اعترف الإخوان بأنهم هم الذين قتلوا النقراشى رئيس الوزراء والخازندار رئيس المحكمة وحاولوا نسف محكمة الاستئناف ودور السينما والمنشآت العامة، واعترف الهضيبى بأن رئيس الجهاز السرى استأذنه أخيرًا في عمل تظاهرات مسلحة. وأنكر الهضيبى أنه استؤذن في اغتيال جمال عبدالناصر، فإذا كان هذا صحيحًا فمعنى ذلك أن الجهاز السرى اعتبر أن اغتيال رئيس وزراء مصر وأعضاء مجلس قيادة الثورة و160 ضابطًا وعشرات من المدنيين المصريين من المظاهر البسيطة للتظاهرات المسلحة وأنه لا داعى لاستئذان المرشد العام في هذه المسائل الصغيرة! وهذا الاعتراف من أخطر الاعترافات التي أذيعت في تاريخ الجماعات والأفراد، فقد تعودنا أن يتبرأ الزعماء من أعمال الإرهاب التي اشترك فيها بعض أنصارهم، بل يتبرءون من هؤلاء الأنصار ويقسمون أنهم اندسوا خلسة في صفوفهم، ولكن الهضيبى اعترف هذا الأسبوع بأن كل جرائم الاغتيالات والنسف التي حدثت في تاريخ مصر الحديث كانت من تدبير الإخوان وتنفيذهم. وخطورة هذا الاعتراف أن الاغتيال السياسي عادة هو حماقة يرتكبها شاب مجنون.. ولكن حين يصبح هذا الاغتيال سياسة مرسومة لجماعة من الناس، يختلف الوضع، ويتطلب الأمر علاجًا سريعًا حاسمًا. فهذا الإرهاب لم يعد فكرة للخلاص من حاكم، وإنما أصبح وسيلة سياسية للخلاص من كل إنسان يختلف مع أعضاء الجهاز السرى! فإذا رأى أعضاء الجهاز السرى أن دخول السينما حرام، فسينسفون دور السينما بمن فيها من سيدات وأطفال وقد حدث هذا فعلًا فنسفت سينما مترو، ونسفت سينما ميامى!٫ وإذا رأى أعضاء الجهاز السرى أن محكمة الاستئناف تطبق القانون المدنى ولا تطبق قانون الجهاز السرى، فمن حق هذا الجهاز أن ينسف المحكمة بمن فيها من مستشارين وقضاة ووكلاء نيابة ومتقاضين وكتبة وشهود.. وقد حاولوا فعلًا نسف المحكمة منذ سنوات. وإذا اختلف أعضاء الجهاز السرى مع عضو من أعضائه القدماء فمن حقهم أن يقتلوه نسفًا كما قتلوا السيد فايز ونسفوا معه شقيقه الصغير الذي لم يزد عمره على ثلاث سنوات. وإذا اختلف أعضاء الجهاز السرى مع رئيس محكمة في طريقة تنفيذ قانون العقوبات، فمن حق أعضاء الجهاز أن يقتلوا رئيس المحكمة غدرًا وقد حدث هذا وقتل الخازندار! وإذا اختلف أعضاء الجهاز السرى مع رئيس الحكومة فمن حقهم أن يقتلوه.. كما قتلوا أحمد ماهر والنقراشى وحاولوا قتل جمال عبدالناصر! وإذا رأى الجهاز السرى أن التعليم في جامعة القاهرة يعتمد على الأبحاث الأجنبية والكتب العلمية غير العربية، فمن حقهم أن ينسفوا جامعة القاهرة بمن فيها من طلبة وطالبات وأساتذة! وإذا رأى الجهاز السرى أن سيدات البيوت يخرجن في الشارع سافرات وهذا لا يتفق مع تقاليد الجهاز، فمن حقهم أن يقتلوا كل سيدة تسير سافرة في الطريق العام، وأن ينسفوا دار كل فتاة تطل من النافذة أو تحلق شعرها على طريقة مارلين مونرو! فالإرهاب لم يعد موجهًا ضد زعيم أو رئيس حكومة، وإنما أصبح موجهًا ضد جميع طبقات الشعب، وكميات الجليجنايت والديناميت التي كانت مخبأة، لم تكن معدة لقتل جمال عبدالناصر وحده ولا لقتل زملائه التسعة ولا لقتل 160 ضابطًا من الضباط الأحرار.... أنها كانت معدة لقتل عشرات الألوف من أفراد الشعب... معدة لقتلى وقتلك معدة لقتل ابنك وأخيك وهو يعمل في المؤسسة، ووالدك وهو يشهد في المحكمة. فالمواد الناسفة لا تصوب إلى فرد وإنما إلى مجموعات.. المارة في الشارع... النائمين في بيوتهم.... الجالسين على مكاتبهم. فقضية الإرهاب لم تعد قضية الحاكم، لقد أصبحت قضيتك أنت وقضيتى وقضية أسرتك وأسرتى، وقضية شعب بأكمله! ويوم نقضى على هذا الإرهاب تستطيع أن تخرج من بيتك وأنت واثق أنك ستعود إليه فلا تجده أنقاضًا!