد منه شرعيتها وتخضع لإرادته ومسئولياتها وصلاحيتها أمانة تحمله لا امتيازات تتحصن خلفها.
ثانياً: نظام حكم ديمقراطى يرسخ التداول السلمى للسلطة ويعمق التعددية السياسية والحربية ويضمن نزاهة الانتخابات وإسهام الشعب فى صنع القرارات الوطنية".
وبالنظرة الدقيقة لهذا السرد الوارد فى ديباجة الدستور تجدر الإشارة إلى مبادئ عدة لابد من التأكيد عليها:
أولاً: أن هذا الدستور هو وثيقة ثورة تفجرت عن طريق الشباب والتف حولها الشعب مما يؤكد بشكل جلى أن الثورات محمية بنص الدستور ومصونة بأحكامه لا يجب النظر إليها وما شابهها على أنها عمل غير مشروع يعاقب عليه القانون وبتلك الثورات سقطت أنظمة وقامت أنظمة جديدة من المفترض أنها كانت تقوم على تحقيق مطالب ثورية أتت بهم فى النهاية إلى سدة الحكم.
ثانياً: أن ديباجة الدستور قد قررت للشعب حقوق عدة أهمها أن للشعب حق فى الإسهام فى صنع القرارات الوطنية فإذا ما ثار على ما ارتآه من ظلم وطغيان وقهر وإقصاء واحتكار كما هو الحال فى ثورة الخامس والعشرين فإن الدستور يحميه فى ذلك ويصون ثورته الجديدة.
ثالثاً: أن الدستور فى ديباجته وفى نصوصه أكد ضمن ما أكد على أن الشعب هو مصدر السلطات أى أنه منشئها وهذه السلطات تستمد مشروعيتها القانونية والدستورية من ذلك الشعب الذى أنشأها وكل هذه السلطات فى مجملها تخضع لإرادته وفق نصوص الدستور فإذا ما وجد – الشعب – أن هذه السلطات انحرفت عن المسار الذى أنشئت من أجله حق له بل واجب عليه أن يتدخل لتصحيح مسارها الذى اعوج، كما فعل من قبل حينما وجد مؤسسات الدولة انحرفت عن مسارها فثار عليها حتى أسقطها ورغم أن الدستور السابق 1971 لم يشر صراحة لحماية هذا النوع من الإجراءات "التحركات الثورية" فإن الدستور الحالى نص صراحة أنه وثيقة ثورة ولذلك فالحماية مضاعفة فلو أن التحركات الجماهيرية تعكس إرادة شعبية مصونة يضاف إليها النصوص الجلية التى تؤكد وتحمى وتصون هذه الإرادة وتحث على التحرك الثورى إذا ما دعت الحالة ذلك من وجهة نظر الثائرين.
كما نجد أن فى نهاية الديباجة التى لا تنفصل عن الدستور التزام من الدولة والشعب معاً بالثوابت الواردة فى هذا الدستور.. ديباجة ونصوص".
وقد جاء فى هذا المقام المادة الخامسة من الدستور التى تنص على:
"السيادة للشعب يمارسها ويحميها ويصون وحدته الوطنية وهو مصدر السلطات وذلك على النحو المبين فى الدستور".
ويعد هذا انعكاساً وتجسيداً واضحاً لنظرية "سيادة الشعب" وقد ذهبت كافة الشروح والتفاسير القانونية والسياسية لتلك النظرية على أنها تقوم على أن السيادة للجماعة بوصفها مكون من عدد الأفراد أى أنها تنظر إلى الأفراد ذاتهم وتجعل السيادة شركة بينهم فهم ليسوا كتلة واحدة لا تتجزأ إنما هى حق لكل فرد فى الجماعة بقدر متساو بمعنى أنه إذا كان مجموع ما حصل عليه الرئيس مثلاً يساوى عدد معين مارس سيادته فلا يعنى هذا بأى حال من الأحوال انكار هذه السيادة على باقى الشعب باعتبارها موزعة عليهم ايضاً والفيصل هنا هو مجموع الأفراد اللذين اتجهت إرادتهم نحو أمر معين.
لأن كل فرد طبقاً لمبدأ سيادة الشعب – الذى أقره الدستور – له نصيب متساوٍ من هذه السيادة، وهو ما يعنى أن كل فرد له حق ممارسة السلطة كمظهر من مظاهر هذه السيادة.
وقد انعكس مبدأ سيادة الشعب على ممارسة الحرية السياسية وقد أدى هذا المضمون إلى نتائج هامة قانونياً وسياسياً، حيث انعكس ذلك بصورة مباشرة على ممارسة الحرية السياسية فتوسع نطاقها لتشمل أكبر عدد من الأفراد وتنوعت آليات ممارستها نظراً لتعدد المنافذ السياسية التى تطل منها على حركة الحياة الاجتماعية وهكذا فإلى جانب الصورة النيابية لممارسة الحرية السياسية والتى تتمثل فى اختيار الأفراد لمن سيتولون مهمة التعبير عن صاحب السيادة الأصيل وهو الشعب ايضاً هى تمكن أفراد المجتمع السياسى "الشعب" من الممارسة المباشرة لحريتهم السياسية دون وسيط أو وكيل حتى وإن اختاروه فاختيارهم له لتوكيله بمهمة التعبير عن سيادتهم لا يحرمهم من ممارستها فهى حق أصيل لهم.
ومن مظاهر ذلك الديمقراطية بأنواعها وكذلك الصورة الشعبية عن طريق الأحزاب السياسية وجماعات الضغط.
ولقد أجمع العالم بأسره فى الدول الديمقراطية أن الأسلوب الأمثل والمعترف به قانوناً والمحمى دستورياً هو وجود هيئات تمثيلية منتخبة من قبل الشعب "البرلمان – الرئاسة" تمارس السلطة باسمه ولحسابه إلى جانب مشاركة الشعب المباشرة فى ممارسة السلطة بطرق وصور مختلفة.
لدرجة أن بعض التفاسير القانونية والدستورية ذهبت إلى جواز طرح مشروع أو اقتراح على الشعب لإبداء الرأى فيه دون عرضه حتى على البرلمان المنتخب، حيث بمجرد الموافقة عليه من قبل الشعب بشكل مباشر يكتسب قوته الإلزامية للجميع.
وهذا ما حدث بالحرف إبان ثورة يناير المجيدة فقد طرح شبابناً أمر الثورة على الفساد والظلم والقهر والاستغلال على جموع الشعب فوافق الشعب مطالب الشباب وتلاقت إرادتهما والتف الشعب حول ثورة الشباب حتى أسقطت النظام المنتخب والبرلمان المنتخب.
وكذلك الأمر بالنسبة لحملة تمرد فهى طرحت أسباباً على الشعب ارتأت فى حدود سيادتها الشعبية انها أسباباً كافية لسحب الثقة من رئيس الجمهورية وتخليه عن الحكم وقد لاقى طرحها هذا قبولاً من غالبية الشعب ومارس سيادته الشعبية أيضاً فى قبول هذه الأسباب مما يعد ممارسة جلية وصحيحة لنظرية سيادة الشعب الذى اقرها الدستور ولا يعفى من ممارسة هذه السيادة كون الرئيس منتخب من عدمه لأن إرادة الجماهير إذا كان لها رأياً آخراً أصبحت إرادتها هذه بمثابة قوة إلزامية أقوى من سلطة الرئيس المنتخب.
كما تجدر الإشارة على أن هذا المبدأ له أصل ووجود من الناحية الشرعية، فإن سلطان الأمة أو الشعب له الحق فى اختيار الحاكم الذى يحكمه، وكذلك توجيهه ومساءلته ومحاسبته ومحاكمته وعزله إذا لم يكن صالحاً للحكم.
ويثور التساؤل:
هل ينسحب هذا المفهوم ويمتد إلى العمل الذى تقوم به حملة تمرد؟
الإجابة بمنتهى الوضوح وطبقاً للتفاسير المعمول بها على مستوى كافة الدول الديمقراطية التى تأخذ بمبدأ سيادة الشعب كما هو الحال فى الدولة المصرية فإن ما تقوم به حملة تمرد عبارة عن ممارسة ديمقراطية شعبية سلمية دستورية قانونية يمارس فيها الشعب سيادته وصلاحياته التى خولها له الدستور والقانون بل حثه عليها بممارستها وحمايتها إذا لزم الأمر فالتوقيعات المجمعة تعبر عن إرادة شعبية تعكس سيادة الشعب فى اتخاذ قرارات معينة.
ولأن الديمقراطية والمواطنة هما أساس ممارسة سيادة الشعب، فقد جاءت المادة السادسة من مواد الدستور لتنص على: "يقوم النظام السياسى على مبادئ الديقراطية والشورى والمواطنة التى تسوى بين جميع المواطنين...".
وفى ذلك مفهومان لابد من الإشارة إليهما:
الأول: شكل الحكم
الثانى: نظام الحكم
وإذا كان شكل الحكم هو التنظيم الذى تكون عليه المؤسسات السياسية العليا فى الدولة مثل مؤسسة الرئاسة والحكومة والسلطة التشريعية وطرق تكوينها ومبادئها. فإن نظام الحكم المقصود به شكل الحكم بالإضافة إلى الوسائل والأساليب المستخدمة لممارسة الديمقراطية والعملية السياسية برمتها.
ويتجلى هذا المفهوم من الناحية الدستورية فى عدة عناصر منها:
المشاركة الفعلية المباشرة والمستمرة للمواطنين فى تحديد اختيارات وسياسة البلاد وتطبيق هذه السياسة.
وهذا ما تقوم به حملة تمرد أنها تشارك بشكل فعلى ومستمر فى تحديد واختيار سياسة البلاد بل وتطبقها.
رفض الهيمنة الأيدلوجية والمذاهب السياسية.
وهذا ما تقوم به حملة تمرد أيضاً أنها رفضت من خلال التوقيعات التى جمعتها كل أشكال الهيمنة والاستئثار والسيطرة السياسية من جانب رئيس الجمهورية وارتأت أنه غير أهلاً للثقة التى منحه إياها وقررت سحبها منه.
ومن المعلوم أن هذه الممارسة الديمقراطية تطبق من خلال أن ينتخب الشعب ممثلين عنه ليكونوا نواباً عنه فى السلطة سواء السلطة التشريعية (البرلمان أو السلطة التنفيذية – رئيس الجمهورية) هذا حق ثابت.
لكن الحق الأكثر ثبوتاً أيضاً الذى يتغافل عنه الجميع أن الشعب يحتفظ بحقه فى محاسبة السلطات والاعتراض عليها ومن هنا تسعى الديمقراطية إلى تحقيق الغاية منها فى ممارسة الشعب للسلطة " مبدأ سيادة الشعب إلى حكم الشعب لنفسه وبنفسه".
ورغم أن للديمقراطية أبعاداً وتأثيرات اقتصادية واجتماعية، إلا أنها تعد مذهباً سياسياً يعتمد على أساس نظرى يتمثل فى كون الشعب مصدراً للسيادة وعلى أساس عملى يتمثل فى ممارسة الشعب للسلطة.
ولذلك فإن مفهوم السيادة ومفهوم الإرادة العامة للشعب هو فوق أى إرادة فردية لا يقبل الجدل أو النقاش فى حقها، حيث تأسست وهو يقرر حقوق لأفراد هذه السيادة " الشعب" أنه – أى الشعب – يحمل الحكام أى إنتهاك للحقوق ويسمح للشعب بمقاومة حكامه عند ظهور بوادر انحراف واضطهاد وهذا مفهوم من الديمقراطية – المقررة دستورياً – وهذا المفهوم قديم بقدم الدعوة إليها فيرجع إلى جان جاك روسو– وهو واضع اصطلاح "السيادة الشعبية".
وهذا ما تقوم به حملة تمرد فى أنها جمعت إرادتها الشعبية فأصبحت إرادة لا تقبل الجدل فهى تأسست وانعقدت نحو سحب الثقة من رئيس الجمهورية للأسباب التى ارتأتها فقاومته بشكل ديمقراطى يكفله الدستور الذى ارتضى أن يقوم النظام السياسى على مبادئ الديمقراطية والمواطنة نظراً لما بدر منه من انحرافات وإخفاقات واضطهاد وذلك كله ممارسة لسيادتها الشعبية.
وحول مجادلة البعض بإرادة الناخبين التى إتجهت نحو رئيس الجمهورية والمجادلة بأن حملة تمرد تقفز فوق هذه الإرادة.
يرد على هذا الطرح جان جاك روسو ومن بعده كل النظريات القانونية الداعمة للديمقراطية المقررة بالدستور فيؤكد على أن:
"السيادة هى جمع أصوات المواطنين كافة لاستخراج الأكثرية منها"، فالمعيار هنا هو أى الأكثرية تزيد عن الأخرى؟؟ ؟ تلك التى اتجهت إرادتها لانتخاب رئيس الجمهورية أم التى اتجهت ووقعت على سحب الثقة منه عن طريق حملة تمرد فالسيادة الشعبية تنعقد للأكثرية من بين هاتين الإرادتين"، لأن كل ذلك مبنى على فكرة المواطنة والإرادة العامة فهى لا تتجزأ أو غير قابلة للتنازل.
كما إننا نؤكد أن حملة تمرد عبرت تعبيراً سلمياً من الناحية الديمقراطية والقانونية والدستورية حيث أنها قامت فى الأساس على مفهوم ديمقراطى مبنى على حقوق المواطنة الذى يكسب الحملة عدة حقوق قانونية مكفولة بحكم ومواد الدستور:
- حق الحرية: الذى ينعكس فى العديد من الاستحقاقات مثل حرية التعبير وحق الحديث مع الآخرين والمناقشة حول مشكلات المجتمع ومستقبله وحرية الاحتجاج على موقف أو قضية أو سياسة ما حتى لو كان هذا الاحتجاج موجهاً ضد الحكومة أو رئيس الدولة.
واستخدام حملة تمرد لهذا الحق إنما هى تمارس تلك النصوص الدستورية وتفعلها بدلاً من جمودها فلم تقم حملة تمرد بأكثر مما هو مقرر لها فى حق الحرية المكتسب من حقوق المواطنة.
- حق المشاركة: والتى تتضمن العديد من الاستحقاقات مثل الحق فى تنظيم حملات الضغط السياسى السلمى على الحكومة أو الرئيس أو بعض المسئولين لتغيير سياساتها وبرامجها وقراراتها وممارسة كل أشكال الاحتجاجات السلمية والإضرابات.
وهذا أيضاً ما قامت به حملة تمرد من تكوين جماعات للضغط لتنفيذ مطالب الحملة بشكل سلمى وقانونى مكفول دستورياً مما يستلزم شرعية عملها وترتيب الآثار القانونية المترتبة على الاستجابة لهذه المطالب وذلك كله تعميقاً لمبدأ الديمقراطية القائم على فكرة المواطنة الواردة فى الدستور.
كما يجدر أيضاً الإشارة والتأكيد على نص المادة 45 من الدستور التى تنص على: "حرية الفكر والرأى مكفولة لكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل النشر والتعبير".
وفى هذه المادة الواضحة المقصد ابلغ رد لكل من يشكك فى شرعية الإجراءات التى تقوم بها حملة تمرد من طبع أوراق ونشر أرائهم على الجميع من الناس واستفتاء الناس عليها بالتوقيع فهذا كله مكفول بحكم الدستور والقانون ولعل البلاغات المتلاحقة المقدمة ضد أعضاء الحملة وكذلك الملاحقات الأمنية كلها ستصطدم بنصوص الدستور الذى ثبت للكافة أن المعترضين عليه يحترمونه أكثر من واضعوه.
ماذا لو تقاعست الجهات المعنية عن توجيه الاتهام إلى رئيس الجمهورية رغم كونه منسوب اليه اتهامات بجرائم عدة؟
تنص المادة 152 من الدستور على: "يكون اتهام رئيس الجمهورية بارتكاب جناية أو بالخيانة العظمى بناء على طلب موقع من ثلث أعضاء مجلس النواب على الأقل ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثى المجلس.
وبمجرد صدور هذا القرار يوقف رئيس الجمهورية عن عمله ويعتبر ذلك مانعاً مؤقتاً يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصه حتى صدور الحكم".
كما هو مقرر وفقاً للدستور أنه من الجائز أن يوجه اتهاماً ما إلى رئيس الدولة وقد حدد الدستور طريق توجيه الاتهام بطلب مقدم من ثلثى أعضاء مجلس النواب.
وهنا يثور الجدل لأن مجلس النواب ليس له وجود الآن وليس من المقبول أن يتم تعطيل حق توجيه الاتهام لانعدام وجود مجلس النواب لأن الاتهام يكون قائماً بمجرد وقوع جريمة ما والاتهام هنا يكون بمثابة أمراً كاشفاً لوقوع جريمة وليس منشئ لها ولا يتصور قانوناً أن تكون هناك جريمة وقعت بالفعل والاتهام معطل فيها.
وقد يطرح البعض أنه تنتقل هذه السلطة لمجلس الشورى "المؤقت" لكن الرد أن هذا لا يجوز لمجلس الشورى حيث أن السلطات المنقولة إليه رغم بطلانه متعلقة بالتشريع وفى حدود استثنائية ضيقة فقط ودون توسع فلم تنتقل كافة سلطات مجلس النواب إلى مجلس الشورى فبالتالى لا يجوز له ممارسة صلاحيات وسلطات لم تنتقل إليه.
وقد يطرح البعض أيضاً أنه يجوز للنائب العام فى حال تقديم بلاغات ضد رئيس الدولة حال ارتكابه أياً من الجرائم وإعمالاً للمبدأ الدستورى أن كافة المواطنين أمام القانون سواء فكان ينبغى على النائب العام أن يأمر بفتح التحقيق فى كافة البلاغات المقدمة ضد رئيس الجمهورية فيما يتعلق بقتل الجنود المصريين فى رفح المصرية وكذلك قتل المواطنين فى مدينة بورسعيد وكذلك قتل المواطنين فى القاهرة على أسوار قصره وكذلك سحل المواطنين فى الشوارع على أيدى وزير داخليته وكذلك خطف المواطنين وقنصهم مثل جابر جيكا وكريستى والحسينى أبو ضيف وغيرهم الكثير والكثير من البلاغات المجمدة.
أما وإن النائب العام وهو وكيل الشعب لم يقم بواجباته فى حماية الشعب والتحقيق فيما يقدم إليه من بلاغات.
وعلى افتراض أحقية مجلس الشورى فى توجيه الاتهام لرئيس الدولة فهو ايضا لم يفعل رغم كل النداءات الشعبية والجماهيرية منذ عدة شهور متقاعساً أو متخاذلاً أو حامياً لرئيس الدولة.
كل ذلك يدعونا للرجوع إلى الأصيل فى ممارسة سيادة الشعب وحكمه لنفسه وبنفسه لأنه فى حال غياب مجلس النواب وتقاعس مجلس الشورى والمجلسان لا يعدوان أن يمثلان علاقة التبعية بين النائب والناخب "الوكيل والأصيل" بحيث يعود الأول ملتزماً بآراء ومعتقدات الثانى بغض النظر عن صحتها أو خطئها أو مدى تقبل الأول لها فهى ملزمة له طالما تتوافق مع إرادة االثانى.
وهذا الارتباط بين الوكيل والأصيل يؤدى إلى نوع من أنواع الوكالة الإلزامية.
أما وأنهما (مجلس الشورى – النائب العام) تقاعسا عن تلبية نداءات الجماهير العريضة وأسر الضحايا والمصابين فيرتد الحق لأصحابه "الشعب" المتمثل فى الأكثرية التى جمعتها حملة تمرد لممارسة سيادته المشار إليها آنفاً والمكفولة بنصوص الدستور.
ويصبح هذا الحق أكثر ضرورة لعدم وجود مجلس نواب يفترض أن يقوم بمهامه إن طلبت منه.
وهذا التجسيد فى العلاقة بين الأصيل والوكيل يعد أثراً مباشراً من أثار نظرية سيادة الشعب.
كما جاء بالدستور أيضا فى مادته 153:
"إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لسلطاته حل محله رئيس مجلس الوزراء، وعند خلو منصب رئيس الجمهورية للاستقالة أو الوفاة أو العجز الدائم عن العمل أو لأى سبب آخر يعلن مجلس النواب خلو المنصب".
ففى هذا تأكيد على أن هناك أسباب محددة ومسماة لخلو منصب رئيس الجمهورية، كما أن هناك أيضا أسباب غير محددة وغير مسماة لخلو منصب الرئيس أو لأى سبب آخر" لذلك جاءت العبارة عامة مجردة إذا أسباب خلو المنصب ليست واردة على سبيل الحصر إنما جاءت لتعكس الواقع الاجتماعى والسياسى والجماهيرى.
إذا نحن لا نتحدث عن قيام مانع موقت يتم تسليم السلطة بموجبه إلى رئيس مجلس الوزراء، لكننا نتحدث عن خلو المنصب وبالتالى الدعوة لانتخابات أخرى.
لأن المانع المؤقت يجعل السلطة فى يد رئيس الوزراء لحين زوال هذا المانع ثم تعود إلى رئيس الجمهورية مجدداً إنما خلو المنصب يدعو للانتخاب بعد الإعلان عنه، وبالتالى عدم قابلية إعادتها إليه فأثر المانع المؤقت يختلف عن أثر خلو المنصب، كما جاء بالدستور وأحكامه.
ومن ذلك كانت حملة تمرد معبرة عن تلك الأسباب الأخرى المشار إليها بصدر المادة 153 يدعمها واقع مادى متمثل فى توقيعات المواطنين عليها وواقع سياسى شعبى رافض لاستمرار الرئيس فى الحكم، مما يؤكد أن استمارات حملة تمرد وفرت سبب من ضمن الأسباب الأخرى التى بموجبها لابد من الإعلان عن خلو منصب رئيس الجمهورية.
هذا ومن ناحية أخرى طبقا لما نصت عليه المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية والتى تنص على "لكل من شاهد الجانى متلبساً بجناية أو جنحة يجوز فيها الحبس الاحتياطى أن يسلمه إلى أقرب رجل من السلطة العامة دون احتياج إلى أمر ضبط".
ولما كانت الجرائم التى ارتكبها د.محمد مرسى أصبحت مشهودة وقد شاهدها كل الشعب المصرى وأعلن هذه الشهادة جموع الملايين الموقعة على استمارة تمرد فانه يحق لهذه الملايين ليس فقط الإعلان عن ضرورة عزله أو محاسبته جنائيا بل يجوز لهذه الملايين إعمالا لنص المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية القبض عليه وتقديمه للسلطات القائمة من اجل العدالة التى تشفى صدور الوطن والمواطنين.
هذا ولما كانت محكمة جنح الإسماعيلية المستأنفة فى حكمها فى الجنحة رقم 338 لسنة 2013 مستأنف الإسماعيلية قد انتهت إلى ضلوع د.مرسى وإخوانه وجماعته فى جرائم الهروب والقتل والتخابر وتهريب السجناء الذى كان من بينهم سالف الذكر وآخرين بعد اعتدائهم على القوات الأمنية للسجون مستخدمين جميع أنواع الأسلحة والسيارات تمهيدا لوصول عناصر أجنبية نجحوا بمقتضاها فى تحقيق رغباتهم ومشروعهم الإجرامى.
ولما كانت المحكمة قد رأت أن تلك الأفعال تشكل جنايات مضرة بأمن الحكومة من الخارج والداخل المنصوص عليهم فى البابين الأول والثانى من قانون العقوبات فى المواد 39، 40، 41 التى نصت على أنه يعد فاعلاً للجريمة من يرتكبها وحده أو يرتكبها غيره يعد شريكاً فى الجريمة كل من حرض على ارتكاب الفعل المكون للجريمة ومن اتفق مع غيره على ارتكابها كما أشارت المحكمة إلى ارتكابهم للجنايات المنصوص عليها فى المواد 77، 88 مكرر فقرة "ثانيا، ثالثا، رابعا"، 138 فقرة 3، 142، 143، 144 عقوبات ومفاده انه يعاقب بالإعدام كل من ارتكب عمدا فعلا يؤدى للمساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها ويعاقب بالإعدام كل من سعى لدى دولة أجنية أو تخابر معها أو أحد مما يعملون بأعمال عدائية ضد مصر.
بناء على ما تقدم:
يكون من حق جماهير الشعب التى وقعت على استمارات تمرد أو لم توقع وشاركت مؤيدة للموجة الثانية للثورة من أجل إنقاذ البلاد والثورة بمن انحرف بها وارتكب كافة الجرائم سالفة البيان، ويكون من حق الجماهير الشاهدة على جرائم رئيس الجمهورية أن تمارس حقها فى عزله وتقديمه للمحاكمة واتخاذ كافة التدابير السياسية من أجل استمرار الثورة بحكومة محايدة انتقالية ولجنة قانونية لإعداد دستور جديد للبلاد مع عزل جميع الموظفين المعينين بمعرفته وعلى رأسهم النائب العام الحالى.
سامح عاشور
المحامى بالنقض
نقيب المحامين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.