سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الفضائح الجنسية وتراجع نفوذ الكنيسة ونمو المسلمين فى أوربا وراء استقالة بابا الفاتيكان.. خبراء: الأغلبية الإيطالية تلقت الخبر بالبرود.. لوموند: قرار بنديكتوس الثانى لم يحدث منذ خمسة قرون
ذكرت صحيفة "الباييس" الإسبانية أن بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر (86 عامًا) يعتزم الاستقالة من منصبه بعد حوالى 8 أعوام من توليه المنصب فى 2005 خلفا للبابا يوحنا بولس الثانى، وستعلن استقالته اعتبارا من 28 فبراير الجارى، موضحا أن سبب الاستقالة هو تقدمه فى السن وعدم استطاعته تولى أعباء مهام المنصب الدينى الأهم فى العالم. ولد الكاردينال "راتسينجر" فى عام 1927، واختير ليكون بابا الفاتيكان تحت اسم "بنديكت السادس عشر" عام 2005، وكانت عائلته البافارية متمسكة بالتقاليد تمتهن الزراعة، لكن والده كان يعمل شرطيًّا، كانت دراسته فى معهد اللاهوت، انقطعت بسبب الحرب التى جُنِّد خلالها للخدمة فى وحدة للدفاع الجوى فى ميونيخ، وكان "راتسينجر" عضوًا بارزًا فى كلية الكرادلة، وعمل أسقفًا لمدينة ميونيخ قبل انتقاله إلى روما فى عام 1981، ومنذ ذلك الوقت كان أحد أقرب مستشارى البابا الراحل يوحنا بولس الثانى، وكان مشرفًا على الهيئة المنوطة بمراقبة نقاء العقيدة على مدى 20 عامًا. نقلت صحيفة الجارديان البريطانية كلمة البابا: "لم أدعوكم اليوم لإعلان تقديس ثلاثة أشخاص فحسب، بل أيضا لإبلاغكم بقرار هام للغاية يتعلق بحياة الكنيسة الكاثوليكية، بعد التفكير فى قرارى أمام الرب عدة مرات، خرجت بنتيجة أن قدراتى بسبب عمرى الكبير لم تعد كافية لخدمة القديس بطرس بصورة ملائمة" . ونقل موقع "روسيا اليوم" عن صحيفة "أرجومينتى إى فاكتى" الروسية، تحليل الخبراء لاستقالة بنديكتوس السادس عشر، وكانت لأسباب كثيرة، ومن أحد تلك الأسباب نمو السكان المسلمين فى أوربا، وهناك عامل سيكولوجى نفسى جلى للعيان يشهد أن صورته كانت أقل بهجة بالمقارنة مع البابا السابق يوحنا بولس الثانى الذى حظى بشعبية فائقة فى العالم أجمع، لكن يظن أن ملل بنديكتوس السادس عشر له علاقة بأمور أخرى. ويعتقد الكثير من الخبراء أن الأغلبية الإيطالية فى إدارة الفاتيكان قبلت البابا بنديكتوس السادس عشر بنوع من البرود، مما كان يجعله يواجه إجهادًا نفسيًّا، ولم يسعد نبأ انتخاب بنديكتوس السادس عشر الرأى العام الدولى. هناك من يرجع حقيقة استقالة البابا إلى الانخفاض المطرد لنفوذ الكنيسة الكاثوليكية فى أوربا الغربية فى الآونة الأخيرة، والذنب لا يعود بالطبع إلى بنديكتوس، بل هناك نزعة ثابتة لتعزيز مواقع المسلمين فى أوربا لهجرتهم الهائلة إليها، ومن أجل مواجهة ذلك لا يكفى إصلاح الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة المسيحية بشكل عام، فلا بد من أن يأتى بابا جديد ديناميكى ومعاصر بوسعه التعامل مع الشباب وتلبية تحديات القرن الحادى والعشرين. كان بنديكتوس السادس عشر يواجه مشاكل فى علاقاته مع العالم الإسلامى، حيث أدت بعض بياناته الغافلة إلى أنه أصبح يعتبر عدوًّا بالنسبة للمسلمين، الأمر الذى كان يُعقد نشاط دبلوماسية الفاتيكان التى تعودت على اعتبار نفسها لاعبًا دوليًّا هامًّا. البعض يرجح أن سبب استقالته ترجع إلى كشف الفضائح الجنسية فى الكنيسة وإعلانه تحمل المسئولية، فى الوقت الذى كان آخرون داخل الفاتيكان يتحدثون عن مؤامرات، تهدف إلى تشويه سمعة الكاثوليكية. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية ردود أفعال الرأى العام بعد إعلان البابا بنديكتوس السادس عشر عزمه الاستقالة وسط حيرة وكثير من التساؤلات. ففى الوقت الذى أشاد البعض بالقرار انتقده آخرون، حيث أشاد مسئولون سياسيون ودينيون فى العالم بقرار بابا الفاتيكان، معبرين عن "احترامهم" لقراره التاريخى غير المسبوق الذى اتخذه بسبب تقدمه فى العمر. وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما أعرب عن "تقديره" للبابا بنديكتوس و"يصلى" من أجله. وقال أوباما فى بيان: إن "الكنيسة تؤدى دورًا مهمًّا فى الولاياتالمتحدة والعالم، وأتمنى كل الخير لمن سيجتمعون قريبًا لاختيار خلف لقداسة البابا بنديكت السادس عشر". وقال الأب "فيديريكو لومباردى" المتحدث باسم الفاتيكان: حتى المساعدون المقربون من البابا نفسه لم يعرفوا ماذا كان يعتزم البابا عمله، وقد أصابتهم الأنباء ب"البلبلة". وقال الأب شفيق أبو زيد، رئيس مركز "أرام" لدراسة الحضارات السامية فى جامعة أكسفورد: إن البابا بنديكت السادس عشر يعانى من مرض القلب منذ فترة، وهذا يجعل من الصعب عليه أن يواصل مهامه رئيسا للكنيسة الكاثوليكية. وعبر "شتيفن زايبرت"، المتحدث باسم الحكومة الألمانية، عن تأثره بالاستقالة المفاجئة للبابا الألمانى المولد، مضيفًا: إن الحكومة تُكِنّ احتراما كبيرًا للبابا؛ لما قام به من أعمال، ولما أسداه خلال سنين حياته للكنيسة الكاثوليكية، ولقد ترك البابا بصمة شخصية باعتباره مفكرًا على رأس الكنيسة، وراعيا لها كذلك. بينما قالت المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل"، التى كانت من أوائل القادة الذين عبروا عن "احترامهم الكبير" للبابا الألمانى الأصل، قالت ميركل فى ندوة صحفية عقدتها فى برلين: "إذا كان البابا نفسه، بعد تفكير عميق، توصل إلى خلاصة مفادها أن قواه لم تعد كافية لممارسة مهامه، فله عندئذ احترامى الكبير" . واعتبر رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون أن "ملايين البشر" سيفتقدون بنديكت السادس عشر "زعيما روحيًّا"، وأعرب له عن "أفضل تمنياته" . ووصف الرئيس الفرنسى فرنسوا هولاند قرار البابا بأنه "جدير بالاحترام الكبير"، مضيفًا: إن الجمهورية تحيى البابا الذى اتخذ هذا القرار، لكن لا شأن لها بالإدلاء بمزيد من التعليقات على ما يخص الكنيسة فى المقام الأول. ورأى الرئيس الإيطالى "جورجيو نابوليتانو" أن رأس الكنيسة الكاثوليكية برهن "شجاعة استثنائية وإحساسًا استثنائيًّا بالمسئولية"، على حد تعبيره. وقال الرئيس الإسرائيلى "شيمون بيريز" أيضا فى بيان: إن البابا بنديكت السادس عشر يتمتع بعمق مفكر كبير، وصدق مؤمن كبير، وحكمة من يأخذ تغييرات التاريخ فى الاعتبار من دون تغيير قيمه. كما أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون ب"التزام البابا بنديكت السادس عشر العميق للحوار بين الأديان" والسلام. وإذا كان الاحترام هو الشعور الغالب على معظم من تلقى خبر الاستقالة، فإن هناك من يرى أن البابا لم يقم بما كان يجب أن يفعله، من وجهة نظرهم. قال جون كيلى، وهو من إحدى الهيئات التى تمثل الأطفال؛ ضحايا الاعتداءات الجنسية فى أيرلندا: إنه قد توافرت لهذا البابا فرصة كبيرة لمعالجة الإساءات الجنسية التى استمرت عقودًا فى الكنيسة، ووعد بالقيام بأمور كثيرة، لكنه لم يفعل شيئا فى نهاية المطاف. وأكدت أقدم هيئة للدفاع عن الشاذين جنسيًّا فى العالم، وهى هيئة (سى. أو. سى) الهولندية: "نحن لم نحزن"، معربة عن الأمل فى أن يبدى البابا الجديد مزيدًا من التفهم حيال الشاذين جنسيًّا. وقالت صحيفة لوموندو الإسبانية: "إن آخر استقالة لأحد الباباوات ترجع لخمسة قرون، وهى للبابا جريجورى الثانى عشر الذى قدم استقالته فى الفترة بين أعوام 1406 إلى 1415، أى منذ 600 عام.