كان السادس عشر من يوليو عام 1950 أحد أسوأ الأيام التي عاشها الشعب البرازيلي، بعدما خسر منتخبه فرصة التتويج بكأس العالم للمرة الأولى، وسط ما يقرب من مائتي ألف متفرج في ملعب ماراكانا الشهير بمدينة ريو دي جانيرو. منتخب "السليساو" المرشح الأوفر حظًا لنيل اللقب بعد صيام دام عشرين عامًا منذ مشاركته في النسخة الأولى التي استضافتها أوروجواي عام 1930 صُدم بخسارة قاسية في المواجهة الأخيرة للمجموعة النهائية، والتي انتهت لمصلحة أوروجواي بهدفين مقابل هدف. غيرت تلك الهزيمة أشياءً كثيرة في الكرة البرازيلية، فتوقف "السليساو" لما يقرب من عامين عن اللعب، واتخذ الاتحاد البرازيلي لكرة القدم قرارًا بتغيير الزي الرسمي للمنتخب من القميص الأبرز إلى القميص الأصفر الذي أصبح علامة ارتبطت بالكرة البرازيلية فيما بعد. في ذلك اليوم استقبل لاعب برازيلي غير دولي يُدعى دوندينيو زملاءه ليستمعوا إلى أحداث المباراة النهائية عبر الراديو، وتجهزوا للاحتفال بالتتويج بعد نهاية المباراة. انتهت المباراة بالنتيجة الصادمة، وانخرط دوندينيو في نوبة بكاء شديدة، لمست قلب ابنه الصغير، الذي لم يتجاوز عشر سنوات في ذلك الوقت، ليذهب ببراءة إلى أبيه، ويعده بأن يجلب إليه الكأس الذهبية التي بكى من أجلها في المستقبل. كان هذا الطفل هو إدسون أرانتيس دو ناسيمينتو، والذي اشتهر فيما بعد باسم "بيليه" وأصبح أسطورة الكرة البرازيلية، وأحد أهم لاعبي كرة القدم على مدار التاريخ. بدأ الصغير بيليه مشواره الكروي في براعم فريق باورو الذي لعب له والده عام 1953، ولفتت موهبته الأنظار، لينضم إلى فريق سانتوس بعد ثلاث سنوات فقط، وسريعًا تم تصعيده إلى الفريق الأول خلال العام ذاته. انفجرت موهبة بيليه، وأصبحت حديث الكرة البرازيلية، لينضم إلى صفوف منتخب بلاده بعد عام واحد، ويحصل على فرصة تاريخية بالانضمام لقائمة "السليساو" في كأس العالم 1958 بالأراضي السويدية. بقي بيليه احتياطيًا في مواجهتي منتخب بلاده الافتتاحيتين بمرحلة المجموعات أمام النمسا وإنجلترا، قبل المشاركة الأساسية الأولى أمام منتخب الاتحاد السوفيتي، والتي انتهت بفوز برازيلي بثنائية نظيفة. أبدع بيليه في الأدوار الإقصائية، فسجل هدف الفوز على ويلز في الدور ربع النهائي، وسجل ثلاثة أهداف "هاتريك" ليقود السليساو لفوز عريض بخمسة أهداف مقابل هدفين على المنتخب الفرنسي في نصف النهائي. واصل الشاب الذي لم يتجاوز 18 عامًا إبهار العالم، وسجل هدفين في شباك المنتخب السويدي بالمباراة النهائية، أحدهما أصبح أحد أجمل الأهداف في تاريخ المونديال، ليفوز السليساو مجددًا بخمسة أهداف مقابل هدفين، ويتوج بلقبه العالمي الأول، بعد صيام دام لثمانية وعشرين عامًا.