على الرغم من حالة الحراك السياسي العشوائي للأحزاب السودانية المعارضة أو الداعمة للنظام الحاكم بالسودان، والذي شعر المواطن البسيط خلوها من تلبية احتياجاته الأساسية للمعيشة الكريمة، أو المحافظة على حالة الأمن بولايات عديدة بالأراضي السودانية، برزت على الساحة أصوات شبابية مناوئة للنظام نشأت مبدئيا من رحم هذه الأحزاب، التي شاخت مسيرتها مع قادتها، وإنعدمت فعاليتها في التأثير أو التأثر بالشارع السوداني المنهك بأعباء معيشية تزداد يوما بعد يوم. وتطالب تلك الكيانات الشبابية غير المنتمية لأحزاب سياسية تقليدية معروفة بالسودان، بالتغيير الشامل لمسيرة العمل الوطني للنهوض بالدولة إلى مكانة تتفق مع تاريخ السودان وثرواته المتنوعة غير المستغلة، فضلا عن ضرورة وضوح الرؤى والمواقف من القضايا الوطنية الملحة، والتي جعلت مصير السودان معلقا لسنوات مضت وسنوات أخرى قد تطول. ويرى المراقب لنشوء تلك المجموعات أن ثمة مكونات أخرى خارج الأطر الحزبية، بدأت في التشكل في أوساط الشباب السوداني، ففي وقت تداري أحزاب تحالف ما يسمى "الإجماع الوطني" المكون من 20 حزبا فشلها تحت عباءة الخلاف المستحكم بين مكوناته، تسعى قوى شبابية ضاربة داخل الأوساط السودانية إلى خلق كيان لا يؤمن بأي حزب من تلك الموجودة على الساحة. وترجمت القوى الشبابية، مشاركتها في حالة الغضب العام الذي انتظم وبشكل تلقائي خلال الأسابيع الماضية بالسودان، احتجاجا على غلاء المعيشة والقرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة مؤخرا، في محاولة منها لمعالجة الأزمة الطاحنة التي يعانيها اقتصاد البلاد الذي أنهكته الحروب المشتعلة في سبع من ولاياتها. وبدأت معالجة الأزمة بالتعاون مع عدد من منظمات المجتمع المدني ورجال أعمال سودانيين غير منتمين لأحزاب سياسية في معاونة المتضررين من السيول والفيضانات التي اجتاحت بلادهم مؤخرا، وجاءت ثقة منظمات المجتمع المدني والمقتدرين من أهالي السودان في تلك المجموعات الشبابية، وتزويدهم بالمال والاحتياجات اللازمة للمضارين، لتكون عامل دفع مهم ومؤشر لتنفيذ النهضة الشبابية المرجوة، التي تعد السبيل الوحيد لتحقيق طموحات الأمم الراغبة في التنمية والتقدم. وفي سياق متصل بالمجموعات الشبابية الجديدة بالسودان، بدأ عدد آخر من الأكاديميين السودانيين المعارضين في جمع توقيعات على عريضة لمطالبة دولة قطر بوقف ما تقوم به من دعم لنظام الرئيس السوداني عمر البشير، وقالت العريضة التي تروج لها حملة تدعى "أبينا" السودانية "إن استمرار دعم دولة قطر للنظام الحاكم يطيل من عمر النظام الحاكم". وطالب تحالف ما يسمى ب"أحزاب المعارضة السودانية" من الأمين العام للأمم المتحدة بتشكيل لجنة تحقيق دولية حول مقتل متظاهرين على يد الأجهزة الأمنية خلال المظاهرات التي شهدتها السودان مؤخرا. ويضم تحالف المعارضة نحو 20 حزبا، أبرزها حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي، وحزب المؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي، والحزب الشيوعي وسكرتيره العام محمد مختار الخطيب. وكانت السودان شهدت أواخر سبتمبر الماضي، احتجاجات ومظاهرات شعبية كبيرة اعتراضا على رفع الدعم عن المحروقات وغلاء المعيشة، راح ضحيتها وفقا للبيانات الرسمية السودانية نحو 70 قتيلا، كما تم اعتقال المئات بدعاوى حرق وإتلاف ممتلكات ومرافق البلاد، فيما قررت حكومة الخرطوم وحزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان استكمال برامج الإصلاح الاقتصادي التي أقرها مجلس الوزراء، وذلك على الرغم من حالة الغضب الشعبي التي اجتاحت البلاد، ووصفوا هذه البرامج ب"الضرورية" لإنقاذ الاقتصاد السوداني.