يوميات المونديال (22): هولندا في النهائي للمرة الثالثة في تاريخها

"الطواحين" تواصل طريقها نحو اللقب بكل قوة هكذا كشف لنا نصف النهائي الأول للنسخة التاسعة عشرة للمونديال التي لم يعد يفصلنا عن إسدال الستار عليها إلا أيام قلائل.
ملعب جرين بوينت بمدينة كيب تاون و أكثر من 62 ألف متفرج كانوا شاهدين علي أول مواجهات المربع الذهبي بين منتخب هولندا ومنتخب أورجواي الذي أداره الدولي الأوزبكي المميز رافشان إيرماتوف.
رجال المدرب الكبير أوسكار تاباريز خاضوا اللقاء دون ثلاثة من أهم عناصرهم هم النجم والقائد دييجو لوجانو الذي لم يتعافي من الإصابة التي تعرض لها في لقاء غانا و معه النجمين لويس سواريز وخورخي فوسيلي الموقوفين لطرد الأول وحصول الثاني علي البطاقة الصفراء الثانية في لقاء غانا أيضاً.
في المقابل كان علي عناصر المتمكن فان مارفيك أن يدافعوا عن حظوظهم في بلوغ النهائي للمرة الثالثة في تاريخ "البرتقالي" في ظل غياب المدافع جريجوري فان در فيل ولاعب الوسط نايجل دي يونج الموقفين بعد حصولهما علي الورقة الصفراء الثانية في لقاء البرازيل.
ديمي دي زوا متوسط ميدان أياكس عوض غياب يونج بينما لعب نجم شتوتجارت الألماني ذو الأصول المغربية خالد بلحروز مكان فان دير فيل في الجبهة اليمني, علي الجانب الأخر أخذ كاسيريس مكان فوسيلي في الجبهة اليسري لمنتخب أورجواي بينما عوض مهاجم باليرمو الإيطالي أديسون كافاني زميله سواريز و شكل ثنائي مع فورلان في الهجوم.
البداية كانت برتقالية حيث سدد ديرك كويت فوق المرمي بعد أن ارتدت الكره من الحارس موسليرا بعد 4 دقائق من البداية, بعدها بست دقائق نجح حارس "السليستي" في التعامل مع كرة عرضية من الجانب الأيسر وبينهما أعاد جسد فان بيرسي تسديده زميله شنايدر قبل أن تشكل خطورة علي رفاق فورلان.
في الدقيقة 18 كانت الروعة والقوة والدقة في يسارية القائد جيوفاني فان برونكهورست بعد عمل جماعي رائع وسط الملعب قذيفة نجم البارسا السابق وفينورد الحالي البالغ من العمر 35 عاماً أعلنت عن عزم الطواحين في ضرب موعد مع المباراة النهائية بعد أن استقرت في أقصي الزاوية اليسري العليا لحارس لاتسيو روما فرناندو موسليرا.
روبين يواصل إزعاجه لكل المدافعين وها هو ماكسي بيريرا يتلقي ورقة صفراء بعد تدخل عنيف مع نجم البايرن في الدقيقة 21 بعدها بدقيقتين وفي ظل استحواذ هولندي بلغ 63% مقابل 37 % فقط لأورجواي يحاول كاسيريس لعب كرة بطريقة استعراضية فتصطدم قدمه بوجه زوا ويشتبك شنايدر لاعب الانتر مع رفيقه في "الكالتشيو" خوسيه كاسيريس لاعب اليوفي وينال كلاهما ورقة صفراء من إيرماتوف في الدقيقة 29.
في الدقيقة 32 يسقط كافاني بعد تدخل من برونكهورست دون صافرة من الاوزبكي الشاب، بعدها بثلاث دقائق مراوغة من كافاني أيضاً وعرضية من الجهة اليمني يبعدها هيتينجا، محاولات رجال المدرب تاباريز تتوالي والفارو بيريرا يسدد محاولا تقليد قائد البرتقاليين ولكن حارس أياكس متيقظ ق 36.
بعد دقيقة من تسديده كويت في الدقيقة 40 التي سيطر عليها موسليرا تصل الكرة إلي دييجو فورلان وسط ملعب المنتخب الهولندي يعدلها علي قدمه اليسري و يطلقها قذيفة "أرض جو" يفشل ستكلينبرج في التعامل معها رغم أنها في وسط المرمي ليتمكن النجم الأشقر من تسجيل هدفه الثالث في هذه البطولة من تسديدات بعيدة المدى.
في الشوط الثاني أخرج فان مارفيك دي زوا و دفع برفائيل فان دير فارت – العائد من الإصابة - منذ البداية وتمكن برونكهورست من إنقاذ مرمي فريقه من هدف بعد تسديده الفارو بيريرا التي وصلته من كافاني في الدقيقة 51 بعد خروج خاطئ من ستكلينبرج ثم مخالفة لمصلحة كاسيريس ضد فان بوميل ينفذها فورلان وينجح الحارس من إنقاذها في الدقيقة 66.
كان علي هولندا أن ترد علي مناوشات منافستها الهجومية و هنا يظهر فان بيرسي في الصورة ويمرر لفان دير فارت التي يسدد كرة يبعدها موسليرا لتصل لروبين الذي يسدد فوق المرمي ق 68، هدف التقدم جاء بعد هذه الهجمة بدقيقتين عندما تسلم شنايدر كرة داخل منطقة العمليات وراوغ ماكسي بيريرا وسدد في الزاوية اليسري الأرضية فشل الحارس في التصدي لها و تقدمت بها الطواحين (2-1) في الدقيقة 70.
"الطواحين" تعمل بكل جد وها هو دير كويت يمرر من الجهة اليسري لرأس قائد الجبهة اليمني روبين المتواجد في مركز رأس الحربة والذي لم يتواني في تحويلها برأسه علي يمين موسليرا الذي لم يحرك لها ساكناً نحن في الدقيقة 72 و النتيجة صارت (3-1).
قبل 12 دقيقة من النهاية أشرك تاباريز المخضرم سباستيان ابريو بدلا من الفارو بيريرا لتنشيط الهجوم وحصل بلحروز علي كارت اصفر بعد تدخل عنيف مع كاسيريس,ثم حل بسباستيان فيرنانديز بدلا من فورلان قبل النهاية بأربع دقائق.
في الدقائق الأخيرة أضاع روبين فرصة تعزيز التقدم عندما انفرد من تمريرة فان بيرسي وسدد باستعراض في يد الحارس، وأخرج مارفيك روبين ودفع بالأسمراني اليجرو ايليا في أخر زمن المباراة الأصلي وتمكن ماكسمليانو باريرا من تسجيل هدف تذليل الفارق من كرة يسارية سددها من علي حدود منطقة الجزاء علي يمين ستكلينبرج في الدقيقة 92، وحصل فان بوميل علي ورقة صفراء وولم يفقد منتخب أورجواي الأمل في التعادل حتى أطلاق ايرماتوف صافرة النهاية بعد أن أضاف دقيقتين للوقت الإضافي الذي أشار به للحكم الرابع الياباني ناشيمورا.
فيما يلي نستعرض أهم أرقام وظواهر و إحصاءات و مفارقات هذا اليوم:
1- خمس أهداف تم تسجيلها الثلاثاء رفعت حصيلة البطولة إلي 138 هدف في 61 لقاء بمتوسط 2,26 هدف في المباراة الواحدة.
2- تسجيل 5 أهداف في أحد لقائي نصف نهائي كأس العالم يعد الرقم الأفضل منذ لقاء ألمانيا وفرنسا في نصف نهائي المونديال الأسباني 1982 الذي انتهي في وقتيه الأصلي والإضافي بالتعادل (3-3) قبل أن يحسمه "المانشافت" بفارق الركلات الترجيحية (5-4).
3- رغم هدفه الرائع في الشباك الهولندية فشل قائد منتخب أورجواي دييجو فورلان في رد اعتبار والده بابلو فورلان الذي خسر مع منتخب بلاده أمام المنتخب الهولندي في الدور الأول بهدفي النجم جوني ريب في أول مواجهة للمنتخبين في المجموعة الثالثة التي ضمتهم جنباً إلي جنب مع منتخبي السويد وبلغاريا.
4- يبدو أن الهولندي النجم ويسلي شنايدر قد عقد العزم علي التتويج بلقب أفضل لاعب في هذه النسخة، نجم إنتر ميلان صاحب ال26 عاماً والذي تحول من صانع ألعاب لهداف في هذه البطولة فاز بلقب أفضل لاعب للمرة الرابعة في لقاء أورجواي.
5- بالإضافة إلي ضمانها التتويج بلقبها العاشر في كأس العالم وحسم صراعها مع غريمتها أمريكا الجنوبية سيكون فوز أحد منتخبات القارة الأوربية بلقب كأس العالم هو الأول خارج أراضي القارة العجوز طوال 9 مرات تم تنظيم المونديال في قارات أمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية وأسيا وأخيراً إفريقيا.
6- بعد 32 عاماً من الغياب عاد منتخب "الطواحين" لبلوغ المباراة النهائية للمونديال جيل ستكلينبرج وروبين وشنايدر وكويت وبوميل وبلحروز وفان بيرسي الذي يقوده المدرب مارفيك نجح في تكرار ما فعله جيل 78 مع النجوم كاري وكرول ونيسكنز ويانسن وأري هان وجوني ريب الذي قاده المدرب الكبير إيرنست هابيل، كان جيل نهاية التسعينات بقيادة المدرب الكبير جوس هيدينك والنجوم فان دير سار وستام وكوكو وزيندين وبيركامب ودافيدز وكلوفيرت والأخوين رونالد وفرانك دي بوير قد أخفق في بلوغ النهائي في فرنسا عام 1998 بعد خسارته بفارق الركلات الترجيحية أمام البرازيل.
7- هل تكون الثالثة تابته "للبرتقالي؟ سؤال يطرح نفسه بين عشاق الكرة الشاملة، فبعد خسارة لقبي 1974 و1978 أمام ألمانيا الغربية والأرجنتين صاحبي الضيافة، لم يعد يفصل زملاء القائد برونكهورست إلا مباراة وحيدة لنيل أول ألقابهم في كأس العالم، خوض النهائي أمام ألمانيا أو أسبانيا سيجعل الكفة متساوية بين "الطواحين" وأياً من هذين العملاقين الأوربيين لأن أرض ملعب سوكر سيتي والجماهير الحاضرة ستكون منقسمة بين طرفي النهائي الحلم.
8- 25 مباراة بلا خسارة + الفوز السادس علي التوالي في النهائيات والرابع عشر المتتالي في تصفيات ونهائيات هذه النسخة + نجاح 100% في كل المواجهات التي خاضها المنتخب الهولندي في كل المناسبات الرسمية والتجريبية في العام الجاري، كلها أرقام تعني أن بلد يوهان كرويف باتت علي أعتاب صنع تاريخ غير مسبوق لها بين كل المنتخبات العالمية لو تمكنت من انتزاع لقبها الأول في أمجد البطولات.
9- الخسارة الأولي لمنتخب أورجواي في هذه البطولة حرمته من المزاحمة علي لقب البطولة للمرة الثالثة في تاريخه، المنتخب اللاتيني الذي لا يتعدى سكانه 3 ملايين نسمة والذي حل خامساً في التصفيات النهائية للقارة الأمريكية الجنوبية قبل أن يتجاوز كوستاريكا رابع (الكونكاكاف) في لقائي ذهاب وإياب كان قد تجاوز المجموعة الأولي بفوزين علي جنوب إفريقيا والمكسيك بعد تعادله في الجولة الأولي للمجموعة الأولي مع فرنسا، ثم حقق فوزين علي كوريا الجنوبية (2-1) في ثمن النهائي وغانا (4-2) بفارق الركلات الترجيحية في ربع النهائي بعد التعادل في الوقتين الأصلي والإضافي بهدف في كل شبكة.
10- الثنائي ويسلي شناديدر (هولندا) ودييجو فورلان (أورجواي) رفعا رصيدهما من الأهداف للرقم 4 وتساويا مع النجم الألماني ميروسلاف كلوزه ولم يعد يفصل هذا الثلاثي إلا هدف وحيد عن النجم الأسباني دافيد فيا الذي يملك في جعبته 5 أهداف من 5 مباريات فقط ويتصدر قائمة هدافي البطولة.
11- فوز المنتخب الهولندي علي نظيره الأورجوياني يعد الثالث لمنتخب أوروبي علي منتخب لاتيني في الدور نصف النهائي، الأرقام تقول أن منتخبات أمريكا الجنوبية حققت 7 انتصارات في مواجهتها مع منتخبات القارة الأوربية منها اثنتين بفارق الركلات الترجيحية للأرجنتين علي إيطاليا 1990 والبرازيل علي هولندا في فرنسا 1998.
12- علي صعيد المواجهات المباشرة بين المنتخبين يعتبر فوز هولندا هو الثاني لها خلال مواجهاتها مع أورجواي التي حققت الفوز ثلاث مرات منها مرتين في دورتي باريس 1924 بهدفين لهدف (الدور الأول) وأمستردام 1928 بهدفين دون رد (نصف النهائي) ومرة أخري بنفس النتيجة في بطولة كأس العالم المصغرة التي نظمها الإتحاد الدولي في مونتيفيديو عام 1980 بمناسبة مرور 50 عام علي انطلاق النسخة الأولي.
13- للمرة الثانية علي التوالي والثامنة في تاريخ كأس العالم سيكون نهائي المونديال أوربياً خالصاً بين هولندا والفائز من لقاء ألمانيا وأسبانيا، كان المنتخبين الإيطالي والفرنسي قد بلغا نهائي النسخة الماضية في ألمانيا ونجح "الأزوري" في حسم اللقب بفارق الركلات الترجيحية بعد التعادل في الوقتين الأصلي و الإضافي (1-1).