سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تفكك التيار المدني وسقوط الإسلام السياسي يدفع بالمصريين إلى الارتماء في حضن "العسكريين".. البرادعي افتتح موجة الاستقالات.. التيار الشعبي اكتفى بالتصريحات.. وتمرد تنقصها الخبرة السياسية
كشفت الاستقالات المتكررة لقيادات بالتيار المدنى فى مصر، والتى بدأها محمد البرادعى، عن أكذوبة هذا التيار الذى تحكمه عدد من المصالح الخاصة تهدد بتفجيره من الداخل، ومع تهاوى تيار الإسلام السياسى لم يعد أمام المصريين إلا البحث عن بديل قوى يحقق أمن وأمان المصريين، ويرى البعض أن البديل القوى المطروح على الساحة الآن هم العسكريون، تفاصيل كثيرة فى التالى: يرى سياسيون أن المصريين صدموا باستقالة الدكتور محمد البرادعى مرشح القوى الثورية داخل مؤسسة الرئاسة، خاصة أنه كان على علم بفض الاعتصامات ووافق على خطة الفض ليعلن استقالته بعد مرور نحو 12 ساعة من بدأ الفض، فى وقت عصيب تمر به مصر، ما أفقد المصريين والثوار الثقة فى أحد أقطاب التيار المدنى فى مصر. وبعد يوم من استقالة البرادعى كانت استقالة المتحدث الرسمى لجبهة الإنقاذ خالد داود وأحد الأنصار الداعمين للبرادعى فى الجبهة، وأعلنت جبهة الإنقاذ أنها تقف بكل قوة وصلابة خلف رئيس الجمهورية المؤقت ومجلس الوزراء والقوات المسلحة وسائر مؤسسات الدولة فى مواجهة التحديات التى تهدد الوطن فى هذه المرحلة الدقيقة، وأن أى استقالة من الحكومة لن تؤثر بحال من الأحوال على موقف الجبهة وعلى إصرارها على إنجاز خريطة الطريق فى المواعيد المحددة وإتمام المرحلة الانتقالية بنجاح، وأصيبت الجبهة بحالة من التخبط والانشقاق ما أفقد بعض المصريين الثقة فيما تتخذه من قرارات. وعقب استقالة البرادعى قدم العشرات من أعضاء حزب الدستور الذى يترأسه البرادعى، استقالات جماعية اعتراضًا على موقف البرادعى من جماعة الإخوان الإرهابية واعتصامى النهضة ورابعة العدوية، ليقولوا فى بيان لهم -وقع عليه عدد من الأعضاء المؤسسين والعاملين بحزب الدستور والأمانات المختلفة- أنه بسبب عدم اتخاذ موقف حاسم تجاه الأحداث السابقة والراهنة، تقرر بإجماع الآراء تقديم استقالة جماعية اعتراضًا على سياسة الحزب ورئيسه البرادعى، ما أصاب الحزب بالعديد من الاختراقات والتوجهات المختلفة، وخاصة المتأسلمة، ونتج عن ذلك العديد من الإضرابات والاستقالات والاعتصامات داخل مقر الحزب أكثر من مرة فى عام واحد. ونتيجة تلك الاختراقات ظهر عدد من الأعضاء المؤسسين باعتصام رابعة ومطالبتهم بالشرعية للرئيس المعزول، ولم يعلق الحزب على هذه الكارثة وكان الحزب متضامنًا معهم. كما قرر الدكتور عمرو حمزاوى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، وعضو مؤسس بحزب "مصر الحرية"، اعتزال العمل السياسى قائلًا: "لا سياسة اليوم فى مصر، ولا دور لى إلا فى إطار الدفاع المبدئى عن الحريات وحقوق الإنسان والاجتهاد مع آخرين للبحث عن مخارج ممكنة تباعد بين مجتمعنا وبين الاحتراب الأهلى، وتحمى السلم والعيش المشترك وتماسك مؤسسات الدولة، وكان على قمة المستقيلين أيضا مصطفى الجندى والدكتور أحمد دراج. الأحزاب السياسية المدنية فى مصر حتى الآن ما زالت ضعيفة بما فيها الأحزاب التى تمارس العمل السياسى فى مصر منذ زمن، فهى تعانى إما انشقاقا أو تشويشا فى الرؤية، ما أفقد الشعب الثقة فيهم، وبدأت خطوات الشارع المصرى سابقة بخطوات عن هذه الأحزاب السياسية والتيارات المدنية. أما التيار الشعبى الذى يقوده المرشح الرئاسى السابق حمدين صباحى فقد توقف نشاطه مؤخرًا إلا عن التصريحات، وعدد من الفعاليات فى عدد من المحافظات، بالرغم من بروز التيار الشعبى بشكل قبل ثورة 30 يوليو، لكن الأمر توقف بعدها إلا بمراقبة ما تسفر عنه الأحداث. وكان الأمل معقودا على شباب الثورة وعلى رأسهم شباب تمرد، فلهم رؤية سياسية واضحة واصطفاف شعبى، ولكن ليس لديهم القوة السياسية الجارفة التى تمكن الشعب من اختيارهم، سواء فى انتخابات البرلمان أو الرئاسة القادمة لخبرتهم السياسية التى تحتاج لأن تصقل. كما بدأ تيار الإسلام السياسى فى الانحسار داخل المجتمع المصرى ولدى المصريين بعد الأحداث الأخيرة التى قاموا بتأجيجها، وخاصة جماعة الإخوان التى سقطت بشكل مدوٍّ فى مصر، ما أفقد المصريين الثقة فى تيار الإسلام السياسى الذى ارتكب أحداثا دموية ضد المصريين فى الشوارع، فى كافة ربوع البلاد. وفى دراسة نشرت فى العدد الجديد من مجلة «دمشق» الأدبية الفكرية يقول إبراهيم الجبين، مدير تحرير المجلة، إن أبرز أخطاء «الإخوان» فى مصر إضاعتهم «لحظة تاريخية فارقة» فلم ينخرطوا «فى الدولة الحديثة»، مضيفا أن الجماعة بنت تصوراتها منذ تأسيسها عام 1928 على فكرة أن الدين فى خطر وأن الإسلام محاصر، وظلت تهدف لإعادة إحياء الخلافة الإسلامية فى أى مكان فى العالم بعد انتهائها فى تركيا على يد كمال أتاتورك. ويرى أن مشكلة «الإخوان» لا تخص الأفراد وإنما التنظيم القائم على البيعة والسمع والطاعة غير قابل للتطور، ويضيف فى دراسة عنوانها «مصر تخلى سبيل الإخوان» أن النكبة التى تعرض لها «الإخوان» فى مصر ترجع إلى فكر «الإخوان» أنفسهم وعبقريتهم الفائقة «فى صنع الأعداء» حتى يصطدم بالأزهر والكنيسة فى لحظة واحدة ناهيك عن المؤسسة العسكرية والقضائية والاتحادات المهنية والنقابية والطلابية فى البلاد، ويشدد الجبين أن مصر كانت دائما أكبر من حكامها منذ رمسيس إلى مرسى. ووسط كل هذه الأمواج العاتية التى تتقاذف التيار المدنى الليبرالى والتيارات الإسلامية لم يجد المصريون قدما ثابتة على الأرض إلى المؤسسة العسكرية التى أخذت زمام المبادرة لتحقيق مطالب الشعب المصرى من خلال خريطة الطريق التى أعلن عنها الفريق أول عبد الفتاح السيسى ما يدفع المصريين إلى التفكير فى البديل الأقوى داخل المجتمع المصرى، والذى يجنبه الشقاق والفتنة، ويجلب له الأمان، وهذا البديل لدى العسكريين.