يتزوجون دون عقود.. تعيش قبائل الغجر بمحافظ دمياط وتتركز في أطرافها وتحديدًا في منطقتين أساسيتين وهما: أطراف مدينة دمياط الجديدة بالقرب من مدينة جمصة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وعلى أطراف مدينة رأس البر، إلا أن الامتداد العمراني برأس البر جعلهم يزحفون نحو أطراف قرية كفرالبطيخ. وعلى الرغم من إقامة قبائل الغجر فترات طويلة تمتد لنحو ثلاثين عامًا بمحافظة دمياط، فإنهم في حالة عزلة تامة بعيدًا عن الأهالي، لكنهم في الآونة الأخيرة اعتمدوا على شراء العديد من المنتجات من داخل محال البقالة بمدينة دمياط الجديدة، كما أنهم أصبحوا من مرتادي مخابز العيش المدعم، حيث يقومون بشراء كميات كبيرة منه لإطعامها للماشية. ويحتفظ الغجر بعاداتهم وتقاليدهم المميزة، وكذلك الزي الذي يرتدونه، ويجوبون شوارع مدينتي دمياط الجديدة وكفرالبطيخ يوميًا للبحث عن احتياجاتهم وشرائها قبل الرجوع مرة أخرى إلى خيامهم التي أقاموها على أطراف مدينة دمياط الجديدة، وغالبًا يستقل الغجر الحمير في مواصلاتهم، لكنهم في بعض الأحيان يستقلون سيارات السرفيس خاصة إذا ما كانت المسافة طويلة. ويقول محمود الرباعي، من غجر دمياط الجديدة، إنه ينتمي إلى قبيلة الرباعية، وولد في مدينة رأس البر على أطرافها، موضحًا وجود عدة قبائل بمحافظة دمياط، من بينها الرباعية والمرازقة، وكذلك السماعنة التي ينتمي معظم سكان دمياط الجديدة من الغجر إليها. لا يعرف محمود تحديدًا متى استوطنت قبيلته في دمياط، لكنه يعرف أن له أعمامًا يسكنون بسيناء. أما عن حياة الغجر فيوضح أنهم يعملون في تربية الماشية وتسمينها وبيعها، وهو ما يدر عليهم دخلًا جيدًا في أحيانٍ كثيرة، لكنه عمل يتطلب مشقة وجهدًا، حيث تتم تربية الماشية على الرعي وليس التعليف، مشيرًا إلى أن هناك فرقًا كبيرًا بين الرعي والتعليف، فالرعي يقوم على غذاء الحيوانات من النباتات وليس تقديم الأعلاف مكانها، وحركة الماشية تجعل لحمها وطعمها أفضل. يسكن الغجر في خيام بين مدينتي دمياط الجديدة وجمصة، وتتكون الخيمة من تسعة أعمدة، منها ثلاثة في الوسط، وثلاثة في كل جانب، وينسج سقف الخيمة من شعر الماعز، ويرفض الغجر الإقامة في شقق سكنية، ويعتبرون ذلك عيبًا. يرتدي الرجال من الغجر الجلابية بينما ترتدي المرأة البدوية الثوب الأسود الطويل المحاط بحزام عند الوسط، مزين بتطريز من خيوط الحرير، وتكون متعددة الألوان مع قناع أسود يغطي الجسم بالكامل، فضلا عن البرقع المزين بالحلي كالذهب والفضة. يقول محمود: «إنه لا يوجد قائد للغجر في دمياط.. لكن هناك شيخ كبير تسمع كلمته وسط الجميع، ولا يتم عقد أي فرح أو عزاء دون وجوده، كما أنه يلعب دور الوساطة حال حدوث خلاف بين شخصين أو قبيلتين، حيث يتدخل في المشاكل لحلها من خلال شخصه أو من خلال القضاء العرفي في حالة القضايا الكبيرة مثل القتل والسرقة وهتك العرض. لكن حالة من القلق الدائم تسيطر على العلاقة بين أهالي مدينة دمياط الجديدة والغجر، حيث سبق أن تقدم سكان منطقة السبعين بشكاوى لجهاز تعمير مدينة دمياط الجديدة، نظرا لوجود قطعان الماشية التي تتبع البدو في الطريق المؤدي للمنطقة وما ينتج عن ذلك من تشويه الشوارع المحيطة نظرًا لرعي الماشية هناك، لكن مصدر أمني أكد ل«فيتو» أنه تم ضبط عدد من مجموعات الغجر وتم تحرير محاضر لهم بسبب تجاوزهم القانون، لا سيما بعد حالة انتشار القمامة وسط التجمعات السكانية في المدينة. يحكي محمود عن الأفراح فيقول: «نتزوج من بعضنا البعض ولا يسمح بالزواج من خارج القبيلة إلا في حالات ضيقة، لكن من الممكن الزواج من أبناء قبيلة أخرى من الغجر بفضل العِشرة الطويلة بيننا، ويضيف: «المهر عندنا بالجمال ومن الممكن أن يدفع مهر الفتاة جمل أو خمسة جمال». وكشف محمود عن عدم وجود عقود للزواج عند الغجر، وهو ما يهدر العديد من حقوق المرأة إذا طلبت الطلاق.