الدكتور عبدالمنعم سعيد رئيس مجلس إدارة الأهرام السابق الذي كان عضوا بلجنة السياسات داخل الحزب الوطني «المنحل» صنفته الباحثة، بأنه مثقف سلطة فتارة يدافع عن السلطة السياسية بشكل مبالغ فيه وأخري يبدو كأنه مفكر سياسي له مشروعه الفكري المتمثل في الاتجاه الليبرالي الإصلاحي داخل النظام ذاته، وهو يمتلك رؤية رأسمالية ديمقراطية، وكان طريقه في ذلك هو دراسته أوضاع الدول المتقدمة الديمقراطية والرأسمالية ثم محاولة تكييف هذه الأوضاع مع ظروف النظام المصري، وبحث سمات التقدم التي يفتقدها المجتمع المصري وتبني النمط الرأسمالي. وقالت عنه: يرفض الدكتور عبدالمنعم سعيد في كتاباته مبدأ الخصوصية بمعني خصوصية ديمقراطية مصرية أو رأسمالية خاصة بمصر مثلًا فهو يري أن مصالح الدول الأساسية مرتبطة بالدوائر الأمريكية والأوربية، وهو يرفض الخطاب القومي وثوابته الوطنية مؤكدًا أن رؤيته الراديكالية قد فشلت لأنه اختار مواجهة الهيمنة الأمريكية على العالم. ومعياره الأعلي هو حقوق المواطن بعبارة أخرى فهو يمتلك مشروعًا فكريًا وهو المشروع الرأسمالي مقابل المشروع الديني والقومي، فخطاب الدكتور عبدالمنعم سعيد هو ذلك الخطاب الليبرالي الذي يعتبر خضوع السلطة التنفيذية للمنظومة الديمقراطية هو هدف لذاته. وأكملت بقولها: لكن الدكتور عبدالمنعم سعيد يؤكد على إصلاح من داخل النظام ذاته، نافيًا بأنه نظام استبدادي، مقسمًا هذا النظام لقسمين: الأول: يؤيد هيمنة البيروقراطية، والثاني يعارض هذا الاستمرار، فهو يؤكد على أنه يتوقع تطورات داخل الحزب وفقًا لرؤي جديدة ويقع الدكتور عبدالمنعم سعيد في تناقضات فكرية عديدة أهمها: ففي حين انتقاده لمبدأ الثورة من أعلي في العهد الناصري، هو يؤكد على أن الحزب الحاكم قادر على أن يحدث تطورًا وحدودًا جديدة للديمقراطية، ويؤكد أن جهود الحزب الحاكم المصري في الإصلاح هي جهود حقيقية، وليست لمواجهة الضغوط الخارجية أو للترويج لصلاحية الرئيس المصري. والتناقض الثاني: فبعد أن كان معارضًا لاتفاقات كامب ديفيد أصبح مؤيدًا لاتفاقات سلام مدريد وأوسلو وكذا مؤيدًا للسادات ووصفه بأنه الرجل الذي عرف قدر مصر، ولم يجعلها مطية للمغامرين الذين فضلوا الاحتلال على التحرير، ولقد عارض كامب ديفيد في بحثه المقدم للمؤتمر السنوي للبحوث السياسية بعنوان «العودة إلى الصف: مصر والوطن العربي 1987-1988» مؤكدًا أن الأمن القومي المصري ظل مهددًا وأن سيناء أصبحت رهينة لأي تغيير في الفكر الإسرائيلي، لكنه في مقاله المنشور في صحيفة «الأهرام» يوم الإثنين الموافق 19 نوفمبر 2007 يبارك هذه الخطوة فكيف نفسر غياب التقييم الموضوعي؟! وأوضحت أن الدكتور عبدالمنعم سعيد لا يدافع عن كل ما اتبع من سياسات بين دفتي الحزب الوطني فهو يطالب رئيس الوزراء بإصلاح نظام الإدارة المركزية والمحلية، والدفاع عن النمو الرأسمالي حتى يتسنى إجراء عملية الإصلاح. والخلاصة التي تقيم بها الباحثة الدكتور عبدالمنعم سعيد هو أنه مثقف سلطة يمارس عملية معارضة من داخلها في إطار عملية محدودة. وهو أيضًا مثقف يمكن تصنيفه في إطار الليبراليين العلمانيين الجدد، وهو ذلك المثقف المؤمن بالحضارة الرأسمالية الغربية وبصفة أخص الأمريكية المتحكمة في حركة التجارة والاستثمار وشبكة المعلومات والحركة الثقافية، وتحكمها في 25% من الإنتاج العالمي وثقلها الاقتصادي. وهو ينتقد من يهاجمون الهيمنة الأمريكية مسميًا إياهم «خطاب الهيمنة العربي» متهمًا إياهم بالوقوع في تناقض، وبأنهم يجعلون أمريكا مسئولة عن كل مآسي العالم من انهيار الاتحاد السوفيتي، لمجاعات الصومال وماسي رواندا وبورندي والكويت والبوسنة، ويتهمهم بالتطرف الشديد في رؤية معاكسة تصور هشاشة الوضع الأمريكي وتقديم احصائيات للفقر فيها دونما تقديم احصائيات أخرى مماثلة عن الصين مثلًا. وكشفت الباحثة أن الدكتور عبدالمنعم سعيد أيضًا يقع في هذا التناقض فهو غالبًا ما يؤكد في كتاباته عن التوءمة بين أمريكا وإسرائيل ومحاباتها، وفي مواضع أخرى يتعبد في محراب الرأسمالية الأمريكية مؤكدًا على هيمنتها كإمبراطورية كبري تمتلك ثلث الإنتاج العالمي