عندما يتطرق البعض للحديث عن نجاحات نادي ليفربول الإنجليزي المبهرة في السنوات الأخيرة، يتصدر المدير الفني الألماني يورجن كلوب الصورة، إلى جانب نجومه من اللاعبين، وأبرزهم المصري محمد صلاح، السنغالي ساديو ماني والهولندي فيرجيل فان دايك، لكن أحد الأسماء خلف الكواليس، يعد المحرك الحقيقي لتلك النجاحات، والشخص الذي صنع فارقًا استثنائيًا بين جدران النادي الإنجليزي العريق، ربما لا يعرفه الكثيرون. مايكل إدواردز المدير الرياضي لنادي ليفربول، والبالغ من العمر 40 عامًا، بات القلب النابض للنادي، منذ تعيينه في منصبه عام 2016، بعد فترة وجيزة من تولي كلوب القيادة الفنية للفريق، حيث لعب دورًا محوريًا في صفقات الفريق البارزة خلال تلك السنوات، وكذلك في مكاسب مادية تاريخية من بيع مجموعة من لاعبيه المغمورين، أنعشت خزائن ليفربول بما يقرب من ربع مليار جنيه إسترليني. وأنهى ليفربول في عام 2019 صيامًا امتد لأربعة عشر عامًا عن البطولات الكبرى، بعدما اعتلى منصة متتويج دوري أبطال أوروبا، عقب الفوز على توتنهام هوتسبر في المباراة النهائية التي احتضنتها العاصمة الإسبانية مدريد، قبل التتويج بالدوري الإنجليزي الممتاز في الصيف الماضي، بعد غياب امتد لثلاثين عامًا. وُلد إدواردز في مدينة ساوثامبتون، ومارس كرة القدم في مراحل الناشئين، كظهير أيمن في نادي بيتربورة، قبل أن يقرر إنهاء مسيرته سريعًا، لكنه لم يبتعد عن الوسط الكروي، حيث عمل رئيسًا لفريق التحليل في نادي بورتسموث في عمر 23 عامًا فقط، قبل تولي المنصب ذاته في توتنهام هوتسبر عام 2009، لكن الخطوة الأبرز في مسيرته تمثلت في قيادة فريق التحليل بنادي ليفربول عام 2011. تطورت مناصب الشاب الموهوب في ليفربول، فأصبح المدير التقني للنادي عام 2015، قبل أن يتولى منصب المدير الرياضي في العام التالي، ليصبح المحرك الرئيسي لخطط النادي في فترة نهضته التاريخية. وقال كلوب في تصريحات إعلامية عن علاقته مع إدواردز: "إنها علاقة مميزة للغاية، إنه شخص منظم، ليس ضروريًا أن يكون لدينا نفس الرأي في بداية النقاش، لكن في نهايته يكون لدينا رأي واحد، أو على الأقل آراء متشابهة." تفاجأ العالم أجمع أمس الجمعة، بنبأ انتقال مهاجم ليفربول الشاب ريان بريوستر إلى نادي شيفيلد يونايتد، ولم تتمثل المفاجأة في الانتقال بحد ذاته، حيث كان خروج اللاعب منطقيًا في ظل بحثه عن فرصة لمشاركات منتظمة، يصعب الحصول عليها في وجود مجموعة من النجوم البارزين بخط هجوم ليفربول، لكنها تمثلت في القيمة المالية للصفقة، والتي بلغت 23.5 مليون جنيه إسترليني، رغم أن بريوستر لم يلعب دقيقة واحدة في بريميرليج طوال مشواره. عندما تكتب اسم "مايكل إدواردز" في محرك بحث "جوجل" الشهير، سيظهر لك مايكل إدواردز لاعب فريقي هال سيتي ونوتس كاونتي السابق، سيظهر لك أيضًا ملحن أسترالي بنفس الاسم، وسيظهر لك لاعبا بيسبول شهيرين، ستجد أيضًا مايكل إدواردز خبير العطور البريطاني، لكنك لن تجد أبدًا المدير الرياضي لنادي ليفربول، لن تجد حتى صفحة له على موقع "ويكيبيديا" أيضًا. هكذا أبرز موقع "بليتشر ريبورت" الأمريكي الشهير تواضع المدير الرياضي لنادي ليفربول، والذي لا يتحدث أبدًا في وسائل الإعلام، كما يظهر علنًا بشكل نادر للغاية، مفضلًا صب تركيزه الكامل على العمل بين أسوار ناديه. صفقة بريوستر لم تكن إلا حلقة جديدة في سلسلة نجاحات مبهرة للشاب الإنجليزي، الذي ساعد كلوب كثيرًا على مدار خمس سنوات، كما جنّب ناديه أزمات اقتصادية، كانت كفيلة بتعطيل مسيرته التاريخية في السنوات الأخيرة. في فترة الانتقالات الحالية أيضًا نجح ليفربول في بيع ظهيره الأيمن كي جانا هوفرز الذي لم يتجاوز 18 عامًا، والذي تعاقد معه من صفوف شباب أياكس مقابل 90 ألف جنيه إسترليني عام 2018، إلى نادي وولفرهامبتون واندررز، مقابل 13.5 مليون جنيه إسترليني. مجموعة أخرى من البدلاء والشباب نجح ليفربول في بيعهم بصفقات مبهرة، كان أبرزهم داني إنجز الذي انتقل إلى ساوثامبتون عام 2019 مقابل 20 مليون جنيه إسترليني، دومينيك سولانكي الذي انتقل إلى بورنموث مقابل 19 مليون جنيه إسترليني في العام ذاته، الحارس داني وارد الذي انتقل إلى ليستر سيتي عام 2018 مقابل 12.5 مليون جنيه إسترليني، ومامادو ساخو الذي انتقل إلى كريستال بالاس مقابل 26 مليون جنيه إسترليني عام 2017. إدواردز لعب دورًا محوريًا في واحدة من أبرز الصفقات في تاريخ كرة القدم، عندما أجبر نادي ليفربول نظيره برشلونة الإسباني على دفع 142 مليون جنيه إسترليني، مقابل الفوز بخدمات لاعب خط الوسط البرازيلي فيليب كوتينيو، الذي تعاقد معه النادي الإنجليزي من صفوف إنترناسيونالي الإيطالي، مقابل 8.5 مليون جنيه إسترليني فقط عام 2013. إدواردز كان أيضًا مهندس الصفقات التاريخية التي أبرمها ليفربول في حقبة كلوب، والتي قادت الفريق لمسيرة ذهبية بإنفاق "عادي" وأهمها التعاقد مع محمد صلاح، ساديو ماني، روبيرتو فيرمينو، أندي روبيرتسون وجورجينيو فينالدوم، كما أثبت نجاحًا منقطع النظير عندما قرر ليفربول إبرام الصفقتين الأغلى في تاريخه، بالتعاقد مع المدافع الهولندي فيرجيل فان دايك من صفوف ساوثامبتون، وحارس المرمى البرازيل أليسون بيكر من صفوف روما، وأصبح كلاهما الأفضل في العالم في مركزيهما، في غضون عام واحد.