في أزمنة الانتظار الطويلة، قد يخيَّل إلينا أن الحياة توقفت عن الدوران، وأن الصمت قد خيّم على كل ما حولنا، حتى على صوت الله نفسه. نصلي ولا نسمع جوابًا، نطلب ولا نرى علامة، فنشعر وكأن السماء بعيدة، وكأن الله قد سكت أو نسي وعوده. ومع أن القلب يضطرب بهذا الشعور، إلا أن الحقيقة الإلهية المعلَنة في الكتاب تؤكد عكس ذلك تمامًا؛ فالله يعمل في الخفاء أكثر مما يعمل أمام الأنظار، ويتكلم في الهدوء أكثر مما يتكلم في الضوضاء، وصمته الظاهر ليس غيابًا بل إعدادًا، وتأخّره في الاستجابة ليس تعطيلًا بل تشكيلًا للنفس حتى تصير قادرة على حمل ما يريد أن يعطيه.
يعلمنا الرسول في رسالة العبرانيين أن الإيمان هو «الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لَا تُرَى» (عب 11: 1)، وكأن الغياب الظاهري لصوت الله هو البيئة التي ينمو فيها الإيمان. ففي اللحظات التي ننتظر فيها دون أن نرى، يربّينا الله على الاتكال لا على الزمن ولا على الأحداث.. بل على شخصه هو. وكم من مرة حرك الله الأحداث في صمت، وحمانا من شرّ لم نسمع به، وهيّأ لنا طريقًا لم ندركه إلا بعد أن وجدنا أنفسنا نسير فيه! فالله لا يعمل دائمًا بصوتٍ عالٍ، بل يعمل في العمق، في طبقات لا ننتبه لها إلا حين يكشفها الزمن.
وهذه الحقيقة تتكرر في قصص الكتاب المقدس. أيوب، الذي اجتاز أحد أطول أزمنة الصمت الإلهي، خرج من محنته بعينين جديدتين قائلًا: «بِسَمْعِ الأُذُنِ قَدْ سَمِعْتُ عَنْكَ، أَمَّا الآنَ فَقَدْ رَأَتْكَ عَيْنِي» (أي 42: 5). والشعب الذي ظن أن سنوات البرية الأربعين هي علامة رفض.. اكتشف لاحقًا أنها كانت زمن إعداد، وامتحانًا للقلب، وتشكيلًا للجيل الجديد ليدخل الأرض (تث 8: 2). وهكذا يظهر لنا التاريخ المقدس أن صمت الله بوابة لاختبار أعمق، وأن الخفاء الإلهي ليس خمولًا، بل هو عمل دقيق يهيئ ما لا تراه العين.
وما أعجب اللحظة التي ننظر فيها إلى الخلف بعد مرور الزمن فنرى يد الله واضحة في كل ما حسبناه صدفة أو تأخيرًا. ندرك أن الأبواب التي أغلقت كانت حماية، وأن الطرق التي التفَّت بنا كانت طريقًا للخير، وأن التأخير الذي أثقل قلوبنا كان يحمل في جوفه نعمة أكبر مما طلبناه. حينها تتردد في داخلنا كلمات النبي: «تُسَبِّحُونَ اسْمَ الرَّبِّ إِلهِكُمُ الَّذِي صَنَعَ مَعَكُمْ عَجَبًا» (يؤ 2: 26)، وكلمات بولس المؤكدة: «كُلُّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ» (رو 8: 28).
الله لا ينسى، ولا يتراجع عن وعد، ولا يؤجل أمرًا إلا ليأتي به في ملء الزمان، كما أرسل ابنه في ملء الزمان (غل 4: 4). وما دام هو ضابط الكل، ففكره أعلى من فكرنا، وطرقه أسمى من طرقنا (أش 55: 8–9). وحتى حين نسير في وادي ظل الموت، لا يُترك الإنسان وحده، لأن العصا والمهد يسندان القلب (مز 23: 4). وإن بدا لنا الزمن طويلًا، يكرر الروح في داخلنا كلمات داود: «اِنْتَظِرِ الرَّبَّ. لِيَتَشَدَّدْ وَيَتَشَجَّعْ قَلْبُكَ، وَانْتَظِرِ الرَّبَّ» (مز 27: 14). لا نعلم.. ولكن نحوك أعيننا! عيد الصليب.. قوة المسيحيين فإن وجدت طريقك اليوم ساكنًا أو صلاتك بلا جواب، فتذكّر أن ما يدبّره الله لك في الخفاء سيظهر في العلن في الوقت الذي عيّنه هو، وأن ما يأتي من يده دائمًا أعظم مما تراه الآن. صمت الله ليس علامة غياب، بل هو حضوره العميق الذي يعمل في قلب الأمور. وما دمت تسلك بالإيمان لا بالعيان (2كو 5: 7)، فستكتشف يومًا أن كل لحظة ظننتها فراغًا، كانت في الحقيقة لحظة إعداد لدهشة إلهية آتية. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا