دعت صحيفة التايمز البريطانية الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى مواجهة معضلة الديمقراطية فى خطابه المتظر غداً، الخميس، فى القاهرة. وقالت إن هذا الخطاب سيكون الأول لأوباما فى دولة غير ديمقراطية، واعتبرت أن الرئيس مبارك فسر حتماً اختيار أوباما كمجاملة كبيرة ورد على غضب هؤلاء الذين يشجبون الإسكات الوحشى للمعارضين طوال حكمه البالغ 27 عاماً. ورغم الانتقاد، رأت الصحيفة أن هناك بعض الثناء المستحق لمصر، كما قال تونى بلير إن مصر تساعد فى حل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، وقد خاطر مبارك ببقائه فى الحكم بفعل هذا. لكن اختيار أوباما للقاهرة أيضا يمثل هروباً من مشكلة أيدولوجية تركها له سابقه جورج بوش، وهى الاستمرار فى محاولة تعزيز الديمقراطية. غير أن معضلة الديمقراطية تتمثل فى مصر بشكل واضح جدا: فسيادة الديمقراطية الكاملة تعنى أن يكتسح الإسلاميون الانتخابات ويتغلبون على حليف أساسى للولايات المتحدة. وقليل من الحرية، يعنى صعود الإسلاميين على حساب المعتدلين والاستقرار. فقبل أربعة أعوام، وفى شهر يونيو أيضا، ألقت كوندوليزا رايس التى كانت وزيرة للخارجية حينئذ، خطابها الشهير فى القاهرة والذى قالت فيه: "طوال ستين عاماً، دعمت الولاياتالمتحدة الاستقرار على حساب الديمقراطية فى الشرق الأوسط، ولم نحقق أياً منهما.. الآن نتبنى نهجاً مختلفاً، فنحن ندعم التطلعات الديمقراطية لكل الشعوب". ومن المرجح أن أوباما لن يقول هذا. الكثيرون يتوقعون منه إلقاء خطاب هام العالم الإسلامى، يكون محوره إسرائيل وإيران. وقد يستفيد أوباما من قيمة مصر كحليف دون أن يتطرق إلى الجوانب الكثيرة القبيحة لنظام مبارك. فمعجبو أوباما يرون أعظم مهارة يمتلكها هى براعته اللفظية فى نسج المجاملات بالتوبيخ. أما منتقدوه يرون أن هذا يمثل ضعفاً يأتى من الرغبة فى الحصول على كل شىء وعدم القدرة على الاختيار. أما فريق أوباما، وهم أساتذة الرمزية كما تصفهم الصحيفة، اختاروا مصر على الرغم من أن عددا قليلا من المسلمين يعيشون فى الدول العربية. فهم يشعرون بأن عليهم أن يتوجهوا بوضوح إلى العالم العربى فى محاولة لتضميد جراح العراق والحديث عن الحاجة إلى إحراز تقدم بين إسرائيل والفلسطينيين وللتأكيد على المخاوف المشتركة من صعود إيران وللدعوة إلى نهاية التطرف. فلهذا لم يتم اختيار تركيا لأنها دولة إسلامية وليست عربية، ولا أندونيسيا التى قضى فيها فترة من عمره، ولا المغرب المعتدلة ولكنها هامشية، ولا الأدرن الحليفة ولكنها صغيرة للغاية، ولا السعودية، الدولة ذات الحكم الدينى والتى يثير الوجود الأمريكى فيها حساسية، وذلك على الرغم من أن الرئيس سيقوم بزيارتها قبل التوجه إلى مصر. ومن ثم وقع الخيار على مصر التى تعد ثانى أكبر متلقى للمعونة الأمريكية وواحدة من دولتين عربيتين موقعتان على اتفاقية سلام مع إسرائيل. وكما قال بلير، فإن مصر كانت مفيدة فى الحوار مع حماس التى فازت فى انتخابات عام 2006 وتحكم قطاع غزة الآن. فحماس تمثل فرعاً من جماعة الإخوان المسلمين فى مصر التى حققت نجاحا أكبر من أحزاب المعارضة فى البرلمان، ولكنها تعرضت للمضايقات من قبل النظام. وتخلص الصحيفة إلى القول بأن المنتقدين يخشون أن يجد أوباما مصر مفيدة لدرجة أن يتغاضى عن الانتهاكات الحقوقية. فقد خفض بالفعل الميزانية المحددة لدعم الديمقراطية فى مصر من 50 مليون دولار إلى 20 مليون دولار هذا العام.