قال أمير الشعراء أحمد شوقى "أنا إن قدّر الإله مماتى *** لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدى". وعندما كنت اقرأ هذا البيت من الشعر أحس بفخر ما بعده فخر, لأنى مصرى، ولأن هناك سنوات أثبتت بعد نظر هذا الشاعر الكبير فى إحساسه بعظمة مصر وتاريخها وقدرتها وموقفها وثرائها وتراثها، درس مصر الوطن والتاريخ والجغرافيا وثقافة شعب وإعجازه وصبره على البلاء، وشجاعته فى أحلك اللحظات، فخرجت الكلمات معبرة عن مصر التى كنا نعيش فيها، فهل ماتت مصر؟! دون نفاق أو رياء أو نظرة سوداوية نرى أنها ماتت وشبعت موتا، فهل ترى للشرق رأسا يرفع، أو صوتا يسمع ، أو قرارا يؤخذ، الشرق أصبح مستباحا من الكل. نعم قدر الإله مماتها عقابا لأولادها الخانعين، وأولادها الفاسدين. وها هى تحققت النبوءة المستمدة من أمير الشعراء. نعم ماتت مصر وشبعت موتا، هل تتذكرون أغنية مصر هى أمى.. مصر هى أمى نيلها هو دمى شمسها فى سمارى شكلها فى ملامحى حتى لونى قمحى لون نيلك يا مصر مصر.. مصر ماتلا قيش مثالها ست كل عصر ضله جنب نيلها تسوى ألف قصر تعالوا بنا نطبق بعض كلمات تلك الأغنية، على الناس الآن، فإن كان نيلها هو دمى، فأنتم تعرفون إلى أى مدى تلوث مياه النيل، وأثر ذلك على صحة المصريين، شكلها فى ملامحى، واتضح بأن الضعف والفقر استمد الملامح مما نراه الآن من تخلف علمى وحضارى، وحتى لونى قمحى - ياترى كاتب هذه الأغنية يقصد القمح المسرطن، والقمح الفاسد الذى يدخل مصر الآن، وربما صدق عندما قال ماتلا قيش مثالها، لكن لأسباب أخرى غير التى ذكرها، ولا لما يقول ضله جنب نيلها، وهل أصبح على جنبها إلا القصور والأندية وأصبح الضل لأصحاب خفة الظل. صدقونى لو تتبعنا كلامات الأغنية سوف نجدها الآن على النقيض من الواقع المرير الذى نعيشه.. صحيح كلامات أغانى.. نعم ماتت أمى وسوف أستعير كلمة قالتها إحدى السيدات "مصر الآن لم تصبح أمى بل أصبحت زوجة الأب".