حين تتحدث عن كأس الأمم الأوروبية فعليك بحقيقة واحدة وخاصة عن هذه البطولة أن ما قدمته في كأس العالم قبل عامين لن يكون له أي تأثير على اليورو إلا فيما ندر. ويحفل تاريخ كأس أمم أوروبا بأبطال كانوا خارج حساب التوقعات وإطار الترشيحات فإما أقصوا أو أهانوا المرشحين السابقين أو حققوا ما ليس في الحسبان من الأصل وهو التتويج بالبطولة. يكفي أن تعلم أن أمم أوروبا لم يفز بها على مدار 14 نسخة إلا ثلاث منتخبات فقط أكثر من مرة وحتى عام 2000 حين توجت فرنسا باللقب الثاني كانت ألمانيا وحدها هي التي نجحت في تحقيق أكثر من لقب. في سجل أمم أوروبا تستوي ألقاب إيطاليا مع هولندا .. اليونان .. الدنمارك .. التشيك .. روسيا .. أبطال خارج التصنيف الدنمارك 92 احتل المنتخب الدنماركي المركز الثاني في المجموعة الرابعة لتصفيات يورو 92 خلف يوغسلافيا بفارق نقطة واحدة وكان لرصيد 13 نقطة في التصفيات في مجموعة ضمت يوغسلافيا وإيرلندا الشمالية والنمسا وجزر الفارو دوراً في مصير البطولة الأوروبية العاشرة وهوية بطلها. جاء قرار مجلس الأمن رقم 757 المتعلق بالحظر التجاري على يوغسلافيا ليمنع مشاركة متصدر المجموعة الرابعة في اليورو ليتم دعوة منتخب الدنمارك للمشاركة بدلاً منها.. أوقعت القرعة الدنمارك مع المنظم والجار المنتخب السويدي بصحبة رابع العالم إنجلترا وبطل النسخة قبل الماضية المنتخب الفرنسي بقيادة المدير الفني ميشيل بلاتيني في تجربته التدريبية غير الناجحة وسط وجود النجم جيان بيير بابان أفضل لاعبي العالم.. ضمت الدنمارك في هذه البطولة مجموعة من لاعبي الجيل الذهبي الذي لمع مجدداً في فرنسا بعد ست سنوات في كأس العالم وتأهل لدور الثمانية وخرج في لقاء مثير أمام بطل العالم حينئذ البرازيل.. بيتر شمايكل .. بريان لاودروب .. هنريك لارسين .. كينت نيلسين .. وهي أسماء كانت تلعب في أندية متوسطة في أوروبا باستثناء لاودروب وشمايكل.. افتتحت الدنمارك مسيرتها بتعادل سلبي مع إنجلترا ثم خسرت من الجار المنظم بهدف للنجم توماس برولين قبل أن تنجح في إقصاء المنتخب الفرنسي بالفوز 2-1 بثنائية هنريك لارسين وإيلستروب ضد فريق ضم ديديه ديشامب ولوران بلان من منتخب 98 بالإضافة لنجم مانشستر يونايتد في التسعينيات إيريك كانتونا وأفضل لاعبي أوروبا بابان.. في نصف النهائي اصطدمت أحلام الدنمارك بحامل اللقب المنتخب الهولندي الذي تصدر مجموعته التي ضمت أبطال العالم ألمانيا وتقدمت الدنمارك مرتين عن طريق لارسين لكن هولندا عادت مرتين أيضاً مرة عن طريق دينيس بيركامب وأخرى قبل النهاية بأربع دقائق بهدف لفرانك ريكارد. وفي ركلات الترجيح كانت الضربة الشهيرة التي تصدى لها بيتر شمايكل من أمام ماركو فان باستين.. ولكي تزداد الإثارة كان يجب أن يكون المشهد الأخير ضد أبطال العالم .. وفي ملعب أولفي في جوتنبرج يوم 26 يونيو 92 سجل لاعب هامبورج السابق وآرسنال القادم جون يانسين هدفاً بعد أقل من ثلث ساعة وقبل النهاية ب18 دقيقة عزز كيم فولفرت التقدم وصعدت الدنمارك للمنصة كبطلة بفضل القرار 757. اليونان قبل 2004 حين تسأل عشاق البطولات الكبرى عن بلاد الإغريق فالمعلومات الرياضية عنها هي أنهم أصحاب الفضل في الأولمبياد وإن كان لك ذكريات قبل عشر سنوات عن كرة القدم ستعلم أن اليونان كانت حصالة مجموعة الأرجنتين وبلغاريا ونيجيريا في كأس العالم 1994 هذا عن كأس العالم وتاريخ اليونان فيه قبل يورو 2004.. أما اليورو نفسها فقبل 2004 كانت هناك مشاركة يتيمة في يورو 80 بإيطاليا .. وفي مجموعة ضمت ألمانيا التي توجت بالمسابقة ووصيف العالم بعد عامين وهولندا وصيف العالم وتشيكسلوفاكيا حامل اللقب كان طبيعياً للغاية تذيل اليونان للمجموعة وربما كان التعادل مع ألمانيا التي كانت قد ضمنت الصدارة والتأهل للنهائي قبل اللقاء هو الإنجاز اليوناني في حد ذاته خاصة أن كتيبة يوب ديرفال كان عليها انتظار نهائي صعب أمام المنظم إيطاليا أو بلجيكا التي نجحت في التأهل.. في اليورو بدأت اليونان بداية خيالية هزمت البرتغال المنظم والحصان الأسود في بطولة 2000 بهدفين لهدف .. الفريق الذي كان يقوده لويس فيليب سكولاري بطل العالم مع البرازيل قبل عامين احتاج كريستيانو رونالدو الصاعد والدقيقة 93 ليسجل في اليونان.. مفاجآت المباريات الافتتاحية كثيرة ومتعددة في البطولات الكبرى .. إما بسبب الضغط الزائد أو عدم تقدير المنافس حق قدره .. أو لترتيب الجهد والاهتمام .. في مجموعة تضم أسبانيا الجار والديربي .. وروسيا المنتخب الذي لا يمكن ضمان الفوز أمامه أن تواجه اليونان فالمواجهة لا تستحق الاهتمام الكبير.. تقدم مهاجم ريال مدريد المعار لليفربول فيرناندو مورينتس بهدف للمنتخب الأسباني في الشوط الأول لكن أنجيلوس خاريستياس عادل النتيجة في النصف الثاني من اللقاء .. التعادل منح التأهل لليونان بعد خسارتها 2-1 من روسيا في ختام المجموعة.. ربع النهائي.. حين تتحدث عن أربع مباريات في ربع النهائي بين: البرتغالوإنجلترا .. وفرنسا واليونان .. والسويد وهولندا .. والتشيك والدنمارك .. وتضع في حسبانك أن فرنسا هي حاملة اللقب وتضم زين الدين زيدان وتيري هنري وديفيد تريزيجيه وبكسنت ليزرازو ووليام جالاس وروبيرت بيريس وكلود ميكاليلي ولويس ساها وباتريك فييرا وويلي سانيول .. فأنت بالتأكيد ستقول أن اليونان هي المودع الأول لربع النهائي ثم تبدأ في التفكير في بقية المباريات.. نفس اللاعب الذي هز شباك الماتادور هز شباك الديوك وأخرج رفاق زيزو من اليورو في ربع النهائي.. الهدف الفضي.. جمهورية التشيك.. حولت تأخراً بثنائية أمام المنتخب الهولندي لفوز 3-2 .. انتقمت من خسارة نهائي 96 وهزمت ألمانيا 2-1.. تفوقت بثلاثية غير متوقعة في سهولتها في ربع النهائي على الدنمارك.. كتيبة المدرب كارل بروكنر ضمت في ذلك الحين.. بيتر تشيك أحد أفضل حراس العالم في الألفية الجديدة .. هداف البطولة ميلان باروتش .. القائد المهاري ونجم المجموعة بافيل نيدفيد .. الموهوب الصاعد توماس روزيسكي .. مهاجم بروسيا دورتموند فارع الطول يان كولر .. كارل بوبرسكي أحد نجوم فريق 96 ولاعب مانشستر يونايتد السابق .. هذا كله بجانب أداء استثنائي في البطولة جعل التشيك مرشحاً أكبر من البرتغال المنظم نفسها.. هدف فضي وحيد سجل في تاريخ البطولات العالمية كان للمنتخب اليوناني في الدقيقة الأخيرة من الشوط الأول .. الهدف الفضي هو هدف يأتي في الوقت الإضافي يمنح من يسجله الفوز بمجرد انتهاء الشوط فما بالك أن يسجل هذا الهدف في أخر دقيقة في الشوط الأول الإضافي.. منتهى النشوة .. منتهى الحسرة.. النهائي .. 4 يوليو .. كان يوم 4 يوليو 2004 من الأيام السوداء للجمهور البرتغالي .. يومها خسر الأهلي 2-1 أمام المقاولون العرب نهائي كأس مصر .. ومنتخب بلاد مدربه مانويل جوزيه وقتها خسرت النهائي 1-0 أمام اليونان .. يومها بكى كريستيانو رونالدو .. هي أحد أشهر صور البكاء في تاريخ كرة القدم الحديثة للاعب كرة لم يكن قد تجاوز وقتها عامه العشرين .. 2004 كان بطولة من ضمن بطولتين فقط جمعا كريستيانو وفيجو على صعيد المنتخب .. ضمت الكتيبة ديكو ومانيتش وروي كوستا ونونو جوميز وباولو فيريرا وباوليتا وكوستينها .. تشيكسلوفاكيا 76 لم تتأهل للمونديال الذي أقيم قبل عامين ولا للمونديال الذي سيقام بعد عامين .. ولم تتجاوز الدور الأول في كأس العالم منذ بطولة فرنسا 38 .. وعلى المستوى الأوروبي حققت الميدالية البرونزية في البطولة الأولى ثم غابت حتى 76.. واجهت في نصف النهائي هولندا وصيف 74 ووصيف 78 .. فازت تشيكسلوفاكيا بقيادة مدربها فالسلاف جيتيتش على وصيف العالم 3-1 بعد وقت إضافي.. في النهائي ارتطمت الأحلام التشيكسلوفاكية بصخرة أبطال العالم ورغم التقدم 2-0 إلا أن ألمانيا انتظرت حتى الدقيقة 89 لتعادل النتيجة .. باتت تشيكسلوفاكيا هي المنتخب الوحيد في تاريخ اليورو الذي يتوج بركلات الترجيح.. بلجيكا 80 لم تتأهل بلجيكا لكأس العالم في 74 و78 .. ولعبت في التصفيات ضمن مجموعة ضمت البرتغال والنمسا واسكتلندا والنرويج وتأهلت متصدرة .. لعبت في مجموعة ضمت المنظم إيطاليا والمنتخب الإنجليزي وأسبانيا ونجحت في التصدر بالتعادل مع إنجلتراوإيطاليا واقتناص فوزاً صعباً على أسبانيا.. خسرت بلجيكا نهائي 80 بصعوبة بالغة أمام ألمانيا بهدفين لهدف .. هدف التتويج الألماني لهورست هوربش جاء قبل النهاية بدقيقتين.. الاتحاد السوفيتي 88 قبل عامين تصدرت المجموعة الثالثة في كأس العالم بالفوز على المجر 6-0 والتعادل 1-1 مع فرنسا والفوز 2-0 على كندا .. لكنها خسرت أمام بلجيكا في مواجهة مثيرة بعد وقت إضافي 4-3.. بدأت اليورو بالفوز على المنتخب الهولندي المدجج بالنجوم بهدف لاعب دينامو كييف ثم تعادلت مع إيرلندا 1-1 وهزمت إنجلترا 3-1.. في نصف النهائي تفوقت على أخر بطل عالم أوروبي إيطاليا بثنائية نظيفة لهينداي لوتشينكو وأوليه بروتاسوف لتتأهل للنهائي أمام هولندا.. التشيك 96 غابت التشيك عن فاعليات المشاركات الكبرى منذ التواجد في ربع نهائي مونديال 90 حين خسرت بهدف نظيف أمام ألمانيا بركلة جزاء لوثار ماتيوس. بدأت التشيك يورو 96 في مسرح الأحلام بخسارة 2-0 ومجدداً أمام ألمانيا ثم كان فوز 14 يونيو على إيطاليا 2-1 ليغير من مسيرة الفريق في البطولة ويضمن لها التأهل بعد تعادل مثير مع روسيا 3-3 في الجولة الأخيرة بقاعدة الأهداف المسجلة فنسبة الأهداف التشيكية كانت -1 مقابل 0 لإيطاليا لكن تسجيل خمسة أهداف منح المنتخب التشيكي التأهل. في ربع النهائي سجل بوبورسكي هدفاً جميلاً من فوق الحارس فيتور بايا وفي نصف النهائي أقصت التشيك المنتخب الفرنسي بطل العالم بعد عامين وبطل اليورو بعد أربع سنوات بركلات الترجيح في أول بطولة كبرى لزين الدين زيدان قبل أن تخسر النهائي بالهدف الذهبي ضد ألمانيا. تركيا 2008 كتيبة فاتح تريم كان إنجازها الأكبر هو المركز الثالث في مونديال 2002 أما على صعيد اليورو فكان ربع نهائي يورو 2000 هو أهم لحظة في تاريخها القاري، غير ذلك لم يكن تاريخها يحمل إلا الخروج المبكر من مونديال 54 واحتلال المركز قبل الأخير بين 16 منتخباً في يورو 96. بدأت تركيا البطولة بخسارة متوقعة 2-0 أمام الوصيف البرتغالي ثم حققت فوزاً صعباً على المنظم سويسرا .. أما قمة التوهج فكانت بتحويل خسارة 2-0 أمام التشيك لفوز 3-2 .. الغرابة كانت في أن الثلاثية التركية جاءت في الربع ساعة الأخيرة بل أن هدفي التعادل والفوز جاءا في الدقيقتين 87 و89.. التشيك قبل أربع سنوات كانت تكتب نفس السيناريو ولكن بشكل معكوس أمام هولندا . في ربع النهائي واجهت تركيا المنتخب الكرواتي الذي قهر الألمان وتصدر مجموعته، ولك أن تتخيل أن تسجل هدفاً في الدقيقة 119 كيف تكون وضعية المنافس لكن تركيا انتظرت للدقيقة 122 لتعادل النتيجة ثم تفوز بركلات الترجيح. في نصف النهائي أمام ألمانيا تقدمت تركيا ولكن ثنائية باستيان شفاينشتايجر وميروسلاف كلوزة أعادت الألمان للمقدمة إلا أن سميح سنتورك أعاد الحياة للأتراك قبل النهاية بأربع دقائق ليحسم فيليب لام المواجهة بهدف في الدقيقة الأخيرة منهياً واحدة من أفضل بطولات تركيا الكروية عبر تاريخها.