سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كل حلفائك باعوك يا أوباما.. بريطانيا وألمانيا تتخليان عن أمريكا في المعركة ضد سوريا.. المخابرات والجيش الأمريكي يفضلان عدم إسقاط الأسد.. ضربة عسكرية محدودة الخيار الوحيد لواشنطن
المتابع لتطورات الأزمة السياسية السورية والحشد الإعلامي الدولي لتوجيه ضربة عسكرية ضد نظام بشار الأسد أيقن أن النظام السوري بات على حافة الهاوية، ولكن مع تغير وتبدل المواقف الدولية من الأزمة، وصلت حالة التسخين التي تمر بها الأزمة إلى حالة من التبريد الذي يمكن أن يفقدها سخونتها. كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا قد سعتا إلى تشكيل تحالف دولي ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا، بعد فشل مجلس الأمن في التوصل إلى قرار بشأن الأزمة للمرة الثانية خلال 24 ساعة وعقب قرار البرلمان البريطاني رفض المشاركة في الضربة... ومن الواضح تفكك مواقف القوى الدولية الأعضاء في مجلس الأمن، فمع تصويت البرلمان البريطاني انتشرت تكهنات بأن توقيت التحرك العسكري الذي بدا وشيكا للعديد من المراقبين قد يتأخر غير أن مساعدة المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماري هارف أكدت" أننا نتخذ قراراتنا الخاصة تبعا لجدول زمني خاص بنا". وأكد تشاك هاجل - وزير الدفاع الأمريكي - أن الولاياتالمتحدة لا تزال تسعى إلى بناء تحالف دولي؛ للتصدي للهجوم المفترض بأسلحة كيميائية على مدنيين من قبل دمشق، مؤكدًا على أن النهج الأمريكي يقوم على مواصلة العمل على إيجاد تحالف دولي يتحرك بشكل موحد، وقال: إن واشنطن تحترم قرار البرلمان البريطاني الذي رفض ب 285 صوتا مقابل 272. كما تلقت الولاياتالمتحدة صفعة جديدة من أقرب حلفائها ألمانيا، التي أعلن وزير خارجيتها جيدر فيسترفيلة أن برلين لن تشارك في عملية عسكرية ضد سوريا، وحث مجلس الأمن على التوصل لموقف مشترك من شأنه إنهاء الأزمة. وحذرت روسيا من أن التدخل العسكري في سوريا سيوجه ضربة خطيرة للنظام الدولي القائم على الدور المركزي للأمم المتحدة، ووصفت موسكو الدعوات لتدخل عسكري في سوريا بأنه بمثابة "تحد صريح" لميثاق الأممالمتحدة. وأكدت الخارجية الصينية أن استخدام القوة لن يؤدي إلى حل المسألة السورية مع تأييد الصين لإجراء تحقيق عادل وموضوعي ومهني دون ضغط خارجي. ولم يكن الموقف الإيراني أقل حدة تجاه الحملة العسكرية الأمريكية ضد سوريا؛ إذ أكد قائد الثورة الإيرانية علي خامنئي للسلطان قابوس خلال زيارة الأخير لطهران من أنه في حالة شن حرب على سوريا سوف يحترق الشرق الأوسط بأكمله. وقال خامنئي: إن ضرب سوريا يشبه إشعال مخزن للبارود، وأن أبعاد ونتائج التدخل غير معروفة، وشدد على أن الأمريكيين إذا تدخلوا في سوريا سيلحق بهم ضرر مثل ما حصل معهم في العراق وأفغانستان. ليس هذا فحسب، وإنما يشهد الداخل الأمريكي وجهات نظر متباينة بشأن توجيه ضربة عسكرية لدمشق؛ إذ تظهر استطلاعات الرأي أن الغالبية العظمى من الأمريكيين، الذين ضجروا حروبا استمرت أكثر من عشر سنوات في العراق وأفغانستان، يعارضون بشدة أي مهمة عسكرية أمريكية في سوريا. ففي استطلاع أجرته مؤسسة "أبسوس" الأمريكية أن نحو ستين في المائة من الأمريكيين يعارضون التدخل الأمريكي في سوريا بينما يسانده تسعة في المائة فقط، إلا أن أي تدخل عسكري أمريكي يثير عادة موجة تأييد ولو قصيرة الأجل لقرارات الرئيس مع احتشاد الأمريكيين وراء جنودهم. وهناك صراع داخل الإدارة الأمريكية ما بين تيار يقوده جون ماكين والجمهوريون في الكونجرس الأمريكي، ومعهم جزء من الديمقراطيين يؤيد تقديم مساعدة عسكرية للثورة، تبدأ بتسليح المعارضة بالتعاون مع الدول الإقليمية (تركيا والسعودية وقطر والأردن) وتصل إلى حد توجيه ضربات عسكرية جوية وصاروخية للنظام بهدف إسقاطه عسكريا، وهي شراكة تتيح بناء علاقات وثيقة مع النظام الجديد. بالمقابل هناك رأي تيار الأمر الواقع الحالي الذي لم يتغير منذ بداية الثورة، والذي يمثله أوباما شخصيا ومعظم أركان إدارته الرئيسيين (الدفاع والمخابرات والأمن القومي والخارجية)؛ حيث يتجنب إسقاط النظام السوري عسكريا، ويصل إلى حد ممارسة الضغوط على الدول الإقليمية لعدم تسليح المعارضة، أو تخفيف الكميات وعدم التزويد بسلاح نوعي. ويمكن القول إن الأمور الآن باتت تثير الكثير من التساؤلات حول ما إذا كانت ستسير الأمور نحو التدخل من خارج مجلس الأمن وتصاعد المواجهة الروسية - الأمريكية، أم أن الضربات تشكل ضغطا للإبقاء على التعاون بين الدولتين الكبيرتين؟، أم هل يتم تشكيل تحالف دولي من خارج مجلس الأمن لتوجيه ضربة جوية للنظام، بعدما أبدت أكثر من 35 دولة كبرى وإقليمية استعدادًا للدخول في تحالف كهذا عبر تشكيل تحالف الراغبين انطلاقًا من مبدأ المسئولية في حماية المدنيين، الذي اعتمد في الأممالمتحدة في العام 2005، خاصة مع دعوة الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند إلى تشكيل تحالف دولي ضد سوريا بدون تفويض من الأممالمتحدة في حالة الضرورة، وأن كل الخيارات مطروحة للتدخل العسكري. وفي حين أن القرار النهائي لا يزال غير واضح، إلا أن التحليلات تصب في خانة أن أمر توجيه الضربة العسكرية تم حسمه، ولا يزال الجميع في انتظار تحديد التوقيت. وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن توجيه ضربة عسكرية محدودة قد يكون هو الخيار الأمثل بل والأخير أمام واشنطن، لا تهدف لإسقاطه ولا حتى إضعافه عسكريا، بقدر ما تهدف إلى جره لطاولة المفاوضات في جنيف 2، وتقديمه تنازلات محدودة جدا لتبرير حضور المعارضة للمؤتمر الهادف لإجهاض الثورة. ولكن هذا لا يمنع من إمكانية حدوث سيناريوهات أكثر حدة وجرأة، فمن الممكن أن تضع واشنطن سيناريوهات التدخل العسكري وفق شروطها، وهي سيناريوهات لا ينفي بعضها بعضا بل تتكامل، ومنها ما يتعلق بالسيطرة على السلاح الكيميائي حصرا أو تدميره لا أكثر من ذلك بضرب مواقعه، والاستعانة ببعض كتائب الجيش الحر تمهيدا لنقل هذه الأسلحة خارج سوريا مع إمكانية تنفيذ ضربات جوية محدودة لتلك المواقع حصرا للسيطرة عليها.