شهد القطاع المصرفى الفترة الماضية، سباقا محموما بين بنوك القطاع العام والخاص لتسوية ملفات المتعثرين ونواب القروض، أحد أشهر الملفات التى شغلت هذا القطاع منذ سنوات، واحتلت صدارة أولويات البنك المركزى مع تولى فاروق العقدة رئاسة البنك فى 2004. ومنذ هذا التاريخ شهد القطاع المصرفى مفاوضات عديدة بين البنوك والمتعثرين لتسوية هذا الملف، ولكنها باءت بالفشل لأسباب كانت خافية فى ذلك الوقت، وبدأت تطفو من جديد مع الانفراجة التى شهدها ملف التسويات مؤخرا. أحد أبرز هذه الخلافات، القواعد التى تنظم استمرار البنوك فى احتساب أسعار الفائدة والمصاريف الإدارية والعمولات على المتعثرين ومبررات البنوك لتحميل المتعثرين أعباء إضافية على القرض، بينما يرفض العملاء المتعثرين دفع هذه المبالغ باعتبارها مبالغ إضافية لا مبرر لها، وهو ما يؤدى إلى وصول المفاوضات إلى طريق مسدود. عاطف فايز المستشار القانونى لمجدى يعقوب أكد أن احتساب الفوائد والعمولات والمصاريف الإدارية على القروض يحكمه قواعد محددة للحالات التى تستوجب على العميل المتعثر تحمل هذه الأعباء وحالات الإعفاء، ومنها قانون البنوك الحالى. وفى هذا الإطار توجد عدة حالات تستوجب توقف البنوك عن احتساب الفوائد والعمولات والمصاريف الإدارية عن القروض، منها صدور أحكام بفرض الحراسة على ممتلكات العميل أو منعه من التصرف فى أمواله، بالإضافة إلى حالات صدور حكم بالإفلاس. وأضاف فايز أن احتساب عمولات ومصاريف إدارية على أصل القرض لا تتفق مع المبررات القانونية حتى تحصل عليها البنوك، لافتا إلى أن العمولات والمصاريف الإدارية عرفها القانون بأنها المقابل الذى يتقاضاه البنك من العميل، نظير الأعمال التى يقدمها له طالما أن الحساب مفتوح، أما بالنسبة للعميل المتعثر يعد غير مطالب بدفع عمولات أو مصاريف إدارية، لأن الحساب يعد مغلقا منذ توقف العميل عن السداد أو فى حالة مطالبة البنك للعميل بتسوية رصيده. وفى المقابل أكد حافظ الغندور عضو مجلس إدارة البنك الأهلى، أن احتساب الفوائد والعمولات والمصاريف الإدارية تخضع إلى قواعد صارمة وخطوط عريضة من البنك المركزى، تضمن تحقيق التوازن بين مصلحة البنوك والعميل على السواء، وفى الوقت نفسه تأخذ فى اعتبارها اختلاف حالات التعثر فى كل بنك. وبالنسبة لاحتساب الفوائد على القروض يحكمها شروط التعاقد المبرمة بين البنك والعميل، وتفرض على البنوك التوقف عن احتساب الفوائد وغيرها من العمولات والمصاريف الإدارية، ولكن فى حالة توقف العميل بشكل فعلى عن السداد فى المواعيد المحددة، لذا تواجه بعض التسويات جولات من الجذب والشد حول هذا البند لإثبات تاريخ التوقف عن السداد. وأشار الغندور أن بعض المتعثرين لا يلتزم فى تقديم الأوراق الصحيحة أثناء مفاوضات التعثر، حيث يلجأ بعضهم إلى تقديم أوراق تثبت توقفه عن سداد القرض بتاريخ سابق للتاريخ الفعلى بفترات كبيرة للتهرب من دفع الفوائد والعمولات والمصاريف المحتسبة على القرض، وهو ما يؤدى إلى إطالة مفاوضات التسويات. وقالت بسنت فهمى مستشار بنك التمويل المصرى السعودى، أن البنوك يجب عليها احتساب الفوائد على القروض المتعثرة، لأنها تستمر فى دفع الفوائد على ودائع البنك ولا تتوقف إذا توقف العميل عن السداد، خاصة أن بعض العملاء احترفوا عدم السداد بمساعدة بعض الخبرات المصرفية من المتقاعدين لتسهيل التلاعب على البنوك. وأشارت فهمى إلى أن احتساب البنوك مقابل مصاريف إدارية وعمولات على أصل القروض يرجع إلى التكاليف التى يتحملها البنك لمتابعة القروض المتعثرة بعد تعثر العميل عن السداد، منها تكاليف الإجراءات القضائية وعمليات التفتيش التى يجريها البنك المركزى على هذه القروض المتعثرة.