أوقاف الإسماعيلية تنظم يوما ترفيهيا للأطفال المشاركين بالكتاتيب (صور)    تتبع رئيس الوزراء، الحكومة توافق على إنشاء اللجنة الدائمة لمتابعة وتحليل المؤشرات الدولية    وزير الزراعة: نعمل لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الخبز المدعوم وزراعة 3.1 مليون فدان قمح (فيديو)    قوات الاحتلال تقتحم بلدة الخضر جنوبي بيت لحم وتطلق النار على المواطنين    كرة اليد، الأهلي يدعم صفوفه بصفقة محلية جديدة    بالأسماء، إصابة 4 عمال في انهيار سقف مجمع مواقف قنا الجديد    أحمد سعد يطلق "حبيبي ياه ياه" بمشاركة عفروتو ومروان موسى (فيديو)    مصطفى كامل: نمتلك فيديوهات خادشة ضد راغب علامة في حفله بالساحل الشمالي    أميرة فراج تعلن انفصالها عن المطرب أحمد فهمي    ورشة عمل لمناقشة حالات أورام الكبد بمستشفى حميات قنا    طريقة عمل الآيس كريم حلوى باردة تسعد صغارك في الصيف    حسام موافي يوجه رسالة إلى طلاب الثانوية العامة الراغبين في الالتحاق بكليات الطب    بسبب لهو الأطفال .. إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بالجيزة    البابا تواضروس الثاني: اثبتوا في الإيمان    السفير رياض منصور: البيت الأبيض قادر على وقف النار خلال 24 ساعة    وزير الزراعة: الرئيس مُهتم بصغار المزارعين.. "مشكلتنا في المياه مش الأرض"    رسميًا.. برشلونة يُلغي جولته التحضيرية في اليابان بسبب خرق تعاقدي    رسميًا.. أتلتيكو مدريد يضم السلوفاكي دافيد هانكو لتعزيز دفاعاته    د أحمد شلبي: المطورون العقاريون يطالبون بحوار عاجل مع الحكومة بعد فرض رسوم وعلاوات جديدة    يعاني من متلازمة المحتال الخفية.. أكبر نقاط القوة والضعف لبرج الحمل    «متحف مجلس قيادة الثورة» .. ذاكرة وطنية على ضفاف النيل    تقرير: عطية الله يرحب بالعودة لصفوف الوداد    التحاق مروان حمدي بمعسكر بيراميدز في تركيا.. واستمرار غياب جودة    ناجى الشهابي: ثورة 23يوليو ما زالت ملهمة للسياسة الوطنية رغم محاولات التشويه    لتأهيل 5000 متدرب.. ختام فعاليات الأمن السيبراني بجامعة أسوان (صور)    رغم التخرج- لماذا تطاردنا كوابيس الثانوية العامة في أحلامنا؟ "فيديوجرافيك"    تأييد سجن مدرس 7 سنوات بتهمة هتك عرض تلميذته داخل مدرسة بالعمرانية    الأردن: إدخال قافلة مساعدات من 36 شاحنة مواد غذائية إلى شمال غزة    إيران توافق على زيارة فريق من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأسابيع المقبلة    «سلاح البر مفتاح الحسم».. رئيس الأركان الإسرائيلي: نعمل في طهران وبيروت ودمشق وغزة    «بعد طلب وزير خارجية الاحتلال».. هل ستصنف أوكرانيا الحرس الثوري الإيراني «منظمة إرهابية»؟    مدبولي يبحث مع وكلاء ماركات عالمية ضخ استثمارات في مصر ودعم سياحة التسوق    أحمد سعد يطرح أغنية «حبيبي ياه ياه» بمشاركة عفروتو ومروان موسى    في عيد ميلاده.. أحمد عز يتصدر قائمة الأعلى إيرادًا بتاريخ السينما المصرية    المركز القومي للبحوث يحصد 5 من جوائز الدولة لعام 2024    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    بدء طرح الوطنية للطباعة بالبورصة 27 يوليو بسعر 21.25 جنيه للسهم    مدبولى يعلن بدء إجراءات تطبيق قانون الإيجار القديم: «لن يضار أي مواطن» (فيديو)    الثالثة من الدوري الألماني.. ليفربول يتعاقد مع هوجو إيكيتيكي    تحدث في معدتك- 5 أعراض لمرض الكبد الدهني احذرها    الكنيست يصوت لصالح فرض السيادة على الضفة وغور الأردن    سلطان عُمان يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 23 يوليو    «إنجازات» إسرائيل.. جرائم نازية!!    خلال استقبال مساعد وزير الصحة.. محافظ أسوان: التأمين الشامل ساهم في تطوير الصروح الطبية    خادم الحرمين وولى العهد السعودى يهنئان الرئيس السيسى بذكرى ثورة 23 يوليو    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة ويشيد بالتقدم المحقق    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    وفاة شخصين متأثرين بإصابتهما في حادث تصادم سيارتين بقنا    ضبط 3695 قضية سرقة كهرباء خلال 24 ساعة    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    الرئيس السيسي: هذا الوطن قادر بأبنائه على تجاوز التحديات والصعاب    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد نصير.. حكاية صائد الصفقات الذى حرك خريطة الاستثمار فى مصر
اعترافات متأخرة.. ما بعد الرحيل
نشر في اليوم السابع يوم 04 - 06 - 2009

فى الستينيات مُنع من السفر خارج مصر لمدة 20 شهرا بتهمة الإطاحة بالرئيس عبدالناصر
لقب بإمبراطور الاستثمار فى مصر وصائد الصفقات ولورد قطاع الأعمال المصرى وخلاق البيزنس.. وتشكل مسيرة حياته العملية نموذجا رائعا للسعى الدؤوب نحو تحقيق النجاح وقدوة ينبغى الاقتداء بها فى الوطنية والانتماء والعصامية، خلال السنوات الماضية, أراد الله أن أكون على مقربة من هذا الرجل العظيم كمستشار إعلامى له.. على مقربة من الإنسان قبل رجل الأعمال.. هدأت الأقلام التى تناولت خبر الرحيل والجنازة والعزاء والتى تناولت حياته كرجل أعمال ناجح..
أما أنا فأضع هذه السطور اليوم بين أيديكم تكريما منى ووفاء لهذا الرجل.. سطور تحكى قصة حياة رجل الأعمال الشهير محمد نصير الذى تربص للنجاح فكان حليفه.. رجل ذكاؤه فى صمته وفى اقتناص الفرص.. حكاية رجل اجتهد كثيرا فجاءه الحظ من أوسع الأبواب.. حكاية رجل المنافسة كانت صنعتها.. حياة رجل عظيم.. «اختار» أن يكون بسيطا جدا.
فى البداية وبعد التخرج مباشرة عمل فى شركة «آى. بى. إم» وهى شركة أمريكية تعمل فى مجال الكمبيوتر.. كان من أوائل العرب الذين عملوا فى هذه الشركة التى اكتشفت بدورها حاجتها إليه كشخص يتحدث العربية ويفهم جيدا فى مجال الكمبيوتر، خاصة أن للشركة فروعا فى البلاد العربية ومنها ليبيا والكويت.
فى الستينيات منع من الخروج من مصر لمدة عشرين شهرا وهو عصر كان يتهكم عليه بكلمة «العصر الذهبى», منع من السفرلمصاهرتة رجل عظيم وهو عبداللطيف البغدادى عضو مجلس قيادة ثورة يولو - والمعروف بلقب «البغدادى ذو العصا السحرية».. التهمة كانت ملفقة بعد أن كان قادما من لندن وفى طريقه للدوحة لإتمام صفقة كبيرة، وتسبب فيها بعض المحيطين بالرئيس جمال عبدالناصر خوفا من اقتراب البغدادى منه بصورة أو بأخرى وتهمته كانت بالتحديد (الإطاحة بالرئيس عبدالناصر من خلال الاتصال بأعداء النظام)، تعرض بعدها محمد نصير لضائقة مالية وباع الموبيليا التى كانت فى بيته وعمل فى محل «الحاج عبدالرؤوف» بباب اللوق لتصليح التليفزيونات وكان ذلك سنة 1966 وكان فخورا جدا بهذه الفترة، ودائما ما كان يحكى عنها، وكان الدرس منها أن للناس كلها وجها شريرا وآخر طيبا، والذكاء هو التعامل مع الجزء الطيب فى كل إنسان تقابله فى حياتك، أما الدرس الثانى فكان «التنوع» فى مجالات الاستثمار خوفا من التأميم الذى حدث فى الستينيات.
من جريدة الأهرام إلى ألكان
وفى الفترة من 1967 إلى 1972 أسس وأدار مركز حاسبات صحيفة الأهرام «أماك» بناء على تكليف من صديقه المقرب الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل الذى أخرجه من الكبوة التى ألمت به بعد قرار منعه من السفر، بعد ذلك عمل فى العديد من المجالات المتنوعة مثل البترول والملاحة، حيث كان البترول الذى عمل فيه، كوسيط مع شريك يونانى سببا فى أن يضعه فى مصاف الأغنياء حيث ارتفع سعر برميل البترول عام 1973 من 2 دولار إلى 14 دولارا للبرميل، فى 1974 تفرغ تماما للعمل الخاص وقام بتأسيس إمبراطوريته الخاصة «ألكان» مستفيدا من سياسة الانفتاح الاقتصادى التى دشنها الرئيس أنور السادات بعد حرب أكتوبر، لتصبح اليوم على قمة هرم الاقتصاد المصرى والعربى ولتضم تحت مظلتها العديد من الشركات المتنوعة المجالات ومنها ألكان للاتصالات وألكان تليكوم التى لها فروع فى عدد من البلدان ومنها السودان, كينيا, ليبيا, العراق, السعودية, الجزائر, بوركينا فاسو, سيراليون, النيجر, دبى, عمان ومدغشقر، بالإضافة إلى شركات ألكان للغزل والنسيج, ألكان للتشييد والبناء, ألكان أير, المصرية العالمية للسيارات ومركز القاهرة المالى والسياحى، أسس محمد نصير أيضا منذ عام 1996 جمعية رجال الأعمال المصرية البريطانية بهدف تشجيع الصادرات المصرية وفتح أسواقا جديدة لها فى بريطانيا قادرة على المنافسة فى السوق العالمية وقد ترأس مجلس إدارتها على مدى السنوات الماضية.
كان رجل الأعمال محمد نصير أول من أدخل الكمبيوتر والإنترنت إلى مصر ولبنان، وكان أول من قام بتركيب أول أربعة أجهزة كمبيوتر فى مصر فى التخطيط, والبريد لأن صندوق البريد كان ناجحا جدا فى مصر وكان يجب السيطرة عليه لكثرة عدد المشتركين به وجامعتى الإسكندرية والقاهرة، كما كان أول من قام بتركيب التليفون فى السيارات سنة 1986 من خلال مناقصة وليس مزايدة ليصل عدد المشتركين فيه حوالى 16 ألف مشترك.. أول خصخصة فى تاريخ مصر كانت أيضا على يديه فى بداية التسعينيات من خلال شراء شركة للمياه الغازية بيبسى كولا بمبلغ 157 مليون جنيه, حيث استلمها وبها 4000 عامل وأضاف عليها 1100 آخرين وكانت من أول معاركه لقلة وعى الآخرين بأهمية الخصخصة -على حد تعبيره- كان مع مبدأ البيع والخصخصة قلبا وقالبا، وكان معترضا على تدخل الحكومة فى الأمور الصناعية والتجارية التى تحتاج إلى عقلية تنتمى للقطاع الخاص مما سيخلق فكرا تنافسيا وقدرة على الإبداع أكثر.
فودافون
تقدم فى 1991 بأول مشروع لشبكة التليفون المحمول، ولكن الظروف المحيطة لم تسمح باستكمال الفكرة ليتقدم خلال العطاء الأول مع 33 شركة أخرى عام 1994، ولكنه لم يكتمل أيضا، وقد تم طرح العطاء مرة ثانية بعد أربع سنوات حتى تم الإعلان عن الشبكة الثانية لتكون فودافون مصر.. هذا وقد اعتاد محمد نصير إنشاء المشروعات ثم بيعها حيث يقوم بالتركيز على الفكرة إلى أن تنجح, وبعد أن تنجح يجد أن هناك من هم أفضل منه لإدارتها -على حد تعبيره- حدث ذلك عدة مرات أخراها كانت فى شركته ألكان فارما التى بيعت إلى مجموعة أردنية، وأيضا شركة فودافون.
كان محمد نصير عضوا فى الحزب الوطنى ولكنه لم يكن مهتما بالعمل فى السياسة لانشغاله بأعماله، كما لم يهتم أيضا بالدخول فى انتخابات مجلس الشعب طمعا فى سند أو استثناءات، فكان يؤمن بأن السياسة ليست وسيلة للحماية، بل وكان مؤمنا بأنه قادر على خدمة بلده من خلال موقعه كرجل أعمال ناجح يعمل بماله الخاص، وليس كرجل أعمال مسنود يعمل بنظام القروض.. هو رجل آمن بمبدأ أنه كلما كان الشخص مخلصا فى عمله -و«مظبوط» على حد تعبيره- كان فى أمان من عند الخالق، وكما كان بعيدا عن السياسة فضل أيضا أن يكون بعيدا عن رئاسة نادى الزمالك رغم أنه زملكاوى متعصب، فهو من الشخصيات التى تستشعر المشاكل وتبعد عنها.
طبيعة محمد نصير كانت دائما بعيدة عن الإعلام وغير محبة للظهور أو البروبجندا لدرجة أنه كان يقول «أتحدى لو وجدتم لى صورة بجوار الرئيس مبارك فى أى اجتماع» تلك هى طبيعته.. حتى حين ورد اسمه فى قائمة فوربز عام 2001 لم ينجح أحد فى استفزازه ولقائه، على صعيد آخر, حاول عدد محدود من الصحفيين الاقتراب منه كمستشارين إعلاميين, لكن لم يدم بقاؤهم معه سوى شهور قليلة، إما لأنهم كسالى أو لأن طلباتهم سبقت اجتهادهم.
كان لى الشرف أنه اختارنى لأكون إلى جواره خلال السنوات الماضية ولننجح سويا فى العديد من المخططات الإعلامية.. اقتنع بوجهة نظرى وباتجاهاتى التى كانت أساسا جديدة عليه، ولذا سألته يوما: لماذا أنا؟ فقال لثلاثة أسباب «لأنك شديدة الذكاء.. شديدة الاجتهاد.. وشديدة الإخلاص» ثلاثة شروط وضعها محمد نصير بينه وبين نفسه للأشخاص الذين يسمح لهم بالاقتراب منه، وهى نفس الصفات الثلاث التى تسببت لى فى الكثير من المشاكل على مدار 16 سنة من الحياة العملية.. ومازالت.
معركة القلعة
اختار محمد نصير أن يقيم آخر مشروعاته على قطعة أرض اشتراها عام 1976 عند مطلع المقطم وكانت عبارة عن مكان لتجميع زبالة المبانى.. قام بتنظيف المكان ليكون مقرا لتوكيل سيارات رينو الذى يمتلكه، ثم قرر أن يبدأ فيه بناء مشروع مركز القاهرة المالى والسياحى، استوفى محمد نصير جميع أوراقه الرسمية، فهو دائما رجل مظبوط.. شرع فى البناء ليفاجأ بسيل من الهجوم الإعلامى بعضه موجه بل أيضا مدفوع له ليهاجم، والبعض الآخر غير واع من بعض صحفيين ارتضوا أن يضعوا أسماءهم على مقال يهاجمون فيه مشروعا لم يروه، وفوجئ أيضا بهجوم غير مفهوم، بل وبطلبات إحاطة فى مجلس الشعب.. اقترحت عليه أن نقوم بتوجيه خطاب رسمى إلى د. فتحى سرور رئيس مجلس الشعب ندعو فيه لجنة الثقافة والسياحة والإعلام بمجلس الشعب لزيارة موقع المشروع.
محمد نصير -كما قلت عنه- يراقبك من بعيد ويقيمك جيدا لتكتسب اقترابا أكثر منه.. فقال «ورينى شطارتك» قمنا بتوجيه الخطاب وتمت الموافقة عليه ليزور الموقع وفد رسمى من لجنة الثقافة والسياحة والإعلام وعدد من النواب الذين تقدموا من قبل بطلبات إحاطة، لتنتهى الزيارة بعد الاطلاع على الأوراق والموافقات الرسمية، وكذلك زيارة الموقع والتأكد من بعده تماما عن القلعة بكلمة «احنا ماكناش متصورين ان الموضوع كده» وأرجو أن نضع تحت كلمة «متصورين» تلك ألف خط ودائرة وعلامة تعجب.
اتهموه بأنه يبنى أبراجا 120 مترا فى حين أن رخصته كانت ب59,55 مترا، وتم تعديل هذا الارتفاع فيما بعد بناء على توصيات اليونسكو ليكون 31,55 م. اتهموه بأنه سيقوم بهدم القلعة وبأنه نجح فيما فشل فيه الصليبيون.. فى حين أنه يفصل بين السور الخارجى للقلعة وبين مشروعه طريق الأوتوستراد وطريق صلاح سالم وخط السكة الحديد الخاص بالقوات المسلحة لتصل المسافة بين الاثنين لحوالى 300 متر. اتهموه بحجب الرؤية البصرية للقلعة، والحقيقة أن المشروع يقع فى منطقة منخفضة جدا ولن يظهر من المبانى الكثير حين اكتمال المشروع.. اتهموه بأنه يبنى فى منطقة أثرية.. فى حين أنه ثبت بالخرائط الرسمية أنه خارج نطاق القاهرة التاريخية.. اتهموه بأنه سيهد جبل المقطم فى حين أن الدراسات الجيولوجية الخاصة بالمشروع كانت مستوفاة منذ سنوات.. اتهموه واتهموه.. وانضم الكثيرون لهذا القطيع بشكل غير مفهوم أطلق عليه نصير مقولته الشهيرة «نظرية الزفة»، إلى أن تم الاحتكام إلى منظمة اليونسكو ليتقلص مشروعه وتنسف رسوماته، ومع هذا لم يقل سوى كلمة «حاضر».
أعماله الخيرية
قدم محمد نصير إلى الفنانين والوسط السينمائى أجمل دورة لمهرجان القاهرة السينمائى العام الماضى وكانت الدورة رقم 32 للمهرجان لتظهر بشكل جميل وراق ودولى استحق عليه الإشادة والإطراء وإن كانوا اتهموه وقتها بأنه قام بذلك مجاملة لوزير الثقافة فاروق حسنى أملا فى حصوله على الرخصة الجديدة الخاصة بمشروعه، رغم أنه أوضح أن الأمر كله من أجل مصر ومن أجل استمرار هذا المهرجان الذى يرفع سنويا اسم مصر عاليا.. وأسألهم الآن: أين هى الرخصة أيها المتحذلقون؟
قام محمد نصير أيضا بالعديد من الأعمال الخيرية، ولكنه كان دائما ما يعمل بنصيحة والدته التى كان يعشقها فى عدم الحديث عما يعمل أبدا حتى لا يضيع ثوابه، كان آخر عمل خيرى قام به تبنيه فكرة تطوير قرية أم دينار، فبالتعاون بينه كرئيس مجلس إدارة شركة ألكان القابضة ونادى روتارى التحرير ومحافظة السادس من أكتوبر، تم وضع خطة لتطوير قرية أم دينار التابعة للوحدة المحلية بكفر حجازى مركز إمبابة بمحافظة السادس من أكتوبر والتى تقع على مساحة 900 فدان.. تضم قرية أم دينار حوالى 3200 منزل بها 25 ألف نسمة ويبلغ عدد الأميين بها حوالى 1500 أمى، بالإضافة إلى 2500 عاطل, 1000 امرأة معيلة و500 أرملة و300 يتيم، كما أن أغلب سكان القرية يعملون بالزراعة وبالتحديد بها حوالى 17 ألف مزارع يشكلون %70 من إجمالى عدد سكان القرية، هذا وقد تم عمل حصر على الطبيعة منذ فبراير 2007 لأهم مشكلات هذه القرية، وتم بالتعاون مع كل من نادى روتارى التحرير ومحافظة السادس من أكتوبر وجمعية تنمية المجتمع التابعة لأم دينار، عمل خطة للتطوير تشمل عمل برامج للتوعية عن الصحة الإنجابية وعن المحافظة على البيئة، بالإضافة إلى توعية الشباب عن كيفية إيجاد فرص للعمل وعن مساوئ تعاطى المخدرات، هذا بالإضافة إلى تغيير شبكة مياه الشرب والصرف الصحى بالكامل بالتعاون مع المحافظة بتكلفة حوالى 3 ملايين جنيه، كما تم افتتاح 20 فصلا لمحو الأمية كمرحلة أولى، وتم وضع منظومة يومية لنظافة القرية ولتدوير مخلفات الحقول وفقا للمحاصيل الزراعية التى يمكن خلق أعلاف منها، بالإضافة إلى تطوير المدارس الثلاث الموجودة وصيانتها وتزويدها بأجهزة الكمبيوتر، من ناحية أخرى تم تطوير الوحدة الصحية التابعة لها، حيث تم تزويدها بعدد من الأجهزة الطبية اللازمة، وبالإضافة إلى العنصر البشرى من دكاترة وإخصائيين، وعلى صعيد آخر تم تطوير مركز الشباب التابع لأم دينار، وتم تقديم قروض للمرأة المعيلة لعمل مشاريع، ولذا تم اختيار 100 أسرة تمت دراسة حالتهم جيدا، وتم تخصيص 1000 جنيه لكل منهم لإقامة مشاريعهم الخاصة.
جدول حياة محمد نصير
لمحمد نصير جدول يومى لا يستطيع أحد أن يقوم بتغييره أبدا، فهو يستيقظ مبكرا جدا ليكون على مكتبه فى منزله الساعة السادسة صباحا ليقرأ البريد الإلكترونى الخاص به والذى غالبا ما احتل فيه أنا وأخبارى دور البطولة.. يذهب إلى مكتبه فى الدقى الساعة 8 ونصف صباحا.. لا ينتظر المصعد، بل يقفز إلى الدور الأول حيث يقع مكتبه، فى خطوات رشيقة ليبدأ نهاره مستمعا إلى الأخبار العالمية وأخبار البورصة.. وجبته الرئيسية تكون الساعة 12 ظهرا بطبق من الشوربة يليه طبق آخر وبعدها بساعتين، إما كوب من العصير أو زبادى.. نظام غذائى صارم ودقيق لا يكسره إلا عشقه للشيكولاته التى كنا نخبئها منه، يغادر مكتبه الساعة الثالثة والنصف ليعود إلى منزله ويكمل حياته الاجتماعية ليلا ليعود مبكرا وينام مبكرا فى تمام الساعة 11 ونصف مساء عملا بنصيحة صديقه الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل.. وهى بالفعل النصيحة التى اتبعها دائما فجعلته يبدو أصغر سنا وأكثر صحة.
نصير من الناس الذين لا يحبون التغيير، فمعظم مساعديه من أصدقائه، ومعظم من عملوا معه استمرت علاقاته بهم من 25 إلى 40 عاما.. يجب أن ينظر إلى وجوه مألوفة يأمنها، حتى الفراش والبواب وكل المحيطين به.. إنسان غاية فى البساطة يأسرك ببساطته لدرجة أنه يوما وجد ساعى مكتبه غاضبا فدخل خلفه المطبخ وسأله عن أحواله وسبب حزنه هذا.. أيوجد أجمل من هذا؟ إنسان يجبرك على احترامه.. إنسان يشعرك بمسئوليته عنك وخوفه عليك واقترابه منك.
كان نصير يقوم بمتابعة صحته بشكل دورى منتظم، وكان عائدا بالفعل من رحلة ضمت الكثير من التحاليل لشكواه من المرارة.. لم يمر بعدها سوى أيام ليشكو مرة أخرى وليعاود السفر وليأتى إلينا الخبر بسرطان فى القولون.. ليبدأ رحلته العلاجية التى بدأت فى لندن وانتهت فى ألمانيا.
اتصل به الكثيرون أثناء محنة مرضه التى استمرت حوالى أربعة شهور ولكننى لم أستطع.. تحدث إليه الكثيرون عبر «السكايب» ولكننى لم أستطع، وهربت من ذلك.. رأيته قويا مثابرا ولم أرد أن أراه بعكس تلك الصورة أبدا، ليظل فى ذاكرتى كما عرفته، كان لدينا جميعا قناعة بأنه سيعود وأنه سينتصر فى معركته تلك كما تعودنا منه، لكن أراده ربه إلى جواره ولم يكن باليد حيلة.. وكانت وصيته الأخيرة أن يدفن إلى جوار والدته التى يعشقها، رغم أنه اشترى مدفنا جديدا بمدينة 6 أكتوبر.
سؤالى الآن، ألا يستحق هذا الرجل التكريم.. ألا يستحق أن نمنحه رخصة مشروعه الذى حارب من أجله على أمل أن يراه فى يوم من الأيام.. ألا يستحق أن يتم تكريمه هذا العام فى مهرجان القاهرة السينمائى فى دورته ال33.. ألا يستحق أن نرفع له القبعة احتراما وأن نقرأ الفاتحة على روحه كلما تذكرناه كقدوة وأب ومثل أعلى؟!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.