نيقوسيا (ا ف ب) - عرفت حلبات فورمولا واحد سائقين بالمئات منذ انطلاق بطولة العالم عام 1950، بعضهم ترك بصمة في سجلات الرياضة الميكانيكية النخبوية والبعض الآخر سجل مرور كرام لا أكثر، بيد ان ثمة شريحة اخرى جعلت من الفئة الاولى مسألة خلافة عائلية جرى بموجبها نقل المشعل من الاب الى الابن. في معظم تلك الحالات، كان الاباء يصنعون اسما ومجدا، في حين يكتفي الأبناء بأداء دور إحياء الإسم لا اكثر، تاركين المجد مرغمين لأصحابه. وفي بعض الحالات الضيقة، نجح الابناء في التفوق على ابائهم. الاميركي ماريو اندريتي (71 عاما) لم يكتف بتدوين اسمه في سجل ابطال العالم للفورمولا واحد عام 1978 بل انه وسع نطاق انتصاراته التي شملت فوزا في مضامير اخرى، تحديدا في "انديانابوليس 500" و"دايتونا 500" فضلا عن اربعة القاب في "تشامب كار" تحققت خلال خمسة عقود من الزمن. من جهته، نجح الابن، مايكل اندريتي (48 عاما)، في البروز على جبهة سباقات ال"كارت" الاميركية، غير انه فشل فشلا ذريعا في الموسم الوحيد الذي امضاه في مضامير الفئة الاولى عام 1993 عندما زامل السائق البرازيلي الراحل ايرتون سينا في حظيرة ماكلارين. عائلة اندريتي خرجت عددا آخر من السائقين وهي تدير في الوقت الراهن فريقا يشارك في سابقات "اندي كار". البريطاني جاك برابهام (84 عاما) توج بطلا للعالم في فورمولا واحد في ثلاث مناسبات (1959 و1960 و1966)، وكان اول سائق يحصل على تكريم ملكي نظير خدماته الجليلة لرياضة السيارات. وفوق كل ذلك، ما زال جاك برابهام السائق الوحيد الذي ينجح في احراز اللقب العالمي خلف مقود سيارة من انتاجه الخاص (بي تي 19) عام 1966. من جانبه، شارك ابنه ديفيد (45 عاما) في سباقات عدة في استراليا والولايات المتحدة الاميركية، وخاض اكثر من 20 جائزة كبرى على حلبات الفئة الاولى بين 1990 و1994 لم يترك فيها بصمة تذكر، مع العلم انه صعد الى اعلى نقطة من منصة التتويج لسباق "لومان 24 ساعة" عام 2008. البريطاني غراهام هيل دون اسمه في سجلات فورمولا واحد كبطل للعالم في 1962 و1968 مع فريقي "بي آر ام" و"لوتوس" على التوالي، وهو السائق الوحيد في التاريخ الذي يجمع بين القاب الفئة الاولى و"اندي 500" و"لومان 24 ساعة" في سنة واحدة. توفي في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1975 عن عمر يناهز 48 عاما اثر تحطم طائرة كان على متنها تاركا ابنا في الخامسة عشرة يدعى دايمون (50 عاما) نجح، بعد انطلاقة بطيئة، في انتزاع لقب عالمي وحيد في 1996 عندما تفوق على الالماني ميكايل شوماخر، ليصبح بالتالي اول سائق يقتفي اثر والده كبطل للعالم في الفئة الاولى. البرازيلي نيلسون بيكيت (58 عاما) برز في ثمانينات القرن الماضي عندما انتزع اللقب العالمي ثلاث مرات (1981 و1983 و1987) وشكل انتقاله الى فريق وليامس حيث زامل خصمه اللدود البريطاني نايجل مانسل، حدثا اهتزت على اثره اركان فورمولا واحد. حقق لقبه الثالث مع وليامس بالذات، واجتذب التنافس بينه وبين مانسل والفرنسي الان بروست اهتمام المتابعين في شتى انحاء العالم. وشكل دخول ابنه نيلسون بيكيت جونيور (نيلسينيو) بطولة العالم في 2008 ليكون زميلا للاسباني فرناندو الونسو في فريق رينو، مفاجأة بالنسبة الى كثيرين خصوصا انه حل مكان سائقين يتمتعان بسمعة طيبة هما الايطالي جانكارلو فيزيكيلا والفنلندي هايكي كوفالاينن. ولا شك في ان مدير فريق رينو السابق الايطالي فلافيو برياتوري ادرك ان استقدام "نيلسينيو" سيعود على الحظيرة ببعض الملايين التي قد تعوض جانبا من المقابل المادي المنصوص عليه في العقد مع الونسو، علما بأن احد التقارير الصحافية في مدريد اشار في ذلك الحين الى انه يصل الى حوالى 42 مليون يورو سنويا ولمدة موسمين. ورأى البعض بأن نيلسون بيكيت جونيور (25 عاما) حصل على الفرصة الذهبية ليس فقط لانه سائق جيد، بل لانه "ابن أبيه". خاض 28 سباقا في غضون عامين (2008 و2009) بيد ان العلامة الفارقة في مسيرته تمثلت في اتهامه بالتورط في فضيحة سباق جائزة سنغافورة 2008 عندما قيل انه تسبب بحادث كي يمهد الطريق امام زميله الونسو للفوز، وهو ما حصل. وفي 2009، تراجعت نتائجه بشكل حاد فجرى التخلي عنه والاعتماد على الفرنسي رومان غروجان الذي اكمل ما تبقى من منافسات الموسم. وانتقل "نيلسينيو" ابتداء من 2010 للمشاركة في سباقات "ناسكار". الفنلندي كيكي روزبرغ (62 عاما) وصل الى حظيرة وليامس كبديل عن البطل الاسترالي المعتزل الن جونز عام 1982، فحقق الانجاز في موسمه الاول عندما توج باللقب العالمي. اما ابنه نيكو روزبرغ (25 عاما)، سائق "مرسيدس جي بي" الحالي، فكان يأمل السير على خطى والده خصوصا ان المراقبين توقعوا له مستقبلا باهرا الا ان صعوبات جمة واجهته منذ بداية مسيرته في الفئة الاولى عام 2006، وقد انهى الموسم الماضي في المركز السابع متفوقا على زميله العائد من الاعتزال ميكايل شوماخر. معلوم ان نيكو روزبرغ يشارك في بطولة العالم تحت الراية الالمانية وهو يحمل الجنسية الفنلندية ايضا. الكندي جيل فيلنوف بدأ مسيرته في فورمولا واحد مع حظيرة فيراري الايطالية وتمثلت افضل نتائجه في حلوله وصيفا لبطل العالم زميله الجنوب افريقي جودي شيكتر عام 1979. وبعد أن أتم اربعة مواسم مع فريق "الحصان الجامح"، تعرض لحادث مؤسف خلال التجارب الخاصة بسباق جائزة بلجيكا الكبرى 1982 دفع حياته ثمنا له في 8 ايار/مايو عن 32 عاما. وبعد سنوات، برز اسم ابنه جاك (40 عاما في 9 نيسان/ابريل 2011) الذي انتزع اللقب العالمي عام 1997 خلف مقود سيارة وليامس، بعد تتويجه على جبهة "اندي 500" قبلها بعامين.