في زمن جمال عبد الناصر كانت الولاياتالمتحدة الأمركية عدو مصر الأول والسبب "فلسطين" وذلك بتعضيدها لإسرائيل كيانًا غاصبا لأراض عربية محتلة وكانت مصر وقتها في أوج قوتها حاضرة للعالم العربي مؤثرة في أفريقيا مؤيدة لجميع حركات التحرر، فضلا عن مساهمتها في إنشاء كيان متفرد هو عدم الانحياز وكان الاتحاد السوفييتي معضدا لمصر في التسليح والصناعة. وكان القرار مصريا بعدم الانحياز ولم تكن هناك علاقات بالمعني المتعارف عليه مع الولاياتالمتحدة التي كانت وقتها خارج حسابات مصر إلى أن قامت حرب أكتوبر سنة 1973 لتنتصر مصر في معجزة ترتب عليها تغيير التوازنات في الشرق الأوسط وقتها تغلغلت الولاياتالمتحدة وقد تدخلت عبر وزير خارجيتها الثعلب هنري كيسنجر صاحب دبلوماسية المكوك لتتوسط لوقف إطلاق النار وللإفرج عن الأسرى الإسرائيليين ليتنامى دورها في عهد السادات صاحب تعبير أن 99 بالمائة من أوراق اللعبة في يد أمريكا. وتتوالى الأحداث المثيرة حيث زيارة السادات للقدس في نوفمبر سنة 1977 وما تلاها من اتفاقيات كامب ديفيد ومعاهدة السلام ليلوح في المشهد تعبير المساعدات الأمريكية لمصر والتي اتخذتها أمريكا للتواجد في مصر من خلال وكالة أمركية تتولى الإشراف على إنفاق تلك المعونات فضلا عن معونات عسكرية ثبت أن أمريكا تستفيد من ورائها بتشغيل الآلاف من أبنائها المخلصين لها وبعض من الموالين لها. وتمضي السنين وتخرج مصر من دائرة الهمينة الأمريكية بعد ثورة 30 يونيو بعدما تكشف الدور الأمريكي في تعضيد الإخوان في حكم مصر وها هي مصر تلفظ الإخوان ليعزل الرئيس الإخواني وتهدد أمريكا بقطع المعونة وتزداد حمقا بالتدخل السافر في شئون مصر على نحو يستلزم وقفة ما قبل أمريكا تزامنا مع عودة الوعي والروح لمصر وها قد أثبتت مجريات الأمور أن مصر هي التي قدمت لأمريكا معونة لم تكن تحلم بها وهي التواجد الرسمي في القاهرة بالقرب من دوائر صنع القرار في زمن السادات وحسني مبارك ومحمد مرسي حماية لإسرائيل. وقد آن الوقت لقطع دابر أمريكا ومصر هي الرابحة صونا لكرامتها وحفاظا على أمنها القومي وقبل كل شيء تلقين أمريكا درسا مفاده أن مصر قوية بشعبها وتاريخها ولن ينتقص منها حجب معونة زائفة استفادت منها أمريكا على نحو يستوجب أن يصدر قرار مصري بقطع العلاقات مع الولاياتالمتحدة لأجل وضع نهاية عادلة لعلاقة شائنة مع عدو بغيض!