ينصح القيادى الكبير فى جماعة الإخوان المسلمين، الدكتور جمال حشمت، فى حواره ل«الوطن»، الرئيس محمد مرسى أن يفتح قلبه للشعب، ويصارحه بالحقائق كاملة، ويحشد خلفه دعما شعبيا يعينه على العمل وتحقيق برنامجه للنهضة، ويرى «حشمت» أن الرئيس يواجه تحالفا ثلاثيا من «العسكرى والقضاء والإعلام»، فى محاولة لإعادة إنتاج النظام السابق. فى حوارنا معه يكشف «حشمت» عن أن الرئيس من حقه إصدار إعلان دستورى جديد، وأن حل الجمعية التأسيسية الحالية سيسبب صراعات وخلافات عميقة يجب تجنبها، وأن جماعة الإخوان لم ترحب بحلف اليمين أمام «الدستورية العليا» لأنها ليست جزءا من السلطة القضائية، على حد وصفه، رافضا عمل «العسكرى» بالسياسة. * هل يستطيع الرئيس انتزاع صلاحياته كاملة من المجلس العسكرى؟ - أتوقع لو أن الرئيس فتح قلبه للشعب وصارحهم بكل ما يحدث كاشفا عن مواقف وشخصيات تعرقل خطوات الإصلاح سيلقى دعما شعبيا أكبر، وهذا هو رصيده الأكبر والأخطر عند مواجهة مغتصبى الصلاحيات، وستكون المهمة أسهل عندما يتحرك الرئيس لتنفيذ مشروع للنهضة وخلفه شعب بأكمله. * هل تتوقع أن يطيح مرسى بالإعلان الدستورى المكمل ويعلن عن إعلان دستورى جديد؟ - أوقن أن من حق الرئيس إلغاء أو تعديل أى إعلان دستورى؛ فالدوران التأسيسى والتشريعى مصدرهما الشعب المصرى، وهو أقوى شرعية من أى مسئول على أرض مصر، مع البرلمان الذى حاربه التحالف الثلاثى المشكل من المجلس العسكرى والقضاء والإعلام، انتصارا لماضٍ بغيض، إن شاء الله لن يسمح الشعب المصرى بعودته مرة أخرى. * معنى ذلك أن المجلس العسكرى يرغب فى أن يظل شريكا فى الحكم؟ - أعتقد أنه بعد أكثر من 60 عاما من السيطرة على مقدرات البلاد ليس من الحكمة الدخول فى صراع حول من ينفرد بالحكم، والوجود العسكرى فى السياسة بهذا الشكل غير مقبول، وهناك أدوار أهم يجب على المجلس العسكرى أن ينشغل بها، وهذا يؤسس لدولة مدنية لا عسكرية، تتبادل فيها الشخصيات أدوارها، حفاظا على أمن مصر وقوة مصر وهيبتها، ولن يكون هذا فى ظل خلاف أو صراع، بل بحوار. * هل يسعى «العسكرى» إلى استنساخ التجربة التركية فيما يتعلق بصلاحياته فى الفترة المقبلة؟ - أعتقد أن المجلس العسكرى يدرك أنه يتعامل مع شعب حى لن يقبل باستنساخ أى منظومة فاسدة تكبل حريات الشعب أو تقضى على محاولات نهضته، ولن يقبل بسلطة أعلى من إرادته تفرض عليه الوصاية. * كيف ترى الوضع الحالى فيما يتعلق باللجنة التأسيسية لوضع الدستور فى ظل ما يمكن أن يطلق عليه الصراع على قانونية اللجنة؟ - الجمعية التأسيسية صحيحة قانونا، ولن يستطيع أحد كائنا من كان أن يشكل جمعية تلقى إجماعا، لكن ما جرى التوصل إليه يحقق التنوع وعدم غلبة تيار على آخر، ويتحرك بروح توافقية، ستنجز الدستور بما يليق بمصر والمصريين، وأتوقع ألا تُحل؛ لأن ذلك سيتسبب فى الدخول فى صراعات كبيرة وخلافات عميقة، وعلى العقلاء تجنب ذلك. * يبدو فى الأفق وجود أزمة بين جماعة الإخوان ومؤسسات القضاء.. إلى أى مدى ترى ذلك صحيحا؟ - ليست هناك مشكلة بين القضاء والإخوان؛ فالقضاء دائما كان الحصن الأخير الذى يحمى الحريات ويحافظ عليها، ولا ننكر أن محاولات كثيرة جرت كانت تستهدف استقلال القضاء وتشويه صورته، مثلما كان يحدث من تزوير فى الانتخابات تحت إشرافهم، وكان لهم الفضل فى كشف المزورين، ولا أعتقد أن أحدا يختلف على ضرورة تنقية القضاة ممن أساء لهم وحصولهم على جميع حقوقهم وضمان استقلالهم. * بدأت جماعة الإخوان سلسلة ترهيب وتشكيك فى المحكمة الدستورية بعد قرارها بحل البرلمان، فى حين أنها رحبت بأداء اليمين الدستورية للرئيس أمامها؟ - لم يرحب أحد بحلف اليمين أمام المحكمة الدستورية، لا الإخوان ولا غيرهم، فقد كان ذلك ضمن تعديل دستورى مكمل لإحراج الرئيس، لكنه أقسم يمينه أمام الشعب ونوابه والمحكمة الدستورية، وهى بالمناسبة ليست جزءا من السلطة القضائية؛ فهى لها باب بمفردها، وهى معركة النظام السابق مع الثورة، وأتوقع أن تنتهى سطوتها التى خالفت فيها قانونها وأدبياتها وسوابقها فى الفترة الأخيرة، ويجب أن تؤدى دورها الذى يراعى الملاءمة السياسية دون تزيد. * كان هناك صراع واضح بين المجلس العسكرى والإخوان على السلطة؟ - العقل والمنطق يقولان إن مؤسسات الدولة اكتملت، وبوضع الدستور ستبدأ مصر عصرا جديدا، على خلاف ما استقر طوال عشرات السنين، لكن فوجئ المصريون بمن يقلب الطاولة لنبدأ من الصفر، فوضح للناس من يريد البقاء بأى ثمن، حتى لو أهدرت ملايين الأصوات ومليارات الجنيهات بجرة قلم، وطالما بقى هناك من يتآمر على إرادة الشعب المصرى ويريد تقييدها أو تغييبها فسوف يبقى الصراع بينه وبين كل الشعب المصرى. * كيف تقيم إصرار «العسكرى» على التمسك بحق التشريع فى وجود رئيس منتخب؟ - كما ذكرت من قبل، فهو صراع من تبقى من نظام مبارك المخلوع وأصحاب المصالح مع الثورة وأهدافها ورجالها، هو الذى سيتصدر المشهد السياسى، ولن ينالوا شيئا من أطماعهم ولن يعود النظام البائد بأى شكل. * هناك تداخل بين علاقة الرئيس ومؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان، وكان واضحا أن القرارات التى أثارت جدلا جاءت بعد اجتماع لمكتب الإرشاد مثل عودة البرلمان وقانون «التأسيسية»؟ - هذا كلام غير حقيقى، ويفتقد المصداقية، وهو جزء من المعركة التى تدار بمعرفة «التحالف الثلاثى» ضد الرئيس الشرعى، لتصويره أنه ما زال ابن جماعته ولا قرار أو قدرة له على مخالفة الإخوان، وهذا حديث إفك؛ لأن ما نُوقش فى مجلس الشورى لم يكن له علاقة بأى قرار اتخذه الرئيس، وأنا شاهد على ذلك، بل مجرد الحديث بمعلومة أو خبر عن مؤسسة الرئاسة فى مكتب الإرشاد قوبل بغضب وتعليمات مشددة لعدم التحدث باسم الرئاسة، مهما كان الشخص المتحدث ما دام لا علاقة له بالرئاسة. * كيف ترى ظهور أعضاء الحملة الانتخابية للدكتور مرسى فى كل فعاليات رئاسة الجمهورية دون أى شكل قانونى أو إدارى؟ - وما أدرانا أنه ليس هناك شكل قانونى أو إدارى لهؤلاء داخل مؤسسة الرئاسة؟ وكأن صاحب السؤال عليم ببواطن الأمور أو أنه على علاقة بمؤسسات تعرف ما لا نعرفه! * وكيف تقيم تعامل الإعلام مع نشاط الدكتور محمد مرسى بشكل لائق؟ - لم أهضم حتى الآن المشهد الإعلامى المتحامل على رئيس لم يُختبر، بل مارس الإعلام إساءة بالغة لشخص الرئيس وتاريخه ومستقبله الذى هو فى علم الغيب، وفى المقابل تحلى الرئيس بالصبر والاحتمال، وهو ما أغضب المصريين، وأرى أن تلك الأزمة تستلزم حوارا قد يفلح وقد لا يثمر شيئا، فضلا عن وجود بطولة مدعاة فى معارضة الرئيس، بينما كان الإعلام فى السابق يلحس أقدام الرئيس. * داخل الجماعة، كيف تسير إجراءات تغيير اللائحة الداخلية؟ - تسير طبقا للجنة المشكلة برئاسة المهندس خيرت الشاطر؛ فهى تضع اقتراحات التطوير بما فيها اللائحة، فى شكل يسهل عرضه قريبا على مجلس شورى الجماعة. * هزيمة الإخوان فى ليبيا هل تعنى بداية صحوة التيار الليبرالى بعد ما جرى فى مصر وتونس؟ - النجاح بالمركز الثانى هل يعتبر هزيمة، أم أن السؤال استفزازى؟ على العموم لعله الأنسب أن نرى من يتحمل المسئولية فى ليبيا من غير الإخوان، ويصبح الإخوان فى موقع المعارضة، وهو دور لن يقل أثره عن الحكومة المسئولة، ونسأل الله أن يرزق مصر بمعارضة موضوعية عفيفة اللسان صاحبة همة وشعبية تقوم الأداء وتشجع الإنجاز أينما كان. * هل تسعى الجماعة إلى إحياء التنظيم الدولى مرة أخرى فى المنطقة؟ - السؤال يعنى أن هناك تنظيما دوليا وأنه يحتضر وعلى صاحب السؤال أن يستعرض ما لديه من معلومات كى أجيبه؛ فقد مللنا من الرد على أوهام مصطنعة، فلا وجود لتنظيم دولى، لكن هناك تنسيقا بين الإخوان فى كل مكان للشورى والاستفادة من تجارب الواقع فى كل مكان. * يقال إن لقاءات المرشد هى محاولة لإحياء التنظيم الدولى للإخوان؟ - دع من يقول يقُل، فكلها محاولات لإثارة اللغط حول الجماعة. * هناك من يقول إن سفر المهندس خيرت الشاطر إلى تركيا وقطر ليس هدفه جذب الاستثمارات فقط، إنما لأهداف سياسية أخرى أهمها الضغط على المجلس العسكرى؟ - يمكن توجيه هذا السؤال للمهندس خيرت نفسه، وفكرة الضغط على المجلس العسكرى عن طريق تركيا وقطر فكرة ساذجة لا تستحق الرد. * بعد نجاح الإسلاميين فى تونس ومصر هناك دعوى لتشكيل تحالف إسلامى فى الدول العربية؟ - أعتقد أن التواصل والاستفادة من التجارب المختلفة فى أى مكان أمر مهم، ونحن أحق بها دون استقطابات تزيد من الحساسيات فى المنطقة بعد التغيرات الجذرية التى حدثت فى أنظمة الحكم.