سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مركز أبحاث أمريكى: الديمقراطية والقانون أول ضحايا المواجهة بين الإخوان والمحكمة الدستورية.. وضع مصر الحالى يجعل العملية السياسية مستحيلة.. والحل فى تخلى الجماعة عن السلطة أو تدخل الجيش أو العنف
قال مركز ودرو ويلسون الأمريكى للعلماء، تعليقا على قرار المحكمة الدستورية العليا الأخير بعدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشورى وتشكيل الجمعية التأسيسية، إن مصر لم يعد أمامها سوى ثلاث طرق تمضى من خلالها قدما، لاسيما فى ظل إغلاق القضاء للطريق الممهد دستوريا لهذا الهدف، ورفض أحزاب المعارضة للحوار. وترى مارينا أوتاوى، الخبيرة الأمريكية بالمركز، أن أول طريق ربما لا يمثل أكثر من أمنية بحتة من جانب المعارضة، وهو تخلى الإخوان المسلمين عن السلطة لنوع من حكومة وحدة وطنية، أما الثانى فهو سيطرة الجيش على فترة انتقالية ثانية، فبطريقة ليست محددة على الإطلاق، لكنها مفهومة ضمنيا بشكل واضح، ربما يسهل الجيش عند مرحلة ما نقل السلطة للأحزاب العلمانية، فحتى محمد البرادعى، مؤسس حزب الدستور والقيادى بجبهة الإنقاذ الوطنى، كان قد أعلن أن الجيش أمامه واجب العودة إلى السلطة لو هددت الفوضى البلاد، على الرغم من أنه لم يتحدث عما ينبغى أن يحدث بعد هذا. ويبدو أن الجيش، حسبما يشير التقرير، لا يزال عازما حتى الآن على تجنب هذا السيناريو بأى ثمن، أما السيناريو الثالث، والذى لا يريده أحد، لكنه الأكثر احتمالا فى ظل هذا الجمود السياسى، فهو العنف. وأشارت "أوتاوى" إلى أن ثورات الربيع العربى أظهرت مدى صعوبة التنبؤ عندما تصل التوترات الاجتماعية إلى نقطة الغليان، لكن الأمر يستحق التأمل، نظرًا لما شهدته مصر من احتجاجات بلغ عددها 5500 خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2013، فاحتمال حدوث انفجار جديد هو حقيقى تماما، وانتقدت "أوتاوى" فى تقريرها "تسييس" المحكمة الدستورية العليا فى مصر، ورأت أن الحكم الأخير يثير الشكوك حول شرعية الدستور الجديد، وتقول إنه فى مسرح العبث الجديد فى مصر تم الحكم على الدستور على أساس القديم الملغى، مشيرة إلى أن المحكمة الدستورية رفضت مشروعى قانون الانتخابات باعتبارهما غير دستوريين، وليس هناك ما يضمن أن مشروع القانون الثالث سيتم الموافقة عليه ما لم يلب كل المطالب السياسية بشكل متزايد من قبل المحكمة، ومن بينها السماح لأفراد الجيش والشرطة بالتصويت، فيما يمثل ابتعادًا عن تقليد قديم لم يعارضه القضاة الحاليون، الذين عينهم مبارك جميعا، فى الماضى. ولم تصبح المحكمة الدستورية العليا مسيسة فقط، بل يبدو أنها تستولى على السلطة التشريعية أيضا، وفقا لما رأته الكاتبة. واعتبرت الخبيرة الأمريكية أن حكم المحكمة الأخير يؤكد أنها طرف سياسى مهم وعدو صريح للإخوان المسلمين تسعى على إلغاء الانتصارات الانتخابية التى حققتها الجماعة والتراجع عن قراراتها، وفى المقابل يسعى الإخوان الآن لتمرير قانون السلطة القضائية الذى سيخفض سن التقاعد للقضاة بما يطيح بحوالى 3 آلاف قاض، لكن هذا القانون سيتم تمريره من قبل مجلس الشورى الذى قضت المحكمة بأنه غير دستورى، ومن ثم فإن احتمالات ضرب المجلس ليست بعيدة، فأصبحت هناك الآن حرب مفتوحة بين المحكمة الدستورية والإخوان المسلمين. وتصف "أوتاوى" تفاصيل هذه الملحمة بأنها مربكة، لكنها تقول إن عواقبها واضحة، فقرارات المحكمة الدستورية المسيسة لم تخلق عاصفة قوية بل حلقة مفرغة، فمن المستحيل الآن أن تمضى مصر قدما من خلال اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، فقد ضربت المحكمة كل المؤسسات والدستور نفسه محل شكوك، وأصبحت مصر محاصرة بين ما تمليه المحكمة الدستورية التى لا يحاسبها أحد، وبين جماعة الإخوان التى فازت فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بنزاهة، إلا أنها تبدى ميولا استبدادية، فالديمقراطية والعملية القانونية هم أول ضحايا المواجهة بين الطرفين، وربما يكون مستحيلا لمصر أن تعيد بناء مؤسسات شرعية من خلال عملية سياسية ديمقراطية مقبولة لكل الأطراف، واحتمال العنف أو التدخل العسكرى وارد.