زادت حدة المخاوف في ليبيا من انزلاق البلاد نحو مزيد من العنف والاضطرابات، في ظل التداعيات المتتالية لحادثي اختطاف قيادي قاعدي من قبل قوات خاصة أمريكية واختطاف رئيس الوزراء لمدة ثماني ساعات في قلب العاصمة طرابلس. زاد التوتر الأمني في ليبيا بعد خطف "أبو أنس الليبي"، المشتبه بأنه قيادي في تنظيم القاعدة، من قبل قوة خاصة أمريكية واختطاف رئيس الوزراء لمدة 8 ساعات، وتلقي التداعيات الأمنية والسياسية للحادثين بظلال من الهموم والخوف على المواطن الليبي الذي باتت نظرته حول مستقبل بلاده أكثر قتامة، بعد عامين من الثورة التي أطاحت بنظام العقيد الراحل معمر القذافي. وتهيمن الانقسامات في أوساط الطبقة السياسية إزاء الأحداث الأمنية المتلاحقة، فبينما تحمل أحزاب المعارضة الحكومة مسئولية تدهور الأوضاع، اعتبر رئيس الوزراء على زيدان بأن عملية خطفه هي اختطاف للشرعية وقال "هناك فئة في المؤتمر الوطني العام همها من بداية الحكومة من أول يوم هو إسقاط هذه الحكومة وهي فئة في المؤتمر وهذا ما سعوا اليه من أول يوم ولقد قلت مرارًا وتكرارًا إن الحكومة مستعدة أن تترك هذا الأمر لكن بالوسائل الشرعية وبالوسائل الموضوعية". الاستقرار يمر عبر إصلاح الشرطة والجيش وبرأي المحلل العسكري الضاوي "أبو رأس" فان إصلاح الوضع الأمني في البلاد وضع خطة متكاملة لإعادة تنظيم الجيش، وتشغيل الجيش بهذه الطريقة التي تجري الآن لا يمكن ما لم توضع خطة من ضباط ذوي خبرة ليست لهم مصلحة في حزب ولا في الخدمة العسكرية"، ودعا أبو رأس في حوار مع DW إلى إبعاد الجيش عن التدخل في الشئون السياسية ولا في النزاعات الداخلية الحزبية أو بين المناطق، والتركيز على أن يكون الجيش هو الحامي للوطن. وأوضح الضاوي بأنه " إذا زُج بالجيش في النزاعات فإنه سينظر اليه من قبل البعض على أنه عدو للشعب أو خادم للشعب". ويبدو أن عملية اختطاف القيادي القاعدي أبو أنس الليبي من قبل قوات خاصة أمريكية، لم يزد سوى الطين بلة في الحالة السياسية بالبلاد. ففي حين تبدو العملية ضربة أمنية موجعة للجماعات المسلحة والميليشيات التي اتسع نفوذها في ليبيا بعد سقوط نظام العقيد القذافي، أظهرت هذه العملية الدولة الليبية، برأي عدد من الخبراء، بمظهر الدولة الفاشلة. ويعتقد العقيد في الشرطة جمعة المشري "المفروض أن يرفض زيدان وبشدة القبض على أي ليبي، وليبيا هي من تتولى القبض عليه ومحاكمته في المحاكم الليبية، وعلى أمريكا أن تقدم الاتهامات ونحن في ليبيا نحاكمه". وحول تصوره للسبيل الذي يساعد الليبيين على الخروج من نفق العنف والاضطرابات التي دخلت فيها البلاد، يرى هاشم بشر رئيس اللجنة الأمنية العليا المؤقتة بمدينة طرابلس والتابعة لوزارة الداخلية في حوار مع DW أنه "لا يوجد حل إلا بعث الشرطة الأصيلة وإدارات الشرطة، ولا يمكن الاستغناء عن الأشخاص الذين اشتغلوا مع القذافي، ولا بد من الاستعانة بأقل المتورطين ويستدعي تشكيل لجنة نزاهة للجيش والشرطة، والاستفادة من الخبراء الضباط كمستشارين وخبراء في العمل الأمني". وأعرب بشر عن اعتقاده بوجود طرف سياسي يضعف الملف الأمني في ليبيا لكي يقدم نفسه كحل في البلاد، هي يد خفية لإضعاف الملف الأمني" يقول المسئول الأمني الليبي، دون يحدد تلك الجهة بدقة. ولحل المشكلات المستعصية في البلاد، طالب بشر بإجراء وطني ودمج الثوار الحقيقيين في الجيش والشرطة وتفعيل جهاز المخابرات العامة وإعطائه صفة مأمور الضبط القضائي، معتبرا أن نهج هذا المسلك يمكن أن يؤدي إلى تحسن الوضع الأمني في البلاد في أفق ستة أشهر. ويؤدي استمرار الانقسام السياسي حول دور جماعات الثوار الذين ساهموا في إسقاط نظام القذافي، إلى شل مؤسسات الدولة وإضعاف قدرة الجيش والشرطة على استعادة زمام المبادرة، لاسيما في ظل نفوذ عدة ميليشيات وجماعات مسلحة في مناطق عديدة من البلاد. هل تستطيع الدولة استعادة هيبتها؟ لكن الرؤية لدى الطبقة السياسية وحتى الحقوقيين في البلاد تبدو غير واضحة، فإعادة بناء مؤسسات الدولة واحداث مؤسسات أخرى لم تكن موجودة في ظل النظام السابق، يتطلب وقتا برأي عدد من الخبراء والسياسيين. المحامية وعضو المجلس الوطني الانتقالي السابق انتصار مبارك العقيلي تقول في حوار مع DW: "تحتاج وقتا، لأنه لا وجود لقوة تأتمر بأوامر السلطتين( الحكومة المؤقتة والمؤتمر الوطني العام )"، وأضافت العقيلي أن رهان الحكومة على تحقيق الاستقرار عبر مؤسسات الجيش والشرطة وحدها، أمر غير كاف، وتقول الحقوقية الليبية "لو عملت السلطة على إنشاء قوة مجتمعية بعيدة عن مؤسستي الجيش والشرطة فستستطيع إلى حد ما السيطرة وبسط النفوذ". ولا يخفي الناشط الحقوقي عبد المنعم الحر الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان فرع ليبيا وممثل المجلس الوطني الانتقالي الليبي في مصر، قلقه إزاء اضطراب الحالة السياسية والأمنية في ليبيا، ويقول في حوار مع DW "سنبقى تائهين ما بين خصوصية الأمة الليبية الإسلامية وما بين الحقوق الكونية، وما نحن فيه فوضى خلاقة". وبرأيي الحر فان "هناك ثلاثة ملفات تُعطى لها الأولوية بالخارجية الأمريكية في تعاملها مع دول العالم الثالث وهي الديمقراطية وملف حقوق الإنسان وملف الإرهاب، ومهما فعلنا سنبقى تحت المطرقة والسندان خاصة أن سلطتنا لا تعمل وفق إستراتيجية تضع مصلحة الأمة الليبية فوق كل مصالح الدول الكبرى". هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل