ربما كان تاريخ 6 فبراير 1958 هو واحد من أسوأ أيام تاريخ كرة القدم عندما سقط 23 من افراد بعثة مانشستر يونايتد الإنجليزي ضحايا لحادث تحطم طائرة الفريق بمدينة ميونيخ الألمانية أثناء العودة من مباراة ريد ستار بلجراد في بطولة أوروبا، وعادة ما كان يشهد هذا اليوم حزنا وحدادا في جميع مباريات العالم، قبل ان تطل مجزرة بورسعيد بوجهها القبيح لتسطر للعالم في 1 فبراير 2012 أسوء أيام تاريخ اللعبة على الإطلاق. وربما يأتي التذكير بهذه الكارثة الإنسانية التي حدثت بخطأ بشري غير مقصود في 1958 والتي راح ضحيتا 23 شخصا كما أشرت في المقدمة، لعلها تكون عبرة لحجم الكارثة التي عشتها مصر في مجزرة بورسعيد التي حدثت بخطأ بشري "متعمد" في 2012 والتي راح ضحيتها 75 شخص على الأقل. مأساة ميونيخ 1958 لم يكن يعرف كينيث رايمنت قائد الطائرة التي أقلت فريق مانشستر يونايتد من بلجراد ان توقف طائرة الفريق اضطراريا في ميونيخ كان تحذيرا من الله بعدم مواصلة الرحلة، لكنه أصر على الإقلاع مرتين، قبل ان تتحطم الطائرة في المرة الثالثة ليسقط 21 شخصا ضحايا على الفور منهم سبعة لاعبين. ولحق لاعب مانشستر دنكن إدواردز بالسبعة لاعبين بعد 15 يوما من الحادثة متأثر بإصابته، ومعه قائد الطائرة. "باسبي بيبيز" هو الاسم الذي كان يلقب به فريق مانشستر يونايتد وقتها نسبة لمدربهم مات باسبي، لم يكن يعرف هذا الفريق ان فرحة الصعود للدور نصف النهائي من البطولة الأوروبية للعام الثاني على التوالي، سيكون "الفرحة" الأخيرة قبل ان "يبكي" العالم عليهم. هذه المأساة كانت الأسوأ في تاريخ مانشستر يونايتد وانجلترا والعالم أجمع، كيف مات جيلا ذهبيا للفريق ليقف العالم ذهولا وحدادا على كرة القدم. وسرعان ما تحول العالم لذهول اخر مغطى بالفخر والفرحة، عندما وقف مانشستر يونايتد بقيادة السير مات باسبي الذي نجح من النجاة من هذه الحادثة لبناء فريق قوي يفوز ببطولة أوروبا بعد عشرة أعوام فقط. مجزرة بورسعيد 2012 لم يكن يعرف جمهور الأهلي انه عندما يهتف "يوم ما أبطل أشجع.. أكون ميت أكيد" ان هذا سيتحقق ليخفت صوت 75 مشجع عندما أصبحوا "ميتون أكيد" بعد هجوم أهوج من جماهير المصري بعد انتهاء مباراة فريقهم أمام الأهلي في استاد بورسعيد. 75 مشجع هو الرقم المعلن من وزارة الصحة وقت وقوع المجزرة، ولكن هناك رقم غير معلن وهو وفاة أكثر من هذا الرقم بعد رحيل بعض المصابين. مأساة بورسعيد تخطت كل كوارث كرة القدم عبر التاريخ، ليس فقط لعدد الضحايا الضخم، ولكن لشكل المجزرة التي خرجت من كونها أخطاء غير مقصودة أو قدرية لأخطاء متعمدة من عدة أطراف. وفي الوقت، الذي كانت تشهد مباريات العالم عادة في شهر فبراير دقائق حدادا على أرواح ميونيخ، بات العالم يبكي فقط على دماء مجزرة بورسعيد. ويبقى فقط التنبيه ان كارثة بورسعيد تحتاج لرجلا يستطيع ان يلعب دور السير مات باسبي ويعيد الفرحة لقلوب الضحايا بإتيان حقوقهم دون دماء جديد، ليستعيد الأهلي ومصر والعالم ابتسامة مشجع اسمه "أنس".