عندما اندلعت موجة الربيع العربي المزعوم في نهاية العام 2010 وبداية العام 2011 في تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية، كنا في مقدمة من حاول فهم حقيقة ما يحدث، أولًا بحكم التخصص العام في علم الاجتماع والتخصص الدقيق في علم الاجتماع السياسي، وثانيًا بحكم الانتماء الإيديولوجي للمشروع القومي العربي، وثالثًا بحكم الوعي العام بأن ما يحدث لا يمكن أن يكون صدفة بنفس الأسلوب والطريقة في نفس اللحظة التاريخية في الدول الخمس.. وبالنسبة لي وزملائي من نفس الخندق الفكري أدركنا مبكرًا أن ما يحدث ما هو إلا مؤامرة كبرى على مجتمعاتنا العربية، ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد الذي يسعى لتقسيم وتفتيت هذه المجتمعات على أسس طائفية ومذهبية وعرقية، ونظرًا لفهمنا لطبيعة الصراع وحقائق التاريخ والجغرافيا، كانت قناعتنا تؤكد أن الدولة العربية السورية من بين الدول الخمس التي اشتعلت فيها نيران الربيع المزعوم وحدها القادرة على الصمود والتحدي.. فهي الدولة العربية الوحيدة التي مازالت متمسكة بالمشروع القومي العربي، في مواجهة المشروع الصهيوأمريكى، لذلك كان قرارنا الذهاب إلى سورية للدفاع أولًا عن الأمن القومي المصري، وثانيًا الدفاع عن الأمن القومي العربي، وأعلنا ذلك من فوق المنابر الإعلامية المختلفة التي تمكنا من الظهور عليها في تلك اللحظة التاريخية الخاصة.
وهنا يجب الإشارة إلى حقيقة هامة وهي أننا قبل لحظة الاصطفاف للدفاع عن سورية العربية، كانت لنا ملاحظات نقدية على طبيعة النظام السياسي الحاكم في سورية مثله مثل باقي أنظمة الحكم العربية، خاصة فيما يتعلق بالديمقراطية والحريات وتداول السلطة. فلم نكن لنبلع طريقة وصول الرئيس بشار الأسد لسدة الحكم في سورية، نحن الذين تصدينا لمشروع التوريث في مصر ورفضنا التمديد مرات ومرات لمبارك، ونادينا بالديمقراطية والحرية وتداول السلطة، لكن يجب الاعتراف أيضًا بأننا ورغم اعتراضنا على طريقة وصول الرجل للسلطة إلا أننا وخلال سنوات حكمه الأولى تأكدنا من أنه يمتلك رؤية وطنية تسعى للحفاظ على استقلال القرار السياسي لبلاده.. لذلك ظلت سورية معتمدة على الذات، ولديها مشروع تنموي مستقل، ولم تقع في براثن الديون والتبعية الرأسمالية الغربية، هذا إلى جانب تمسكه بالمشروع القومي العربي وثوابته، فلم ينجرف رغم الضغوط الأمريكية الشديدة لمهادنة العدو الصهيوني أو التطبيع معه، وظلت مقولة والده الراحل حافظ الأسد هي دليل العمل الذي يتحرك وفقًا له وهي "من الأفضل أن أورث شعبي قضية يناضل من أجلها على أن أورثهم سلامًا مذلًا"..
وجميعنا قرأ ما ذكره وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن بول في مذكراته بأن الرئيس بشار الأسد رفض في عام 2003 وبعد الغزو الأمريكي للعراق تنفيذ الأجندة الأمريكية المتعلقة بطرد المقاومة الفلسطينية من سورية، وقطع العلاقات مع محور المقاومة وعرقلة وصول السلاح لهم، وتطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني، وهي الدوافع الحقيقية للحرب الكونية على سورية والتي انطلقت في مطلع العام 2011.
وفي لحظة الاصطفاف كانت مصر في أضعف حالاتها، حيث تمكنت جماعة الإخوان الإرهابية من تصدر المشهد السياسي ثم الصعود تاليًا لسدة الحكم، بدعم ومباركة أمريكية صهيونية، وهنا كان علينا أن نعيد قراءة التاريخ البعيد والقريب، ونستخلص منه العبر، فالعلاقة بين مصر وسورية ضاربة في أعماق التاريخ، وما من غازي بدأ بسورية إلا وثنى بمصر.. لذلك كان موقفنا السريع بإعلان الانضمام لصفوف الدفاع عن سورية صمام الأمان للأمن القومي المصري والعربي، وبالفعل تمكنا من الذهاب إلى سورية ولقاء الرئيس بشار الأسد الذي أعلن صراحة تمسكه بثوابت المشروع الوطني السوري والمشروع القومي العربي المقاوم..
وكنا نعلم جيدًا أن المعركة ليست سهلة، وأنها حرب تكسير عظام، وبالفعل بدأت الحرب الكونية على سورية، وصمدت سورية شعبًا وجيشًا وقائدًا وصمدنا معها صمودًا أسطوريًا استمر أربعة عشر عامًا، لم نستسلم خلالها ولم نرفع الراية البيضاء، وتمسكنا بثوابت مشروعنا القومي العربي المقاوم وعضضنا عليه بالنواجذ..
ورغم كل المعاناة والدمار التي تعرضت له سورية إلا أننا كنا على قناعة بأن وجود الرئيس بشار الأسد في سدة الحكم هو الضمانة الوحيدة لبقاء سورية موحدة دون تقسيم أو تفتيت، واستمراره هو ضمانة وحماية لما تبقى من ثوابت المشروع القومي العربي المقاوم في مواجهة المشروع الصهيوأمريكى، وبالتالي هو الضمانة لمنع الخطر الداهم على الأمن القومي المصري والعربي.
واليوم وبعد ستة أشهر فقط من السقوط الدراماتيكي الغريب، والتغييب القسري المريب للرئيس بشار الأسد، الذي لا نعلم عنه شيء، فحتى اللحظة لا يمكن الجزم بأن الرجل حي أم أنه قد استشهد، لكن الحقيقة الدامغة التي يمكننا الاعتراف بها هي أنه وعلى الرغم من الأخطاء السياسية التي يقع فيها كل الحكام حول العالم وعبر التاريخ، فإن الرجل يصنف في خندق الأبطال الذين خاضوا معركة الشرف والكرامة دفاعًا عن أوطانهم.. فلم يستسلم للضغوط السياسية الأمريكية والصهيونية على مدار سنوات حكمه الأولى، وخاض حربا كونية استمرت لسنوات طويلة على بلاده، وفضل التغييب القسري المريب دون إعلان استسلامه، لذلك نعده حتى اللحظة في خندق الشهداء..
ماذا يفعل بنا العدو الأمريكي؟! هوامش على دفتر الجامعة الكرنفالية!
وبعد نجاح عملية التغييب يمكننا القول إن العدو الأمريكي وحليفه الصهيوني قد تمكنا من تحقيق أهداف مشروعهما، فسورية في ظل حاكمها الإرهابي الجديد المدعوم أمريكيًا وصهيونيًا قد قسمت فعليًا على الأرض.. وها هي الآن تعلن تخليها عن محور المقاومة، وتعلن ترحيلها وطردها للمقاومة الفلسطينية الموجودة على الأرض السورية، وأخيرًا ترحب بالاتفاقيات الابراهيمية والتطبيع والاستسلام للعدو الصهيوني، وبذلك تكون قد سقطت سورية وأصبح الأمن القومي المصري والعربي في خطر، وعلينا في مصر أن نعد العدة للمعركة القادمة مع العدو الأمريكي والصهيوني، اللهم بلغت اللهم فاشهد. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا