سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بالصور.. الإهمال يغتال قرية المهاجرين بالإسكندرية.. معاق يخترع جهازا لإنتاج الطاقة الكهربائية ولا أحد يهتم.. والأطفال ينتظرون المدرسة ترحمهم من عناء السيارات المجهولة.. والأهالى: "حسبنا الله"
مشاهد مختلفة تراها عند دخولك قرية المهاجرين بالإسكندرية التى سقطت من خريطة الحكومة المصرية مع كثير من مثيلتها، بداية من طريق المحمودية الملوث للأنظار فالترعة تفوح منها الروائح الكريهة إثر تكدس نباتات "ورد النيل" والذى يتسبب فى قلة المياه ويمنع أشعة الشمس من الوصول إليها بما يسبب هذه الروائح، بالإضافة إلى استغلالها السيئ، حيث تقوم بعض ورش الميكانيكا بتخصيص قطعة من كورنيش المحمودية لإصلاح السيارات فيها، بينما يقوم البعض الآخر بعمل مغسلة للسيارات وسكب المياه المتسخة داخل مياه ترعة المحمودية، فى حين تجد أكوام القمامة هى المشهد الرئيسى المتصدر أمامك خلافاً لعملها كمخازن لتجار الفاكهة والخضراوات. لحظات قليلة تحاول إبعاد ناظريك عن شاطئ المحمودية لتصطدم بمشهد السيارة المجهولة المحملة بأطفال المدارس الصغار، وكأنهم قطع من اللحوم وضعت فى المفرمة ولا تعلم أى منتج سيخرج منها، فالسيارة لا تكاد تستطيع الثبات فى طريقها نظراً لسوء حالتها وتكدس الأطفال بها منتظر مصيراً مجهولاً أو يجعلها القدر تنجو رحمة بأمهاتهم المتمنين الخير فيهم. على بعد قريب تجد عمدان أسمنتية مكتوب عليها الوحدة الصحية، وبالخط نفسه سطرت كلمات يسقط الحزب الوطنى ويبدو على هذه العمدان اليأس من الإنشاء فمالت أسياخها وانهدمت أجزاؤها. محمد سعيد المزين يختصر المشاهد فى كلمات: "حكومتنا فى إجازة من أربع سنين، وأن كنا خارج خريطة الجمهورية من زمان حاربنا إسرائيل فى عهد السادات وانتظرنا النهضة فى عهد مبارك وقلنا يسقط الحزب الوطنى ولما جاءتنا فى عهد مرسى قلنا حسبى الله ونعم الوكيل". "اليوم السابع" توجهت إليهم وقررت قضاء يوم مع أهالى القرية لمعرفة المشاكل التى يعانون منها، فهذه القرية التى يبلغ تعداد سكانها 20 ألف نسمة يعانون من طفح الصرف الصحى بالمنطقة، وتكدس أكوام القمامة أمام منازلهم، وانتشار الأمراض بينهم وانقطاع التيار الكهربائى المنخفض بها، بالإضافة إلى معاناتهم فى فقدان المرافق الأساسية لهم. لحظة دخولنا القرية تجد على اليسار قطعة لأرض زراعية تستمد مياه ريها من مجرى للصرف الصحى والذى تعانى منه القرية وعلى الجانب الآخر مجموعة من المنازل يربطها بالطريق "لوح خشبى" يمرون عليه من فوق مجرى للصرف الصحى معبأ بالقمامة والحشرات والقوارض. السيد أبو شادى من أهالى القرية تحدث عن مشاكلها والتى تبدأ بالصرف الصحى المتهالك الذى تم إنشاؤه منذ عام 1980 وحتى الآن لم يتم إجراء الصيانة الفعلية له، علاوة على زيادة عدد السكان بالمنطقة، بما يستلزم عمل خطة جديدة للصرف الصحى وتغيير مسار الصرف فيها، مشيراً إلى أنهم تقدموا بهذا الطلب مراراً وتكرارا وبالفعل تم دراسة هذه الخطة وتحديد ميزانية لها دون تنفيذ. وقال محمد سعيد المزين: أن أهالى القرية يعانون من وجود صعوبات فى الوصول إلى اقرب وحدة صحية لهم والتى تبعد عشرات الكيلو مترات عنهم، بالإضافة إلى عدم وجود وسائل نقل آمنه للوصول إليها، بينما تبعد قطعة الأرض الخاصة بالوحدة الصحية القديمة لها عشرات الأمتار فقط، إلا أنها تحولت إلى خرابة تسكنها القوارض بعد أن تحولت إلى قضية نزاع ملكية فى المحاكم ولم يصدر فيها حكم حتى الآن. عبد الرازق حرب يقول: "استنجدنا مراراً وتكراراً من قنوات الصرف الصحى التى أصابت صغارنا قبل كبارنا بالأمراض، وأصبحنا نخاف من كل شتاء حتى لا تحبسنا الأمطار فى منازلنا بعد أن تختلط بمياه الصرف الصحى العفنة، ونخاف أيضاً من حلول الصيف حتى لا تزيد القوارض والناموس حتى تصل إلى غرفنا داخل المنازل، وتم إرسال شكاوى إلى وزارة الإسكان حتى انتهى الأمر بمقابلة الدكتور أسامة الفولى محافظ الإسكندرية الأسبق، والذى أجرى اتصالاته بمسئول الصرف الصحى عن المنطقة والذى قال لنا نصاً: "هذه المنطقة معمول حسابها فى الصرف الصحى" وإلى الآن لم يحدث أى جديد ولم تنته معاناتنا مع الصرف الصحى والأراضى الزراعية يتم رويها به". ويستكمل حديثه، قائلاً: "سنوات طويلة عشناها وأمام منازلنا قنوات الصرف الصحى التى نخشى على أطفالنا منها إذ أن الحشرات والقوارض أصبحت لا تخاف من تواجدنا بعد اعتيادها علينا، وأصبحنا فى عز الظهيرة نرى الفئران تقفز من بيت إلى بيت حتى انتشرت الأمراض والأوبئة". وأضاف "القرية نسيتها الحكومة أو إزالتها من على خريطة اهتماماتها فهى خالية من خدمات الرصف والمرافق، وكذلك خطوط التليفونات، بالإضافة إلى انخفاض التيار الكهربائى فيها حتى تحولت القرية بعد الثورة إلى ملجأ للصوص والبلطجية". أما على البحيرى فقد أبدى خوفه واستياءه من بناء المدرسة التى طالما حلموا بإنشائها بالقرية وجاء القرار أخيراً من هيئة الأبنية التعليمية بتخصيص فدان لبناء المدرسة عليها، بعد أن كانت أقرب مدرسة لأطفالهم تبعد مسافة لا تقل عن 5 كيلو مترات يمرون خلالها بالعديد من المخاطر حتى أن بعضهم يفضل عدم إرسال أولادهم إليها، وذلك بسبب قيام إحدى شركات الاتصالات بإنشاء محطة لتقوية شبكة الإرسال على أحد المبانى الملاصقة لأرض المدرسة، الأمر الذى أكدت لجنة البيئة بالمجلس المحلى خطورته على التلاميذ وتسبب العديد من الأمراض منها السرطان وأمراض ضغط الدم والجهاز العصبى والمخ. وأنهى البحيرى كلامه: "تعودنا منذ النظام السابق وحتى الحالى أن نرى أعضاء مجلسى الشعب والشورى قبل الانتخابات يقدمون الكثير من الوعود الكاذبة لأهالى القرية، حتى انتهى الحال بنا أن نمنع من الذهاب إلى أعمالنا مع سقوط الأمطار واختلاطها بالصرف الصحى". على صعيد آخر من القرية لن ننسى مرسى السيد الرجل الذى يعول أسرة مكونة من 7 أفراد لم يحمل من الشهادات أقلها وهو الآن اخترع جهاز لإنتاج الطاقة الكهربائية من بطارية 1.7 واط لتخرج طاقة 5000 واط تعمل عليها سيارة. ويقول مرسى: "اخترعت مشروعى بعد إعاقتى التى منعتنى من الحركة، وأستطيع إفادة من حولى، وأتمنى أن يعمل الرئيس مرسى على إخراجه للنور ومحاولة النهوض بهذه البلد إلى الأمام". وعلى جانب آخر نرى الفتاة تهانى عبد العاطى والتى أصيبت فى قدمها ولا تستطيع التحرك إلا باستخدام العصا، حيث أكد الأطباء حاجتها إلى إجراء جراحة تتكلف 30 ألف جنيه ولا تملك منها مليماً واحداً.