أثناء قفزة ويليكس المشهورة قبل أشهر راجت ضمن الطرائف واحدة تقول: "إذا مريت على القمر الصناعي افصل سلك القناة السعودية الثانية ترا ما فيه أحد يشوفها"، لا يخفى بالطبع حجم المبالغة في هذا الوصف، في هذا إشارة واضحة إلى الهجرة عن متابعة القناتين الأولى والثانية بعد أن كانتا (الكل بالكل) كونهما الوحيدتين في الساحة، وبعد توسع الخيارات، فوجب عليهما جذب المشاهدين بالجودة وليس بالقوة، هذا الأمر ينسحب على القناة الرياضية التي ولدت لتشبع الرياضيين هنا، ثم وجدت نفسها تعيش في صراع شرس مع قنوات رياضية أخرى حالها حال القنوات السعودية جميعها، تتفوق بالأقدمية، وتتخلف بالمادة التي فرضتها القيود، المجانية والبيروقراطية وخلفهما العادات والتقاليد عوائق أمام التطور، نتذكر أنه جاء وقت صارت فيها على الهامش، لكن احتكارها الآن نقل مباريات المسابقات المحلية أعاد لها الحياة من جديد، هذه الحياة لن تدوم إن لم تتغذ جيدا لتشبع نهم المشاهدين. الحراك الذي يحدث في القناة ومنه شراء نقل المباريات من قبل القيادة العليا وفتحها للجميع بعد سنوات من التشفير يشير إلى الأهمية البالغة للرياضة، أظن حجم المشاهدة لقناة رياضية يفوق بأضعاف حجم المشاهدة للقنوات الأخرى مجتمعة، هذا يعني أنها تساهم بتشكيل ثقافة الشباب مما يتطلب ضرورة تمحيص ما يطرح، فلترة المادة قبل تقديمها، ولن يحدث إن لم يتسنم المسؤولية رجل كفؤ يجمع بين التمرس في التخصص الذي أسند إليه، والثقافة العالية، والعمق في التفكير، وأجزم أن هذه سمات يتحلى بها عبدالرحمن الهزاع رئيس الإذاعة والتلفزيون وهو الزميل الكاتب في هذه الصحيفة الذي عرّفتنا به وكشفته مقالاته، أظن التغيير الذي حدث على القنوات الرياضية يصب في بركة أهداف التطوير، وهو استجابة حتمية لما تتطلبه المرحلة، تجديد الدماء مطلب لكي لا يكرر الشخص نفسه كما أشار الدكتور غازي القصيبي في كتابه حياة في الإدارة. أعلم أن "رضا الناس غاية لا تدرك"، وهذا ما سيجعل الانتقادات تظل تقذف في وجه القناة، لكن ما لا يدرك جله لا يترك كله، والهدف الوصول إلى أكبر نسبة من الرضا، أو على الأقل عدم السقوط في فخ تقديم مادة إعلامية جيدة كفيل بالحفاظ على المشاهد، ولعل ما يميزها انتماءها إلى جهة رسمية تراقبها وتحكمها، تضبط انفعالاتها فلا تنساق إلى استعمال الإثارة الرخيصة لتلفت الأنظار إليها. التغيير ليس ضرورة إدارية فحسب، بل هو استجابة للنقد، خلال الأشهر الماضية جلدت القناة الرياضية بسياط الملاحظات، أهمها احتضانها لشخصيات بعضها استقطبت من الخارج تسيء إلى الوطن، ولذا فإن المدير الجديد محمد باريان وضع نفسه على المحك، وسيخوض التحدي، شخصيا أظنه قادراً على إمساك العصا مع المنتصف، فهو المتخصص بالإعلام الذي علمته جامعة الملك سعود، ودربته وصقلته إنكلترا، وشرب الخبرة من القنوات الأولى والثانية والإخبارية التي أدارها، متأكد أن مهنيته ستلغي ميوله، وسيكيل لكل ناد بالمكيال الذي يستحقه، المتابعون يؤملون ولادة إبداع ينبع من بين يديه، وأظنه بما يملكه من مهارات سيقدم ومن معه مادة تعجب الجميع. في نظري أكبر مشكلة سيواجهها ما ذكره العرب في أمثالهم "زامر الحي لا يطرب"!!