لفت نظرى أحد الناس الذى أعتز بقرابتهم لى، إلى خطأ وقعت فيه منذ زمن كبير للغاية، ومضيت على أثره دون تفكير، وأحمد الله أن فيمن أعرفهم من يقول لى بصدق ودون مُجاملات، ما أخطأت فيه وما أصبت. فهو يناقشنى بهدوء ومنطق، حول ما أكتب ويقبل الرأى والرأى الآخر، وأعتز بتلك المناقشات، لأنها تزيد إلى معرفتى بالأشياء، وتوصلنى إلى ما يجب أن يصل إليه العالم، من تقبل الآخر ورؤيته إن صحت، فوق رؤيته الشخصية. وبالمناسبة، فإن من كان يحاورنى هو بالأساس امرأة. - حيث سألتنى: ماذا تعنى بالإسلامى؟ - قلت: الفكر المتطرف، الذى يستغل الإسلام كدين فى تقديم حجته إلى الناس وينفذ أجندة خاصة به! - قالت: ولكن اصطلاح إسلامى واسع، وفى حال ما استخدمت هذا الاصطلاح للتعبير عمن يستغلون الدين لأغراضهم، فإنك تشوه الاصطلاح فى مواضع أًخرى، يُستخدم فيها بشكل علمى! - قلت: اضربى لى مثال! - قالت: هناك الفكر الإسلامى وهُناك الفقه الإسلامى وغيرهما! فهل هذا لاستغلال الدين بالتوافق مع تعبيرك الممثل فى كلمة "إسلامى"؟ - قلت: لا أقصد هذا ولكنى مُحدد الموضوع فيما يتعلق بالأشخاص وليس المنهج. - قالت لى: لقد خلق الله الناس مختلفين، بحيث تختلف تفسيراتهم للأشياء، وبالتالى يُمكن للبعض فهم ما تصبو إليه على أنك تتهم الاصطلاح ككل، وليس الأشخاص الذين يفعلون هذا. (لم أقل شيئاً وكنت أستمع لكلمتها الحكيمة). - أكملت المرأة: وبالتالى فإن إطلاق لفظ "إسلامى" على من يستغلون الدين، يُعبر عن تخبط فى المفهوم، وتلقف الاصطلاح من الغرب دون تفكير فى مدى صحته، وبالتالى إحداث تخبط فى المُجتمع، الذى له كل الحق فى أن يتساءل حول أهدافك، لأن المجتمع ليه باللى شايفه، ويتأثر باللفظ وليس بالخلفية التى تكتب عنها، وبالتالى تتوه المعانى التى تتكلم عنها وتتسبب فيما تنادى بوقفه! - نظرت إليها وقد أثارت كلماتها عندى الفكر: وقلت لها، إنها على صواب وأنا على خطأ! - أكملت: وهنا يجب التفكير فى الاصطلاح الذى يجب أن يحل محل التشويه الذى ساهمت به مع غيرك فيه. ولا أرى أن لفظ "أصولى" هو الآخر مناسب، لأن أصوليا مُشتقة من الأصول، وأى إنسان سوى، يُحب الأصول. أليس كذلك؟ - قلت: هذا صحيح! - قالت: إذاً يجب وأن يكون هناك اصطلاح آخر، مثل تعبير جاهل أو نصاب. فإن كان يستغل الدين عن جهل، كان جاهلاً وإن كان يستغل الدين وهو يعرف، يُقال عنه نصاب. - قلت: هذا أفضل بالفعل. قالت: وبالتالى، قٌل، جاهلا أو نصابا، ولا تقل إسلاميا، وإلا وقعت فى ورطة سوء استخدام الكلمات وبالتالى الاعتداء على أذهان الناس، وهو أمر لا يمكن أن يُغفر لك كعالم، تتحمل مسئولية كل كلمة تقولها! انتهى النقاش وقد وافقتها على كل ما قالت وحجتها التى لم أرى فيها خطأ، لأنها أقنعتنى بالفعل، وأظهرت مدى خطأى بمناقشة امتازت بالهدوء والاحترام المتبادل دون سب أو شتائم والتى انتهت بالسلام والاتفاق على إجراء المزيد من الحوارات. ولقد دُهشت، عندما قرأت لصديق شاب لى لم يتم بعد سن الثلاثين من عمره، هو محمد أبو الخير، مقال على "الفيس بوك" حول الموضوع نفسه، وقد أحسست أن الله يُنير طريقى لفهم الأشياء كما يجب أن تكون! نعم بالفعل، الاعتراف بالخطأ فضيلة وأحمد الله أننى ممن يعترفون بأخطائهم على رؤوس الأشهاد ويستمعون النصيحة ولا يتكبرون عليها، من أى كان، مهما كان سنه أو جنسه أو دينه، لأننا جميعاً بشر نُفكر معاً من أجل خيرنا جميعاً!