لقد اتفقت كل الكتابات وكل التعليقات على أن الحوار الوطنى، الذى أجراه مرسى من أجل كيفية التعامل مع أزمة السد الإثيوبى، لم يكن هدفه الحوار، ولكنه كان للترتيب وكيفية التعامل مع يوم 30 يونيو الحالى، والدليل على ذلك أن غالبية الحاضرين أن لم يكن جميعهم من أعضاء حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين والتيارات السياسية الإسلامية والجهادية، وهو ما يظهر إصرار مرسى على أنه ما زال رئيسا لجماعته وعشيرته، وليس رئيسا لكل المصريين، وهو أمر كان مرسى حائر بينهما عندما تولى الرئاسة، لكنه كان دائما يميل بفطرته للجماعة والعشيرة، وكان ولاؤه دائما لهم وهو ما شعر به الشعب المصرى الذى لا ينتمى إلى أى تيارات دينية، مما أفقد مرسى مصداقيته ودعم من صوت له نكاية فى أحمد شفيق. وحتى يزيد زخم الحشد الإخوانى لجماعة الإخوان المسلمين، وحزبها الحرية والعدالة للرد على حشد 30 يونيه قررا أنهما سينظمان فعاليات حاشدة باستاد القاهرة يوم السبت المقبل لنصرة الثورة السورية، وهى فى الحقيقة فعاليات لنصرة مرسى وإرسال رسالة إلى المنظمين لفعاليات 30 يونيه بأن مرسى لا يقف بمفرده فى الساحة. لقد تحول المشهد السياسى فى مصر إلى قوتين تتصارعان من أجل البقاء، وكلاهما يراهن على الشعب المصرى ويحاول أن يحشد أكثر من الطرف الآخر حتى يستطيع المواجهة وفرض شرعيته. والشعب المصرى صاحب الثورة أصبح لديه عدة خيارات وهى: إما أن يساند النظام الحالى ويخرج يوم 28 يونيو لمساندة وتأييد الرئيس مرسى أو التظاهر يوم 30 يونيه لسحب الثقة من مرسى، وإعداد سيناريوهات لما بعد مرسى أو البقاء فى المنزل ومراقبة الأحداث عن كثب لمشاهدة ما سيحدث ولمن ستكون الغلبة. ومن هنا نجد أن النظام الحالى وعدم مصداقيته فى تحقيق طموحات ثورة شعب طحنته 30 عاما من الفساد على جميع الأصعدة فى ظل نظام فاسد لم يكن هدفه من البقاء فى السلطة سوى جمع أكبر قدر من المليارات، وتجاهل الشعب وخريطة مصر الأفريقية والعربية والدولية هو المسئول عن ما يجرى اليوم على الساحة السياسة بسبب أخطائه المتكررة والمتلاحقة وإصراره الدائم على أن أخطاءه هى من أهداف الثورة وما يفعله لتحقيق هذه الأهداف، ولكن بطريقته وفى ظل مستشارين للرئاسة أساء اختيارهم ودفع الشعب المصرى فاتورة أخيار مرسى لهم. قال مرسى: "كل الخيارات مطروحة أمام طموحات إثيوبيا لبناء سدها، وإنه لن يسمح بنقصان قطرة ماء واحدة من نهر النيل، وأن النيل بمثابة شريان حياة المصريين، فهل ما زال ما يقوله مرسى اليوم هو من أجل الاستهلاك المحلى مثلما توعد من قبل بملاحقه قتله ال16 جنديا الذين اغتالهم رصاص الغدر أثناء وجبة الإفطار فى رمضان؟ وهو ما لم يحدث ثم خطف الجنود السبعة وإعادتهم دون أن نعرف من هم الخاطفون وأين عقاب جريمتهم؟. وأخيرا مقتل ضابط الأمن الوطنى فى العريش وهو أمر يدل على حالة الفوضى التى تعيشها أرض سيناءوالعريش بسبب التراخى الأمنى فى التعامل مع هؤلاء الإرهابيين والذين يصر النظام الحالى على تسميتهم (الخارجون على القانون). لقد بدأ الشعب، الذى لا ينتمى إلى أى تيارات دينية يستشعر أن الوقت قد حان لإيجاد بديل لمرسى الذى لم تتحقق فى عهده سوى إنجازات للجماعة وأنصارها فقط وهم يشعرون بها ولم يتحقق للشعب المصرى إنجازات تنسب للنظام الحالى، وتجعله يستحق فترات رئاسية أخرى، كما يطمح وأن مصر بعد الثورة أنجزت ما لم تنجزه مصر قبل الثورة. مما سبق ذكره أصبح الخيار للشعب، وهو ما سوف يكون على قدر ما أنجزه له النظام الحالى حتى الآن.