تقرير.. حين يفشل عمالقة التدريب.. مشهد سقوط مورينيو

مرحلة فشل المدرب.. هي اللحظة التي يجد فيها المدرب الكبير نفسه غير قادر على استجماع قواه أو وضع أصبعه على مواطن الضعف وتشخيص المرض، حججه تبدو واهية وغير مقنعة.. هناك مدربون لا يتطورون وآخرون يمرون بلحظات سقوط وهناك نوع آخر ينهمر في الخلافات والانقسامات.
مرحلة الفشل
تظهر مرحلة الفشل عند المدرب الكبير بشكل أكبر وأوضح بنفس ما يظهر في مثال البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب تشيلسي الإنجليزي.
وعلمياً فأنه في حالات الفشل والنكسات فإن الخطوات التي يتوجب توافرها هي تجميع القوى المتفرقة ودراسة الحالة ورسم الخطة لتجاوز المرحلة الصعبة، ومن ثم تظهر مرحلة الانفراج من أجل اكتشاف نهج جديد في التعامل.. هذا يمكن تطبيقه على حالة تشيلسي ولكن إلى الآن لا يحدث..
تصريحات مورينيو الأخيرة
ولم ينكر جوزيه مورينيو ما تؤكده الأرقام بأنه يمر بأسوأ فترة في مسيرته التدريبية منذ دخل في المجال في بداية الألفية الجديدة، ولكنه في تعليقه على الخسارة الأخيرة للفريق أمام ساوثهامبتون في ستامفورد بريدج تحدث في بعض الأمور التي توحي بعدم رغبته الاعتراف بالأزمة.
جوزيه مورينيو: "مقتنع بأن الفريق لا يزال بإمكانه إنهاء الموسم بين الأربعة الكبار" .. تصريح في غير وقته ولا يعالج الأزمة فالوقت لا يناسب كيف تتحدث عن ثقة في إنهاءك الموسم بين الأربعة الكبار وأنت لم تحصد إلا 8 نقاط في 8 أسابيع وتحتل المركز السادس عشر.
جوزيه مورينيو: "لو أقالتني الإدارة فهي تقيل أفضل مدرب في تاريخ النادي، هذه لحظة التكاتف.". تصريح يظهر فيه الغرور بشكل واضح .. وأيضاً كسابقه لا تجد أي حديث في علاج المشكلة الأساسية.
مراحل فشل تاريخية
ويؤكد التاريخ الكروي أن أكبر المدربين في العالم يمرون بمراحل الفشل ويعودون مجدداً أو تكتب هذه اللحظات نهاياتهم التدريبية وهناك بعض الآمثلة على ذلك:
جيوفاني تراباتوني: بعد قيادة تراب للفريق الأسطوري لليوفي في مطلع الثمانينيات والذي توج بدوري الأبطال الأوروبي للمرة الأولى في تاريخ النادي والدوري الإيطالي ست مرات، بدأت مرحلة الفشل فدرب إنترناسيونالي خمس سنوات لم يحقق الدوري خلالها إلا مرة واحدة، وفي فترة الولاية الثانية في تورينو لم يحقق الدوري مع اليوفي واكتفىى بالويفا كاب في 93.
فابيو كابيللو: هو أحد أكبر الأسماء التدريبية في عالم الكرتين الإيطالية مع تجربتي ميلان وروما ثم يوفنتوس وفي إسبانيا في فترتي ولاية لريال مدريد.. مع المنتخب الإنجليزي فشل المدرب الإيطالي بالخسارة الكبيرة 4-1 أمام ألمانيا في ثمن نهائي مونديال 2010 .. وأقيل من تدريب روسيا في 14 يوليو الفائت بعد الخسارة من النمسا.
جوس هيدنيك: يمتلك تاريخاً كبيراً بدأ بتتويجه بدوري الأبطال عام 1988 مع بي أس في إيندهوفين بالإضافة لتاريخه الدولي الكبير مع كوريا الجنوبية في 2002 وهولندا في 98 وتجربة إستراليا 2006 وتجربة روسيا المتميزة في يورو 2008.. تجربته الأخيرة مع منتخب هولندا في تصفيات يورو 2016 دونت واحدة من أكبر مراحل الفشل في حياته التدريبية بعد أن خسر 2-1 أمام التشيك و2-0 من إيسلندا و3-1 من تركيا ليكرر الرحيل عن تدريب بلاده.. وهناك أيضاً تجربته في تركيا والتي باءت بالفشل وقوبلت بهجوم إعلامي بسبب انتقاد الراتب الخيالي للمدرب الهولندي وعدم حضوره إلا خلال فترات خوض المباريات وإقامة المعسكرات وعدم معايشة الكرة التركية.
مارشيلو ليبي: سطر تاريخه مع اليوفي بخمسة ألقاب للدوري ولقب لدوري الأبطال ومرتين الوصافة وتوج ذلك بلقب كأس العالم 2006 .. في 2010 خرج من الدور الأول لكأس العالم في واحدة من أسوأ مشاركات الآتزوري في المونديال.
آرسين فينجر: بعد تحقيق ثلاثة ألقاب للدوري في الفترة من 96 إلى 2004 والتأهل لنهائي دوري الأبطال الأوروبي في 2006 بقي الفريق بلا لقب من 2005 إلى 2014 ووصفه جوزيه مورينيو نفسه بأنه مدرب "متخصص في الفشل.".
مباريات الفشل
ربما نجد في بعض الأحيان مدربين لا تستمر فترات الفشل عندهم لمراحل طويلة وربما يكون احتلال المركز الثاني في ترتيب المسابقة المحلية أو الثالث على أقل تقدير مع الخروج من دور المجموعات مرة كل عشر سنوات هو الفشل لديهم.
وأبرز مثال على هؤلاء جوسيبي جوارديولا مدرب برشلونة السابق وبايرن ميونخ الحالي وربما عدم وصوله لمرحلة الفشل الكبرى إلى الآن طبيعياً فعمله بالمجال التدريبي بدأ في صيف 2008 وهو مدرب قادر على تطوير نفسه بالشكل الأمثل طوال الوقت .. وأقرب مثال ما قام به مؤخراً بإيجاد البديل اللازم للثنائي آرين روبين وفرانك ريبيري اللذان عانيا في أغلب فترات الموسم المنقضي من إصابات فضم الثنائي البرازيلي دوجلاس كوستا والفرنسي كينغسلي كومان وتظهر أرقامهما الأخيرة النظرة الثاقبة للمدرب الكتالوني في علاج مشكلاته.
وهناك أيضاً مثال السير أليكس فيرجسون أسطورة تدريب مانشستر يونايتد من 86 إلى 2013.. وإذا كان السير قد احتاج لما يقارب الأربع سنوات للتتويج بلقبه الأول مع اليونايتد وثلاث سنوات أخرى لإحراز الدرع الأولى فإن الفترة التي سبقت ذلك كانت فترة بناء فريق كان يعاني من أزمات مزمنة فكان لديه ثلاثي هو بريان روبسون وبول ماكجراس ونورمان وايتسايد يعاني من الإفراط في تناول الكحوليات وكان مستوى اللياقة لديهم مؤسف للغاية فكان عليه مثلا وضع نظام انضباطي صارم جعله ينهي الموسم الذي تولى الفريق فيه في نوفمبر في المركز الحادي والعشرين ينهيه في المركز رقم 11.
ومع ذلك وحتى في حالتي بيب والسير فنجد مثال مراحل الفشل واضح بشكل آخر من خلال مواجهات بعينها.
ريال مدريد - جوسيبي جوارديولا
أن تخسر على ملعبك بأربعة أهداف نظيفة وتفشل في خلق فرصة وحيدة على مرمى المنافس هو قمة الفشل، وهذا ما جرى لبيب خلال لقاء بايرن ميونخ بطل أوروبا مع ريال مدريد في الموسم الأول للمدرب القادم من كتالونيا في ميونخ.
يقول بيب عن لقاء 29 أبريل 2014 في ذهاب نصف نهائي الشامبيونز ليج: "اعترف بتحمل المسؤولية كاملة عن النتيجة، هي أسوأ مباراة في حياتي، تعاملت بشكل خاطىء.. أنه السقوط الأكبر لي كمدرب.".
ولكنه أيضاً قال: "بايرن فريق كبير وسأحاول رفع همم اللاعبين."، بنهاية الموسم وبعد ما يزيد عن شهر كان بيب يهزم بروسيا دورتموند ويحقق ثنائية الدوري والكأس.. بالطبع نجاح الفريق في نهائي الكأس لم يمح السقوط المروع أمام الريال ولكنه نم عن كيفية التعامل الإيجابي مع الأزمة.
6-1 - أليكس فيرجسون
حين خسر مانشستر يونايتد من مانشستر سيتي في دربي المدينة 6-1 في أكتوبر 2011 وصف فيرجي النتيجة بأنها الأسوأ في حياته: "لا يمكنني تصديق ما حدث.. أنه أسوأ يوم لنا، حتى كلاعب لم أخسر بهذه النتيجة.".
ورغم أن فيرجي كان قد خسر 5-1 من سيتي في سنواته الأولى مع يونايتد وبالتحديد في سبتمبر 1989 إلا أن هذه الخسارة تركت أثراً ربما كان له سبباً في اعتزاله، ولربما وجدها مرحلة الفشل أو عدم التطوير.
يقول السير أن فريقه فقد العديد من النقاط السهلة بنهاية الموسم بالخسارة 1-0 من ويجان أتليتك وفقد تقدمه 4-2 لتعادل 4-4 ثم خسر من سيتي قبل النهاية بجولتين بهدف نظيف.
وأكد فيرجسون أن هذه النتيجة مثلت له: "هذه المباراة كتبت النهاية وقرر الاعتزال بعد موسم إضافي". وهو الموسم الذي أنهاه يونايتد بطلاً.