وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية بالمنطقة الغربية    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    محافظ الدقهلية: هدفنا توفير بيئة نظيفة وآمنة للمواطنين    كفاية دهسا للمواطن، خبير غذاء يحذر الحكومة من ارتفاع الأسعار بعد انخفاض استهلاك المصريين للحوم    ڤاليو تنجح في إتمام الإصدار التاسع عشر لسندات توريق بقيمة 735 مليون جنيه    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة المصرية في بداية جلسات الأسبوع    عراقجي: طلبات استئناف مفاوضات النووي عادت    مسؤول أممي: الجرائم الفظيعة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في الفاشر وصمة عار    تقارير: زين الدين زيدان يقود منتخب فرنسا بعد انتهاء كأس العالم 2026    سفن صينية تدخل مياه يابانية متنازع عليها في ظل توتر العلاقات    أبوريدة يجتمع مع منتخب مصر المشارك في كأس العرب    موعد مباراة إيطاليا والنرويج.. والقنوات الناقلة في تصفيات كأس العالم 2026    تقارير : زين الدين زيدان يقود منتخب فرنسا بعد انتهاء كأس العالم 2026    ضبط شخصين بالجيزة لتعديهما على طالبات أمام إحدى المدارس    تعليم الإسماعيلية: يعلن جداول امتحانات شهر نوفمبر للعام الدراسي 2025/2026    قوافل الأحوال المدنية تستخرج 9079 بطاقة رقم قومي.. وتلبي 1065 طلبًا منزليًا في أسبوع    خلاف على أولوية المرور يتحول لمنشور متداول    عرض 4 أفلام قصيرة ضمن فعاليات الدورة ال46 لمهرجان القاهرة السينمائي اليوم    الليلة على DMC .. ياسمينا العبد تكشف أسرار مشوارها الفني في صاحبة السعادة    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    متحدث الصحة: ملف صحى إلكترونى موحد لكل مواطن بحلول 2030    حبس طرفي مشاجرة نشبت بينهما بسبب معاكسة فتاة في المطرية    كيف نظم قانون الإجراءات الجنائية الجديد تفتيش المنازل والأشخاص؟    ما هي عقوبة مروجي الشائعات عبر السوشيال ميديا؟.. «خبير» يجيب    فيديو.. عمرو أديب يحتفي بتلال الفسطاط: من أعظم المشروعات في السنوات الأخيرة    156 عاما على افتتاح قناة السويس، الممر المائي الذي غير حركة التاريخ    مصر ترحب باتفاق الدوحة الإطاري للسلام بين جمهورية الكونجو الديموقراطية وحركة M23    الرياضية: أهلي جدة يفتح ملف تجديد عقد حارس الفريق إدوارد ميندي    طريقة عمل صدور الفراخ، بصوص الليمون والثوم    فيروس ماربورغ.. القاتل الخفي الذي يعيد ذكريات الإيبولا    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الهرم دون إصابات    كبير الأثريين يكشف تفاصيل تطوير المتحف المصري بالتحرير    وزارة الداخلية تقرر إبعاد 3 أجانب خارج مصر    الري: التحلية للإنتاج الكثيف للغذاء أحد أدوات التعامل مستقبلا مع محدودية المياه وتحقيق الأمن الغذائي    بنين تعتمد تعديلات دستورية تشمل إنشاء مجلس الشيوخ وتمديد الولاية الرئاسية    مصر وتشاد تبحثان خارطة طريق لتعزيز الاستثمار المشترك في الثروة الحيوانية    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    أمام كاب فيردي .. عمر مرموش يحل أزمة الجبهة اليسرى فى منتخب مصر    وزير الخارجية يجري اتصالات مكثفة بشأن الملف النووي الإيراني    اليوم .. بدء القيد بالنقابة العامة لأطباء الأسنان لخريجى الكليات دفعة 2024    أسعار الدواجن والبيض اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025    إصابة العشرات بعد اندلاع اشتباكات في المكسيك وسط احتجاجات الجيل زد    «حماة الوطن» يعقد مؤتمرًا حاشدًا بالإسماعيلية لدعم مرشحيه    اليوم.. وزيرالثقافة ومحافظ الإسكندرية ورئيس أكاديمية الفنون يفتتحون فرع ألاكاديمية بالإسكندرية    مائل للبروده....تعرف على حالة الطقس المتوقعه اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025 فى المنيا    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    ألبانيا أول منتخب أوروبي يحجز مقعده في ملحق مونديال 2026    فيلم شكوى 713317 معالجة درامية هادئة حول تعقيدات العلاقات الإنسانية    بريطانيا تجرى أكبر تغيير فى سياستها المتعلقة بطالبى اللجوء فى العصر الحديث    "دولة التلاوة".. برنامج قرآني يتصدر الترند ويُحيي أصالة الصوت المصري    حامد حمدان يفضل الأهلي على الزمالك والراتب يحسم وجهته    خالد عبد الغفار: مصر تحقق نجاحات كبيرة جدًا على المستوى الدولي    وزير الصحة: متوسط عمر المصريين زاد 20 عاما منذ الستينيات.. وكل دولار ننفقه على الوقاية يوفر من 3 ل 7 دولارات    محمود حسن تريزيجيه: الانضباط والاحترام أساس تكوين شخصية لاعب الأهلي    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حنان شومان تكتب: (حكايات من حياتنا..صليب ألماس)
نشر في اليوم السابع يوم 17 - 04 - 2013

حين حطت الهزيمة المصرية أمام إسرائيل أوزارها على مصر كانت «نون» طفلة تستعد للالتحاق بالمدرسة، وقد ألحقتها أمها بالفعل بمدرسة عريقة، بل قل إنها كانت أعرق مدارس مصر آنذاك وأغلاها، بدءا منذ اليوم الأول لالتحاق الطفلة نون بالمدرسة أنها طالبة متميزة نابهة، وكان اسم أسرتها آنذاك هو أحد أسماء خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، أى أنها كانت طالبة مسلمة فى مدرسة تجمع بين المسلمين والمسيحيين دون تمييز، ففى ذلك الوقت كانت مصر دولة لا تعرف ملامح الطائفية.
ولكن حكاية نون كانت مختلفة فهى لم تكن حكاية تطرف أو عقيدة، ولكنها كانت أزمة اجتماعية ونفسية لطفلة تعيش مع أمها وحيدة بلا زوج لأنها مطلقة فى زمن كانت معدلات الطلاق فيه قليلة جداً، وربما هذا ما جعل مدرسات نون يظنون أنه السبب فى هدوء وصمت نون الدائم مقارنة بالطالبات الأخريات.
كانت أم نون سيدة جميلة أنيقة كأغلب نساء مصر آنذاك، خاصة سيدات الطبقة المتوسطة والأعلى، فسيدات مصر لم يكن يختلفن عن نجمات السينما فى ملابسهن على الأقل، وكانت أم نون كذلك تشبه نجمات سينما الستينيات، غير أنها كانت دائما ترتدى صليبا من الألماس كبيرا يتدلى من عنقها، وهو طقس معتاد لمسيحيات مصر، لم يكن يلفت انتباه أحد آنذاك، غير أن اسم نون وعائلتها وصليبا من الماس فى عنق الأم كان يحكى الحكاية دون تفاصيل.. سيدة مسيحية تزوجت مسلما، وأنجبت منه طفلة ثم افترقا عندما انقطع الحب، وكانت مصر وقتها مهزومة عسكرياً ولكنها لم تكن مهزومة عقلاً ولا فكراً، بل كانت متسامحة حرة التفكير رغم قيود السياسة كان الدين فى مصر لله وكان الوطن للجميع.
مرت السنوات وبطلتنا نون تكبر وتحضر حصة الدين الإسلامى مع زميلاتها المسلمات، وتذهب كل يوم أحد إلى الكنيسة مع أمها للصلاة، فنصف قلب الفتاة مع اسمها المسلم ونصفه الآخر مع الأم التى هى كل شىء، فالأب قد اختفى ولم يعد يربطها به غير اسم مكتوب على كراسة مدرسة.
وربما كان هذا الظرف هو عينه الذى جعل من نون فتاة تبدو أكثر تعقلاً وحكمة من سنها فهى على صغر عمرها كانت تريد أن تجمع فى يدها حكمة الدين والتسامح والتقاء الحضارات التى صنعت من مصر بلدا غير أى بلد وأرضا غير أى أرض صنعت منها «أم الدنيا»، وكان عنق نون عنواناً لأم الدنيا، فقد كانت ترتدى سلسلة ذهبية يتدلى منها المصحف والصليب.
ثم جاءت السبعينيات والتحقت نون بالجامعة وما أدراك ما السبعينيات، فرغم أن مصر انتصرت فيها عسكرياً وأعادت كرامتها الجريحة فإن صراعها السياسى بين عصرين، عصر ناصر وعصر السادات، خلق صراعا آخر ما كان له أن يولد فى بلد مثل مصر، ولكنه حدث بمباركة من السادات الذى أراد كسر شوكة الفكر الناصرى والاشتراكى بتقوية فكر الجماعات الجهادية التى تتخذ من الدين رداء وصالت تلك الجماعات فى الجامعات وجالت، بل بدأت بوادرها تخرج من نطاق الجامعة إلى الشارع، وبدأت تباشير تأثير هجرة المصريين إلى بلاد النفط تظهر رويدا رويدا لتحمل شكلاً وعقلاً غير هذا الذى تربى عليه أهل مصر، ورغم أن مصر كانت تتغير، فإن نون ظلت كما هى تصحب أمها صباح كل يوم أحد للكنيسة وتحتفظ باسم أبيها الذى تسمى على أحد أسماء الرسول الكريم وتحتفظ فى عنقها بسلسلة ذهبية يتدلى منها المصحف والصليب غير أنها بدأت تدخله بين طيات ملابسها بعدما بدأت العيون تتفحص صدرها بارتياب.
تخرجت نون فِى الجامعة بتفوق ملحوظ وبدأت رحلة البحث عن عمل لم يكن من الصعب أن تجده فارتبطت بمؤسسة دولية لها مكاتب فى مصر، وفى صباح يوم أحد وهى فى طريقها لتقل أمها للكنيسة توقفت إلى جوارها دراجة بخارية نزل منها شابان استوقفاها وأوسعاها هى وأمها ضرباً وأخرجا من صدرها السلسلة الذهبية ولفاها حول عنقها محاولين خنقها وهما يرددان كفرة كفرة.
فى المستشفى الذى نقلوها إليه مع أمها جاء البوليس لسؤالها وكان قد قبض على شاب واحد من المعتدين عليها، فأطلعها البوليس أنهما شابان صديقان لابن بواب العمارة التى تسكن فيها وإنه ارتبط بإحدى الجماعات المتطرفة وحكى لأمير الجماعة حكاية الست المسيحية اللى بتربى بنت مسلمة، فما كان من الأمير إلا أن أشار على أتباعه بضرورة التصدى للأم وابنتها انتصارا للدين الحنيف، فكان الاعتداء عليهما ومحاولة قتلهما هو الحل.
ظلت نون وأمها لأيام فى المستشفى وإن تحسنت حالة نون، ولكن حالة الأم كانت تسوء ربما للسن وربما لأن المعتدين كانوا أقسى فى اعتدائهم على الأم من ابنتها، وفى اليوم السادس بعد الاعتداء أعلن الأطباء وفاة الأم متأثرة بجراحها، وخرجت نون من المستشفى بعد أن فقدت أمها وسلسلة ذهبية يتدلى منها المصحف والصليب وجزء كبير من روح عاشت معها.
ما هى إلا أسابيع حتى طلبت نون من الهيئة الدولية التى تعمل بها أن تنتقل للعمل فى مكتب خارج مصر، وقوبل طلبها بالموافقة فقد كانت موظفة متميزة جداً، وحين ذهبت لوداعها ربما لآخر مرة لم تكن هى تلك التى عرفتها طويلاً فقد كانت جسدا بلا روح وعيونا خائفة مرعوبة وعنقا مجروحا بلا سلسلة ذهبية تزينها, وعلى أعتاب بابها قالت لى وهى تودعنى «مصر التى أعرفها حتوحشنى».
انقضت سنين وعلى صفحات الفيس بوك وجدت طلبا للصداقة من سيدة اسمها نون تعيش فى الغرب، فاكتشفت أنها نفس نون التى أعرفها، وقالت لى أنها احتفظت باسمها الأول من ريحة مصر ولكنها بدلت اسمها الأخير لاسم غربى وحين سألتها عن السلسلة الذهبية التى كانت تجمع المصحف والصليب قالت لم أعد أرتدى سلاسل، فيوم أن قتلوا أمى وجرحوا عنقى علمونى ألا أعلن من أكون ولكنى أحتفظ فقط بسلسلة أمى الألماس التى يتدلى منها صليب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.