قبل عام كتبت في هذا المكان حول تردي نتائج بعض كليات الطب وخصوصًا في الصعيد، بسبب تفشي الغش في بعض لجان الثانوية العامة واليوم ومع تكرار نفس المشاهد أجدنى أعود للموضوع ذاته الذي بات أقرب لظاهرة سلبية مخيفة طغت على السطح في السنوات الأخيرة.. إذ لم تعد نتائج كليات الطب -خصوصًا في جامعات الصعيد- تُعبّر عن مستوى طبيعي أو تفاوت مألوف بين الطلاب، بل تحوّلت إلى مشاهد صادمة ونتائج كارثية تقترب من حدّ الإبادة الأكاديمية الجماعية، كما وصفها البعض، والسبب الأعمق -بعيدًا عن المناهج والأساتذة- يكمن فيما قبل الجامعة: الغش في الثانوية العامة. لم يعد الغش في الامتحانات مجرد وسيلة للهروب من صعوبة الأسئلة، بل أصبح مسارًا يسلكه البعض بكل بجاحة للوصول إلى كليات القمة دون استحقاق، عبر لجان إلكترونية، تسريبات، صفحات تبيع الامتحانات، وتواطؤ خفي أحيانًا من المراقبة الميدانية، كلها أدوات أتاحت لكثير من الطلاب تحقيق مجاميع قياسية دون امتلاك الحد الأدنى من الكفاءة العلمية. وحين يلتحق هؤلاء بكليات الطب، يصطدمون لأول مرة بحائط العلم الحقيقي؛ فالمحاضرات لا يمكن الغش فيها، والامتحانات الجامعية -رغم كل ما يُقال- أكثر صرامة من الثانوية، خصوصًا في كليات حكومية ذات إمكانيات محدودة، ومعايير تقييم لا ترحم. فيسقط هؤلاء واحدًا تلو الآخر، وتخرج النتائج فادحة، كما حدث مؤخرًا في طب قنا وأسيوط، حيث تجاوزت نسب الرسوب 70% في بعض الفرق.
هذه النتائج ليست دليلًا على تقصير الجامعة فقط، بل تُظهر أن الغش المدرسي فجّر أزمة تعليمية مؤجلة، تُعلن عن نفسها فجأة في سنوات التخصص. طالب لم يفهم الكيمياء الحيوية أو التشريح في الثانوية، كيف له أن يستوعب الباطنة أو يقرأ تحليل دم سريري؟ هكذا يتحوّل من حلم إلى عبء، ومن طالب إلى ضحية.
لكن المأساة لا تقف عند الطالب، بل تطال المنظومة كلها. إذ تُهدر العدالة بين مجتهد دخل الطب بكفاءته، وآخر تسلل إليه غشًا. ويتحول بعض الأساتذة -دفاعًا عن هيبة الكلية- إلى أدوات ردع قاسية، فيضعون امتحانات فوق مستوى العقل البشري أحيانًا، فتتضاعف الخسائر، ويتحول الفشل من حالة فردية إلى كارثة جماعية.
والأدهى أن الدولة، ممثلة في وزارة التعليم العالي، تلتزم الصمت. لا تقارير، لا لجان تقصّي، لا مراجعة لمعايير التقييم أو أسباب الانهيار. كأن فشل طلاب الطب لا يعني أحدًا، وكأننا لا نتحدث عن مستقبل مهنة تمس حياة الملايين. لا سبيل لإنقاذ كليات القمة دون مواجهة جذرية لثقافة الغش التي تغلغلت في مفاصل التعليم قبل الجامعي. المطلوب ليس مجرد تشديد الرقابة، بل إعادة صياغة منظومة التقييم ذاتها، بحيث تُصبح أكثر اعتمادًا على الفهم والتحليل والمهارات العملية، لا مجرد الحفظ والتلقين. يجب أن تعود المدرسة إلى دورها كمؤسسة حقيقية لبناء الإنسان، وأن تتوقف الدولة عن التعامل مع الثانوية العامة كسباق مجموع أو بوابة توظيف سياسي للرضا المجتمعي.
كما أن دخول كليات الطب يجب أن يرتبط -إضافة إلى المجموع- بمقابلات شخصية، واختبارات قياس قدرات واستعدادات نفسية وأخلاقية ومهارية، مثلما تفعل دول كبرى تحترم قيمة الطبيب ومكانته. فمهنة الطب لا تقبل التساهل، ولا تحتمل وجود من لا يملك شغف المعرفة أو ضمير المهنة. نحن أمام معركة طويلة، لكنها ممكنة، إذا بدأنا الاعتراف بالحقيقة: الغش جريمة تربوية، وإصلاح التعليم يبدأ من محاربته لا تبريره. فمن غشّ في البدايات، لا يُمكن أن ينجو في النهايات. والوطن الذي يحلم بأطباء أكفاء، يجب أن يبدأ من المدرسة، لا من مشرحة الجامعة. زويل وأمهات السوشيال ميديا! أين ذهبت الأصوات التي كانت تزلزل القبة؟ وأخيرًا.. كليات الطب في الجامعات الخاصة أضرت كثيرًا بخريجيها خصوصًا أنهم دخلوها بمجاميع تقل عن 80٪ كما أنها غير مؤهلة للتعليم الطبي. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا