كأس إفريقيا - مهرجان كروي مثير والقارة تستضيف المونديال لأول مرة

يعود تاريخ بطولة العالم لكرة القدم إلى الثلاثينات من القرن الماضي، إذ تم تنظيم أول بطولة عالمية في كرة القدم عام 1930 في أوروغواي. وبعد 27 سنة، أي في عام 1957 من المونديال الأول انطلقت أول بطولة لكأس الأمم الإفريقية لكرة القدم، حيث اجتمع في السودان آنذاك مندوبون عن مصر وإثيوبيا والسودان وجنوب إفريقيا لوضع حجر الأساس لبطولة كروية للأمم الإفريقية. لكن سُرعان ما تم استبعاد جنوب إفريقيا من هذا الحدث الكروي الهام بسبب سياساتها العنصرية آنذاك. وهكذا ضمت أول بطولة للأمم الإفريقية في كرة القدم ثلاث منتخبات فقط، أي منتخبات مصر والسودان وإثيوبيا.
تطور سريع للكرة الإفريقية
لا شك في أن كرة القدم الإفريقية تطورت كثيراً منذ الانطلاقة المتواضعة لبطولة الأمم الإفريقية الأولى عام 1957. فخلال السنوات اللاحقة ارتفع عدد المنتخبات الإفريقية المشاركة في كأس إفريقيا بشكل مضطرد ليصل إلى 8 منتخبات عام 1968. وعاماً بعد عام ازداد الاهتمام بهذا الحدث الكروي الإفريقي، وأخذت أعدادٌ متزايدة من البلدان الإفريقية الواقعة غرب القارة السمراء تلتحق ببطولة إفريقيا للمشاركة في هذا المهرجان الكروي الإفريقي. وعلى الفوز قرّر منظمو بطولة الأمم الإفريقية تنظيم البطولة كل سنتين بدلاً من كل أربع سنوات. وهذا ما تسبب في مشاكل عديدة لاحقاً، خاصة من وجهة نظر أوروبية.
فبطولة كأس إفريقيا لكرة القدم تُقام تقليدياً في الشهرين الأولين من العام، حيث يكون الجو معتدلاً في القارة السمراء. لكن منذ التحاق أبرز نجوم القارة السمراء بأندية أوروبية للاحتراف فيها، أصبحت هذه الأندية تعاني كثيراً من غياب نجومها الأفارقة عن صفوفها بسبب التحاقهم بمنتخبات بلدانهم للمشاركة في بطولة الأمم الإفريقية. هذه المشكلة تعاني منها الأندية الإنجليزية بشكل خاص، لأن معظم نجوم الكرة الأفارقة في أوروبا يلعبون في هذه الأندية. وتُطالب الأخيرة الآن بتنظيم بطولة الأمم الإفريقية كل أربع سنوات، أو بتنظيمها في العطلة الصيفية للأندية الأوروبية، خاصة أن بطولة كأس إفريقيا ازدادت شعبية مع مرور الزمن وتطورت كثيراً وازداد عدد المنتخبات المشاركة فيها ليرتفع لأول مرة إلى 16 منتخباً في كأس إفريقيا 1998 في بوركينا فاسو.
المنتخب المصري عملاقٌ في إفريقيا فقط
أكثر المنتخبات الإفريقية نجاحاً على الصعيد الإفريقي هو المنتخب المصري، صاحب الرقم القياسي في الفوز بلقب بطولة القارة السمراء في كرة القدم ( سبع مرات). غير أن ما يثير الدهشة أن المنتخب المصري لكرة القدم لم ينجح في إظهار قدراته الكروية وكفاءاته إلا داخل القارة الإفريقية، وما من شكّ في أن المصريين يُسيطرون سيطرة مطلقة على كرة القدم الإفريقية متقدمين على منتخبات إفريقية عريقة وناجحة على الصعيد العالمي أيضاً، مثل منتخبات نيجيريا والكاميرون وساحل العاج وغانا التي تضمّ في صفوفها نجوماً بارزين يلعبون في أفضل الأندية الأوروبية.
لكن مصر التي كانت أول دولة إفريقية وعربية تشارك في بطولة العالم لكرة القدم في عام 1934، كانت خلال البطولات العالمية السابقة تفشل في حجز إحدى بطاقات التأهل إلى المونديال في المراحل الأخيرة والحاسمة من تصفيات كأس العالم.
وهذا ما حدث أيضاً خلال تصفيات كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا، حيث تعثّر الفراعنة أمام المنتخب الجزائري الذي سيكون الفريق العربي الوحيد في المونديال. وبذا يُعلّق عشاق كرة القدم العربية آمالهم على "محاربي الصحراء" في تمثيلهم خير تمثيل في مونديال 2010.
الجزائر البلد العربي الوحيد في المونديال
الآن وبعد مرور 53 سنة على أول بطولة للقارة الإفريقية في كرة القدم تستضيف جنوب إفريقيا بطولة العالم لكرة القدم بمشاركة 32 منتخباً عالميا. وهذه هي المرة الأولى التي تُنظّم فيها بطولة العالم لكرة القدم في القارة السمراء، وهو ما يزيد من الحماس لهذه الرياضة في القارة، وخاصة في البلدان الإفريقية الستة المشاركة في المونديال، وهي جنوب إفريقيا المضيفة وغانا وساحل العاج والكاميرون ونيجيريا والجزائر.
النسخة ال 19 من نهائيات بطولة العالم لكرة القدم تضمّ 32 منتخباً عالمياً، بينها منتخب عربي واحد، وهو المنتخب الجزائري الذي حجز آخر بطاقات التأهل إلى المونديال على حساب المنتخب المصري. واستعداداً للمونديال سيخوض الجزائريون "محاربو الصحراء" آخر معسكراتهم التدريبية في الفترة ما بين 31 مايو / أيار و 6 يونيو / حزيران في منطقة هيرتسوغيناوراخ الألمانية. ومن المقرر أن يخوض الجزائريون بقيادة مدربهم رابح سعدان آخر مباراة تحضيرية لهم قبل المونديال في 5 يونيو/ حزيران أمام المنتخب الإماراتي. وبعد يوم واحد فقط سيتوجه المنتخب الجزائري إلى جنوب إفريقيا، على أمل أن يُحقق نتيجة إيجابية ومُشرّفة لكرة القدم العربية خلال المونديال. وفي ذلك يُعوّل المدرب رابح سعدان على خط وسط قوي يتمثل في لاعبي البوندسليغا كريم مطمور وكريم زياني ولاعب لاتسيو روما مراد مغني. وإذا ما نجح الجزائريون في بلوغ الدور الثاني للمونديال ( ثمن النهائي ) في ثالث مشاركة لهم في نهائيات كأس العالم، فيكونوا قد حققوا إنجازاً غير مسبوق في تاريخ كرة القدم الجزائرية. لكن ذلك لن يكون سهلاً، فعلى الجزائر تخطّي إنجلترا وسلوفينيا والولايات المتحدة الأميركية في منافسات الدور الأول.
الكاتب: علاء الدين موسى البوريني
مراجعة: ابراهيم محمد